لملمة الموقف أم التصعيد ؟
العدد 1647 /15-1-2025
ايمن حجازي
بعد أكثر من عامين من الشغور الرئاسي ، تمت عملية
الإنتخاب الرئاسي بقدرة قادر . وانتخب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا
للجمهورية اللبنانية الذي توج بإجماع اللجنة الخماسية الدولية المشرفة على الوضع
اللبناني العليل . وقد حاز الرئيس الجديد في نهاية المطاف وفي الدورة الثانية
للإنتخاب على أكثرية تسع وتسعين صوتا نيابيا مع معارضة التيار الوطني للجنرال عون
، واعتراض عدد من النواب على الجانب الدستوري الإشكالي لإنتخاب موظف من الفئة
الأولى رئيسا للجمهورية قبل مرور عامين على تركه للوظيفة وهذا ما كان يتطلب ويوجب
تعديل دستوري متوجب وفق هؤلاء المعترضين .
وكان المسار الإنتخابي الرئاسي قد شهد تحفظا من
قبل ثنائي أمل - حزب الله تم التراجع عنه في الدورة الثانية ما رفع الأصوات
المؤيدة لإنتخاب جوزيف عون من واحد وسبعين صوتا الى تسعة وتسعين صوت . وقد تم تذليل
عقبة تحفظ الثنائي على الإنتخاب الرئاسي قبل أن ينفجر الوضع السياسي في نهاية
المشاورات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس المنتخب لإختيار رئيس جديد للحكومة
العتيدة . فبعد أن بات النائب فؤاد مخزومي ليلته على وعد ترشيحه من قبل حزب القوات
اللبنانية وقوى مسيحية أخرى ، استيقظ جمع من النواب على طلب سعودي بسحب ترشيح
المخزومي إفساحا في المجال أمام نواف سلام الذي سيكون قادرا على هزيمة نجيب ميقاتي
بلا شك خصوصا بعد إنقلاب وليد جنبلاط على شبه وعد منح من الأخير لحليفه "
الثابت " نبيه بري بتأييد ترشيح الميقاتي . وبما أن ترتيب مواعيد المشاورات
النيابية قدمت النواب المستقلين على الكتل
النيابية الكبرى ( خلافا للعادة ) ، دخل الرئيس نبيه بري الى المشاورات النيابية
وهو خالي الوفاض . بعد أن حسمت المعركة ووصل رصيد نواف سلام الى ثمانين صوتا ، ما
دفع نواب أمل وحزب الله الى عدم تسمية أحد لتولي رئاسة الحكومة . وقد شعر القوم
أنهم قد غدر بهم ، بفعل تراجع البعض عن تعهدات سابقة بدعم استمرار نجيب ميقاتي في رئاسة الحكومة . ما دفع برئيس
كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد الى رفع السقف السياسي والحديث عن
محاولة إقصاء المكون الشيعي واستبعاده في المرحلة المقبلة كنتيجة طبيعية للحرب
الإسرائيلية التي شنت على حزب الله طوال الأشهر الماضية . والتي أدت الى استشهاد
أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وعدد كبير من قيادات الصف الأول في الحزب .
وقد طرح النائب رعد في مقابل ذلك ميثاقية الخطوات المتخذة باتجاه تشكيل الحكومة
الجديدة ، داعيا الأطراف السياسية المناوئة الى تجربة أنفسهم والى مواجهة
الإستحقاقات السياسية الكبرى التي تواجه البلد .
في مقابل هذا الغضب " الرعدي " سعى
الرئيس نواف سلام ومن خلفه الرئيس جوزيف عون الى تنفيس الإحتقان القائم من خلال
إطلاق خطاب إيجابي واضح أعرب فيه الرئيس المكلف نواف سلام عن انه " في فطرته
وتكوينه ضد الإقصاء والإستبعاد ... وأنه مع الوحدة والشراكة الوطنية وأن يداه
الإثنتين ممدودتان في مواجهة الهواجس "في رد مباشر على مقالة النائب رد بقطع اليد الممدودة . وفي موازاة ذلك كان
رئيس الجمهورية المنتخب يطبق خطابا وديا أمام نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي
الأعلى الشيخ علي الخطيب والوفد المرافق مستحضرا مقولات للإمام السيد موسى الصدر
ولافتا النظر الى أنه جنوبي المولد والإنتماء وأنه رفض تقبل التهاني بإنتخابه
إحتراما لدماء الشهداء الذين سقطوا في الأشهر الماضية خلال العدوان الصهيوني
الأخير . وهذا ما شكل محاولة عاجلة لملمة
الوضع وتفادي إنفراط الوضع السياسي
الإيجابي في مطلع العهد الجديد ما يمكن أن يشكل إحباطا مؤلما لكل من استبشر خيرا
بإنهاء الشغور الرئاسي وإنتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهوؤية .
أيمن حجازي