العدد 1605 /13-3-2024
أيمن حجازي
ما زال التلهي بمعالجة معضلة الشغور الرئاسي
مسيطرا على الساحة المحلية، في ظل حديث متكرر عن أن مبادرة كتلة الاعتدال الوطني
ما زالت على قيد الحياة. وذلك بالتزامن مع نفي متعدد المصادر لصحة بيانات النعي
المتعلقة باللجنة الخماسية العربية الدولية المنتدبة لحل عقد الشغور الرئاسي
اللبناني. يحدث كل ذلك تحت وطأة الحرب المشتعلة على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية
المواكبة لحرب غزة التي دخلت شهرها السادس. وهي حرب مرشحة للتوسع والتضخم والتحول
إلى حرب إقليمية تنخرط فيها أطراف أخرى يبدو في طليعتها الطرف الإيراني الذي يشكل
نواة ما يطلق عليه محور الممانعة والمقاومة.
وكانت الأطراف المحلية المناوئة للمقاومة
اللبنانية قد عملت خلال الأسابيع القليلة الماضية على اجترار مواقفها الرافضة
للانخراط في فتح الجبهة اللبنانية نصرة لمعركة غزة. وقد لجأت هذه القوى إلى استخدام
لغات مختلفة كان من بينها اللغة الطائفية، حيث تم جر البطريركية المارونية إلى هذا
الميدان فكانت رأس حربة خاطبت من خلالها الجمهور اللبناني بشكل عام والمسيحي بشكل
خاص ساعية إلى تجنيب الساحة اللبنانية ويلات الحروب الصهيونية. ولم تغب عن هذه
الحملة بعض الأصوات النيابية الإسلامية التي كان في طليعتها النائبين أشرف ريفي
وفؤاد مخزومي وآخرين.
وقد كان لاستشهاد ثلاثة مقاومين من الجماعة
الإسلامية في بلدة الهبارية في جنوب لبنان في غارة جوية صهيونية خلال قيامهم
بواجبهم الجهادي، الأثر البالغ في التعبير عن موقف حاسم يتبناه الشارع الإسلامي
اللبناني في تأكيد وجوب التضامن مع مقاومي غزة الأبية. وذلك بالتكامل مع الجهد
الشامل المبذول من قبل حزب الله في المعركة المفتوحة ضد الجيش الصهيوني منذ الثامن
من أكتوبر الماضي. وقد تكامل هذا الموقف الشعبي الإسلامي أيضا مع الموقف الرسمي
اللبناني المعبر عنه وفي أكثر من مناسبة على لسان الرئيس نجيب ميقاتي وعلي لسان
وزير الخارجية عبد الله أبو حبيب ومفاده تثبيت أولوية وقف المذبحة الكبرى التي
يرتكبها صهاينة بني إسرائيل في قطاع غزة. وحيث تم إحباط كافة الجهود الصهيونية
المبذولة لفرض تفسير انحيازي مزور للقرار الدولي ١٧٠١ الذي يختصر بضرورة إعادة
المستوطنين الصهاينة إلى المنازل والمرافق التي اغتصبوها في شمال فلسطين المحتلة.
دون الأخذ بعين الاعتبار أيا من القضايا التي يتطلبها ذلك القرار الدولي والتي
تشير إلى وجوب تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا
وقرية الغجر والقرى السبع.
لقد استقالت القوى اللبنانية المناوئة للمقاومة من
شعاراتها السيادية وباتت تكرر مقولاتها المتهافتة حول عدم "التحرش"
بالكيان الصهيوني وعدم ربط الجبهة اللبنانية بجبهة غزة وما يلي ذلك من مقولات
خالية من الحرص على المصلحة الوطنية اللبنانية والمصلحة العربية حتى لو فرط بها
الحاكمون العرب. ولا يبدو أن هذه القوى السياسية باتت مكتفية بموقفها المضاد لعمل
المقاومة، بل إنها بدت في الآونة الأخيرة عازمة وبقوة على العودة إلى طروحات
الفدرلة التقسيمية التي ترد وحدة الكيان اللبناني وتعرض المصير الوطني لمخاطر جمة
وتقدم خدمات مجانية للمخططات الصهيونية المعادية التي تريد شرا بالمنطقة العربية
الرازحة تحت مشكلات عديدة تطال حرية قرارها السياسي وإرادتها السياسية.
وتبرز في هذا الخضم موضوعات سياسية متفاوتة
الأهمية، منها ما هو اقتصادي ومالي ومنها ما هو استحقاقي كالانتخابات البلدية التي
تم الإعلان عن مواعيدها المفترضة دون وجود ثقة حقيقية بجدية إجرائها وذلك استكمالا
لحلقة التلهي المشار إليها بداية ريثما تسنح الفرصة لطرح أمور جدية في الوطن
اللبناني الحبيب.
أيمن حجازي