العدد 1572 /26-7-2023
أيمن حجازي

ما زال الإستحقاق الرئاسي اللبناني يغفو في ثبات عميق ، لتتقدم عليه أولويات أخرى كان في طليعتها إستحقاق خلو منصب حاكم مصرف لبنان الذي يلعب دورا رئيسيا وحاسما في الشأنين المالي والإقتصادي في الوطن اللبناني الحبيب . فبعد جلسة ١٤ حزيران الأخيرة التي كانت مخصصة لسد الفراغ الرئاسي ، عمت حالة إنتظار شاملة لدى كافة الجهات اللبنانية لإجتماع اللجنة الخماسية الدولية والإقليمية التي منحت نفسها الحق في معالجة الوضع اللبناني المتأزم والمتوج بفراغ رئاسي مميز . وبات الجميع يسترق السمع من الجهات الديبلوماسية والمخابراتية العربية والدولية لمعرفة حقيقة المداولات التي حصلت في اجتماع الدوحة الأخير وفي ماخلص اليه ذلك الإجتماع الذي ضم ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر .

بعد اجتماع الدوحة المشار اليه توجه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان في حين توجه وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد عبد العزيز الخليفي الى العاصمة الإيرانية طهران . ما يوحي بأن المباحثات التي يقوم بها أعضاء اللجنة الخماسية لم تنتج أمرا حاسما خصوصا لجهة التوصل الى اسم متفق عليه كي يطرح في البورصة الرئاسية اللبنانية ومن ثم يتم تسويقه لدى القوى السياسية اللبنانية الكبرى . وفي التفاصيل ظهر أن الذين يسترقون السمع معنيين بالسؤال عن التوجه الفرنسي الجديد إن كان قد انخلع عن أجندته السابقة التي تتضمن اسم سليمان فرنجية كرئيس قادم للجمهورية . وهذا ما تتحمس له قوى معسكر ١٤ اذار السابقة . وذلك في مقابل تأكيد الأطراف اللبنانية المقابلة على عدم صحة هذه المعلومات وعلى إصرار ثنائي أمل - حزب على ترشيح فرنجية والتمسك بهذا الخيار الرئاسي . وفي استكمال لاستحضار المعلومات المسربة من اجتماع اللجنة الخماسية ، تجزم بعض الأوساط أن الأمريكيين والقطريين والمصريين يميلون الى ترجيح كفة العماد جوزف عون في الموضوع الرئاسي ويعملون على حشد قوى سياسية واجتماعية من منابت شتى لإطلاق حملات تضامن مع هذا الترشيح وهذا ما ظهر جليا من خلال بعض التحركات . وتضع هذه المعلومات زيارة الوزير القطري الى طهران في إطار لتذليل العقبات من أمام العماد جوزف عون للولوج الى قصر بعبدا .

في هذه الأثناء ومع انتهاء ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان ، ومع رفض الرئيس نبيه بري لتسلم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان مهام الحاكمية نظرا للتبعات السياسية السلبية لتولي هذه المهام من قبل شخص محسوب على رئيس المجلس النيابي ، فوجئت الأوساط السياسية اللبنانية بإعلان الرئيس بري بأن مجلس الوزراء سيعمد الى تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان بعيدا عن كل الطروحات السابقة التي كانت تتمحور حول استقالة نواب الحاكم الأربعة ومن ثم تكليفهم بتسيير الأعمال في المصرف المركزي . وذلك في وقت أن إعلان بري مغامرة كبرى إن لم تكن مستحيلة في ظل رفض القوى النيابية المسيحية وحزب الله تعيين حاكم جديد في ظل الشغور الرئاسي . ويتساءل الجميع عن الأسباب التي دفعت الرئيس بري الى إعلان التوجه نحو تعيين حاكم جديد قبل بضعة أيام من إنتهاء ولاية الحاكم لحالي رياض سلامة . قد تكون هناك موافقة خارجية وخصوصا فرنسية على الإقدام على هذه الخطوة ولكن الرفض المسيحي المحلي عام وشامل . إلا أن بعض المعطيات تشير الى إغراءات قد يلجأ اليها بري قد تسيل لعاب بعض القوى المسيحية من مثل تعيين الوزير القواتي السابق كميل أبو سليمان حاكما للمصرف . ما يعتبر في الميزان المحاصصة الطائفية غطاء مسيحيا قواتيا لخطوة تعيين حاكم جديد . ولا يستبعد البعض أن تكون بعض الإتصلات قد وصلت الى بكركي والديمان لتأمين مرور آمن للتعيين المنشود دون إثارة أجراس الأحد وعظات كبار الكهنة والأكليروس . ويتوغل البعض في الحديث عنهذا الموضوع من أن القضية وصلت الى الفاتيكان التي قيل لأصحاب القرار فيها : " إن حاكم لبنان الأكثر تأثيرا والأفعل في بنية الدولة اللبنانية في ظل نظام الطائف هو حاكم المصرف المركزي فإن كان مسيحيو لبنان غير قادرين على المحافظة على رئاسة الجمهورية فليحافظوا على جمهورية المصرف المركزي " ... فهل هذه المعلومات صحيحة ؟ الله أعلم . وما علينا إلا الإنتظار ... إنتظار الإسم الجديدلفخامة حاكم مصرف لبنان ... ومن ثم إنتظار الزمن الذي يسمح بمعرفة الإسم الجديد لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية إن قدر لنا أن نعرف .

أيمن حجازي