العدد 1560 /26-4-2023
هل صحيح أن توافقا سياسيا
قد حصل بين الفرنسيين وحزب الله حول الإنتخابات الرئاسية اللبنانية ، وأن إسم سليمان
فرنجية يجمع بين الجانبين في استحقاق تاريخي يجمع بين الحزب الذي يمتلك رمزية صراعية
مع الغرب الأوروبي والأمريكي وبين الأم الحنون الفرنسية التي كانت على الدوام تشكل
الحضن الدافىء للمسيحيين اللبنانيين . إنه سؤال يرد عليه وفق كل المعطيات بالإيجاب
المترامي الأطراف الذي يمتد ويتصاعد ليترجم جهودا فرنسية حثيثة لإقناع المملكة العربية
السعودية بهذا الخيار الرئاسي الذي تأخرت ولادته لأكثر من سبع سنوات . ولا يتورع هذا
الدور الفرنسي عن مخاطبة القوى المسيحية اللبنانية والكنيسة المارونية بهدوء وواقعية
وإتزان .
فقبل سبع سنوات اقتنعت الإدارة
السياسية الفرنسية بسليمان فرنجية وسعت الى إقناع الرئيس سعد الحريري بهذا الخيار السياسي
وأفلحت في ذلك ، ولكن سمير جعجع المشتبك دوما مع فرنجية قلب الطاولة وذهب الى الرابية
كي يوجه دعوة مفتوحة للعماد ميشال عون الى تفاهم معراب الذي لم تكتب له الحياة لأكثر
من عشرة أشهر . وتم العمل على استقطاب الرئيس الحريري وخطفه من المسعى الفرنسي الذي
لم يعرقل ملء الشغور الرئاسي الذي طال أمده آنذاك . فولدت التسوية الرئاسية التي أعادت
ميشال عون الى قصر بعبدا وأعادت سعد الحريري الى السراي الكبير .
اليوم يرفع الفرنسيون أمام
الجهات المسيحية كافة شعار سليمان فرنجية أو الفراغ ، في موازاة الشعار الأميركي الذي
يقول بمخايل الضاهر أو الفوضى الذي صاغه لقاء مورفي - الأسد في صيف عام ١٩٨٨ . وفي
كلا الشعارين تنصل فرنسي ومن قبله تنصل أميركي من العامل الذي يدفع الى القبول بالخيار
الرئاسي السوري في عام ١٩٨٨ وبالخيار الحزب اللهي في عام ٢٠٢٣ . فالفوضى قبل خمس وثلاثين
سنة ليست "صناعة أميركية " والفراغ ليس صناعة فرنسية . بل إن واشنطن وباريس
في كلا الحالتين تمارس دور الناصح الأمين وهما لا يملكون ما يدفع النفوذ السوري في
منتصف الثمانينات ولا سطوة حزب الله في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين .
ليس في اليد حيلة فالأميريكيون
بالأمس والفرنسيون اليوم يثيرون الشفقة . ولا تظنوا أيها اللبنانيون الظن السيء بالإدارة
الأميريكية أو بالإدارة الفرنسية . ولا تشكوا بالنوايا ولا تفترضوا أن عنوان السياسة
الفرنسية في لبنان منذ أكثر من سبع سنوات هي شركة Total التي سيكون لها
الدور الأبرز في التنقيب عن مصادر الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط . ولا تظنوا
أيها اللبنانيون أن واشنطن مشغول بالها على النفط والغاز الذي ينبغي أن يتدفق من منطقتنا
نحو أوروبا وأمريكا ...
أيها اللبنانيون أحسنوا الظن
بالأمريكاني والفرنساوي وترجموا مواقفهما ترجمة سليمة ، فلم يكن لليونة الأميريكية
- الصهيونية في المفاوضات البحرية بين لبنان والعدو الصهيوني علاقة بالخشية من القوة
التي لوحت بها المقاومة أبدا ....!!!!!!
يهمس قادة مسيحيون بما شعروا
به من إهمال النزعات الزعامية المنتشرة في الساحة المسيحية التي يضاف اليها وفق هؤلاء
الإغراق المتعمد للساحة اللبنانية للنزوح السوري المكثف منذ عام ٢٠١١ .وبتأمين العناصر
المشجعة لإستمرار هذا النزوح وتحويله الى وجود متجذر في الواقع اللبناني أو تحويله
الى مشكلة أمنية ضاغطة من خلال إثارة ردود فعل عنصرية ضد النازحين السوريين وما يلي
ذلك من تداعيات طائفية سلبية .
نعود الى السؤال الرئيس في
هذه الآونة : هل توافق الفرنسيون مع حزب الله في الإنتخابات الرئاسية ؟ ويأتي جواب
البعض من خلال ما حصل في قصر الصنوبر خلال زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الى لبنان بعد
انفجار المرفأ في ٤ آب ٢٠٢٠ . فقد نسب الى سيد قصر الأليزية انه خاطب الحاج محمد رعد بما معناه " وهل تتركني أدافع عنكم وانت صامت "
.
أيمن حجازي