العدد 1617 /12-6-2024

تكاثرت المبادرات السياسية المحلية وأندلقت ، في سبيل إيجاد مخرج سليم لأزمة الفراغ الرئاسي المستفحلة التي تكاد تنهي عامها الثاني . فبعد كتلة الإعتدال الوطنى انبرى اللقاء النيابي الديموقراطي والحزب التقدمي الإشتراكي الى إطلاق مبادرة قيل أنها منسقة مع القطريين والفرنسيين ومع الرئيس نبيه بري ... وهذا ما دفع النائب جبران باسيل الى خوض غمار المبادرات لعل ذلك يؤمن له لقاءات مع أشخاص اشتاق الى رؤيتهم وباعدتهم عنه الليالي والأيام بكل ما حفلت به من تناوش وتناهش و" نكزات".

ازدحمت المبادرات تحت سمع وبصر اللجنة الخماسية ، دون الدخول المعلن بأسماء لتسوية مفترضة . بل اقتصر الأمر على طرح آليات تفصيلية لكيفية حصول العملية الإنتخابية الرئاسية بسلاسة مطلوبة في هذا الزمن المليء بالتعقيدات المتشعبة . وباتت المبادرات تلك غير متنافسة بل إنها في بعض الأحيان متقاطعة ويمكن أن تتحول الى مبادرات متعاونة . وهذا ما يمكن أن يتكرس بعد اللقاء المفترض بين رئيس اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط ورئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل والذي قد ينتج عنه نقاط تعاون مفترضة . خصوصا أن الجانبين يستندان في حراكهما الى تفاهم واضح مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورؤيته حول الحوار أو التشاور الذي يجب أن يسبق الإنتخابات الرئاسية اللبنانية . ويلاحظ هنا أن الحراك الأخير الذي قام به باسيل قد باعد أكثر المسافة الفاصلة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية الذي قرأ رئيسه ما جرى يعكس إستسلاما باسيليا لإرادة الرئيس نبيه بري . علما أن بعض المراقبين قد لاحظ في الآونة الأخيرة تهدئة على خط العلاقة بين بري وباسيل تلاها علامات ميدانية لتقارب إنتخابي في عدد من الدوائر الإنتخابية . وقد تكون زيارة جبران باسيل الى النائب السابق ابراهيم عازار خلال زيارته الى جزين التي حصلت قبل بضعة أسابيع مؤشر على هذا التقارب المفترض .

النائب بلال عبدالله عضو اللقاء النيابي الديموقراطي يقول أن لا كوة في جدار الأزمة الرئاسية قد فتحت ، وأن التقدم الطفيف الذي سجل في مبادرة الحزب التقدمي الإشتراكي ليس حاسما . وفي موازاة ذلك يرى الكثير من المراقبين أن المشهد الدولي والإقليمي لا يزال هو العامل المتحكم في الإنتخابات الرئاسية اللبنانية . وأن ذلك المشهد يقف عند حدود غزة ويمر بشمال فلسطين وجنوب لبنان حيث تلتهب أوار حرب تاريخية ساخنة يسقط فيها يوميا مئات من الشهداء الفلسطينيين وعشرات من الشهداء اللبنانيين .

لا بأس من إستمرار المبادرات السياسية المحلية المتحركة تحت عنوان إنهاء الشغور الرئاسي ، فهي مبادرات تتحرك في الوقت الضائع وقد تعين اللبنانيين على تنفيس الإحتقان النفسي الذي يتخبطون فيه . وبالتالي التعايش مع النكبات الإجتماعية والإقتصادية والمالية التي تحل بهم . وبناء على كل ما تقدم فإن بعض المواطنين اللبنانيين قد يتوجهون بالشكر الجزيل الى أصحاب تلك المبادرات السياسية المحلية وقد يتخلون عن اللجوء الى الشتائم في التعاطي مع السياسيين اللبنانيين وفي ذلك فائدة تربوية كبرى تطال أطفالنا وأجيالنا الصاعدة .

يقال في بعض المحافل أن سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري يبتسم إبتسامة مفعمة بالسخرية ، عندما يمر ذكر بعض المعنيين بالمبادرات السياسية المحلية . في إشارة واضحة من هذا الرجل الذي يؤكد البعض أنه بات ضليعا بالوضع السياسي اللبناني ، على عقم هذه المبادرات التي تقل بفاعليتها عن المبادرات الخارجية التي تصاغ على أيدي الأميريكيين والفرنسيين والسعوديين والقطريين والمصريين ومن ورائهم بشكل طبيعي الإنكليز . ولكن الإستسلام لمقولة عقم المبادرات السياسية المحلية تفضي الى ركود سياسي لبناني قاتل يوحي بوجود قرار إعدام بحق السياسة اللبنانية البائسة التي تعاني ما تعاني وتبحث دائما عن عوامل إحياء قد تنعشها وتنعش رموزها الهرمين الذين يثيرون في كثير من الأحيان الشفقة .

أيمن حجازي