العدد 1631 /25-9-2024
أيمن حجازي

رغب القادة الصهاينة في أن يرفعوا شارة النصر في غزة، وأن يؤكدوا هذا الأمر من خلال التوجه الى الجبهة الشمالية التي أتعبتهم وشكلت عامل ضغط فاعل . وباتت قضية أولئك القادة في تلك الجبهة متحركة تحت عنوان إعادة سكان مستوطنات الشمال الفلسطيني المحتل الى ديارهم التي سبق لهم أن أغتصبوها قبل عشرات السنين . وقد قابل هؤلاء القادة اصرار المقاومة اللبنانية على التضامن مع المقاومة في قطاع غزة ، بمخطط يستند الى تقدم تكنولوجي أميركي اوروبي نفذت من خلاله هجمات شاملة من خلال تفجير مركزي لأجهزة الpager وللأجهزة اللاسلكية ما أدى الى سقوط مئات من المقاومين بين شهيد وجريح تركزت معظم جراحاتهم في الوجوه والأعين والأيدي . ثم اتبع الصهاينة كل ذلك بعملية اغتيال ضخمة في محلة الجاموس في الضاحية الجنوبية طالت عددا من قادة المقاومة الميدانيين.

وعندما تبين للقادة السياسيين والعسكريين الصهاينة أن المقاومين اللبنانيين لم يرتدعوا على الرغم من الضربات الثلاث التي حصلت تباعا أيام الثلاثاء والأربعاء والجمعة من الأسبوع الماضي ، بدأ سلاح الجو الإسرائيلي حملات عنيفة ليلية ونهارية طالت كافة قرى الجنوب والبقاع . بالإضافة الى عمليتي اغتيال حصلتا في بئر العبد والغبيري فشلت إحداها في الوصول الى القائد المقاوم علي كركي ونحجت الأخرى في إصابة القائد ابراهيم قبيسي إصابة أدت الى استشهاده . وقد ارتكبت دولة اسرائيل مجزرة جديدة عندما أنجزت آلتها العسكرية قتل ما يقارب من ٧٠٠ شهيد خلال ٣٦ ساعة . وقد كان هؤلاء في معظمهم من المدنيين الذين دمرت منازلهم على رؤوسهم وبوحشية مماثلة للوحشية الصهيونية التي ظهرت في غزة خلال الأشهر الإحدى عشر الأخيرة .

لقد قابلت المقاومة اللبنانية كل هذه الهجمات الأمنية والعسكرية المتنوعة خلال الأسبوع المنصرم ، بإستمرار استهداف صواريخ المقاومة ومسيراتها للعمق الصهيوني . فقد وصلت هذه الصواريخ الى المستعمرات القريبة من تل أبيب التي تم تحييدها لمصلحة معادلة ردع تحمي العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية التي تعتبر المعقل الرئيس للمقاومة اللبنانية . ولكن مركز قيادة الموساد في تل أبيب لم يتم تحييده حيث تم استهدافه صبيحة يوم الأربعاء في ٢٥ أيلول الجاري بصاروخ باليستي من نوع (قادر) . وقد حصل هذا الإستهداف المشار اليه تتويجا لعمليات القصف المتوسطة التي أدت الى نشوب حرائق وتدمير منشآت في العمق الصهيوني . هذا في الوقت الذي اعتبرت فيه المقاومة اللبنانية أن ضرب مركز الموساد ، هو ضرب للمركز الذي يتخذ قرارات الإغتيال فضلا عن قرارات تفجير ال pager واللاسلكي . أما الخبراء العسكريون داخل الكيان الصهيوني وخارجه فأنهم يؤكدون أن الصواريخ الثقيلة التي يملكها حزب الله فإنها لم تستعمل بعد . حيث تم الإكتفاء بصواريخ متوسطة من طراز فادي ١ و٢ و٣ تؤلم البنية الصهيونية وتؤجل حجما أكبر من الإيلام الى مراحل قادمة قد تكون أكثر عنفا وتصعيدا . هذا الواقع أكد صمود المقاومة وصلابة عودها ، وثبتت قيام إرادة لبنانية حرة تبغي الإستمرار في التضامن مع غزة الجريحة الذبيحة .

ابتداء من مساء الثلاثاء في الرابع والعشرين من أيلول الجاري ، ونتيجة لهذا الصمود الذي أظهرته المقاومة اللبنانية بدأت تظهر ملامح تغيير في اللهجة الإعلامية والديبلوماسية الصهيونية . وقد اتجهت هذه اللهجة نحو التوهين من عنتريات يو اف غالانت وزير الدفاع الصهيوني ورئيس حكومته الذين نثرا أجواء مزيفة عن إنتصارات صهيونية حاسمة تحققت ضد المقاومة اللبنانية خلال الأسبوع المنصرم . ما فتح الباب أمام ما أسماه المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة جهودا ديبلوماسية مفترضة . والمعروف أن الحاجة الى هذه الجهود الديبلوماسية يلجأ اليها القادة الصهاينة عندما يعيشون مآزقهم المتنوعة التي تدخلهم بها قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية .

لعل شارات النصر الصهيونية في غزة قد بهتت أمام حرب الإستنزاف التي تقودها المقاومة الفلسطينية هناك ، وها هي شارات النصر المرفوعة على الجبهة الشمالية تتمزق وتتساقط وتتهاوى تحت وطأة الرماة ... رماة الصواريخ ، صواريخ الحق والحقيقة . وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . صدق الله العظيم .

ايمن حجازي