العدد 1659 /16-4-2025
أيمن حجازي
تكثفت
في الأسبوع الأخير تحركات أركان الحكم اللبناني المتجهة نحو العمق العربي ، فكانت
محطة الرئيس جوزيف عون في قطر وكانت وجهة الرئيس نواف سلام نحو دمشق . ولكل من
المحطتين طابع وملفات مطروحة ، حيث يغلب على المحطة القطرية طابع الشكر والإمتنان
في كل ما قام به المسؤولون والقادة القطريون من جهود متنوعة خلال العامين الماضيين
. فيما غلب على المحطة الدمشقية طابع استكمال عملية التطبيع مع الحكم السوري
الجديد والتي ابتدأها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عندما بادر الى زيارة دمشق
في وقت مبكر .
وكان
واضحا أن الملفات التي حملها الرئيسين الى كلا العاصمتين مختلفة بعض الشيء ولكنها
تصب في هدف واحد يخدم انطلاقة العهد اللبناني الجديد والحكومة السلامية الوليدة .
في
قطر تبحث أمور على علاقة بإستمرار الرعاية العربية المواكبة للوضع اللبناني والموازية
للإمساك الأمريكي بالوضع العدواني الصهيوني على الجبهة اللبنانية والذي يتخذ في
عنوانه الرئيس القرار الدولي ١٧٠١ . ويضاف الى ذلك ، التطلع اللبناني الرسمي
للإسهام الإقتصادي القطري في الشأن النفطي اللبناني المتصل بإستخراج الثروة
النفطية اللبنانية المودعة في أعماق
المياه على الشاطيء اللبناني للبحر الأبيض المتوسط . وللتباحث مع الجانب القطري
صلة بإستعانة القادة الرسميين اللبنانيين بالدوحة في السعي لعقلنة سلوك بعض
الفرقاء اللبنانيين الجامحين الذين يمعنون في تظهير مواقف سياسية متطرفة في
التناغم مع السياسات الأميريكة والأوروبية المتعددة . ويشهد الكثير من المراقبين
على أن الدوحة كانت تساهم في تدوير الزوايا على أكثر من مستوى محلي لبناني واقليمي
ودولي . كما هو دورها التوسطي في الميدان
الديبلوسي المحتدم بين القادة الصهاينة والمقاومة الفلسطينية .أما ملفات الرئيس
نواف سلام المحمولة الى دمشق فإنها مثقلة بالهموم والشجون منها الأمني - الحدودي ،
ومنها الأمني الداخلي ، والإقتصادي ، والإجتماعي الذي قد يحمل عنوان النزوح المكثف
، هذا فضلا عن مزارع شبعا والدور الإسرائيلي المتشعب في مواجهة لبنان وسوريا
المهددين على الدوام من قبل الصهاينة .
لا
وقت لنواف سلام كي يفتح كل هذه الملفات مع الرئيس أحمد الشرع ولكن يجب جدولتها
وتثبيتها وضرب مواعيد لاحقة لمناقشة استحقاقاتها القادمة أو الداهمة أو المفاجئة .
ولا يخفى على أحد أن إحدى سيناريوهات العدوان الإسرائيلي الرائجة ، هو أن يسكتمل
الصهاينة خطواتهم اللبنانية من خلال هجوم يستهدف منطقة البقاع إنطلاقا من الآراضي
السورية المحتلة وغير المحتلة .
في
هذا الخضم من الحراك اللبناني الرسمي حيال العمق العربي ، تبرز الزيارة التي قام
بها الموفد السعودي يزيد بن فرحان الى العاصمة اللبنانية والتي لا يمكن فصلها عن
جملة الجهود المبذولة لمعالجة الملفات المستعصية أو العالقة ، حيث لا يمكن اللقاء مع الرئيس نبيه بري دون
التطرق الى الوضع الجنوبي بكافة جوانبه الأمنية والعسكرية والإعمارية المتشعبة .
إنها
ورشة الحكم اللبناني الذي وضع لها الرئيس جوزيف عون في الدوحة عنوان حصرية السلاح
بيد الدولة ولكنه أضاف له عنوان آخر يتمثل بالحوار لتحقيق هذا الهدف . والمقصود هنا حوار الدولة
مع حزب الله بعيدا عن الهدف الذي وضع نصب أعين المتطرفين اللبنانيين الذين لا
يخفون رغبتهم في " نزع " سلاح حزب الله مع كل ما تحمله مفردة نزع من
علامات فتنوية حربية أهلية ممجوجة . والنزع المشار اليه عملية إهانة وطنية عميقة
تطال كل من كان له إسهام في تحقيق إنجاز ما لهذه المقاومة اللبنانية التي طردت
الإحتلال الغاشم من العاصمة في صيف ١٩٨٢ وأبعدته الى حدود نهر الأولي - باتر في
صيف ١٩٨٣ وأجبرته على الفرار من صيدا وصور والنبطية ومعظم أنحاء الجنوب في شتاء
وربيع ١٩٨٥ ومن ثم انتصرت عليه في أيار ٢٠٠٠ وعادت وكسرت جيشه المتغطرس في صيف
٢٠٠٦ . يجب أن يخجل دعاة نزع السلاح المقاوم من أنفسهم ومن حب الوطن الذي يدعونه .
والإهانة المشار اليها تشمل أناس لهم صفات رسمية أو شعبية مختلفة وهم ليسوا
محصورين في صفة حزبية محددة . هذا فضلا عن إهانة الشهداء ... شهداء الوطن العزيز .
شعار نزع السلاح والثرثرة به إهانة لكل الوطن .
أيمن حجازي