العدد 1579 /13-9-2023
أيمن حجازي
في عام ١٩٨٩ اقدمت جامعة الدول العربية على تشكيل
لجنة ثلاثية من السعودية والمغرب والجزائر لبذل مساع تفضي الى حل الأزمة اللبنانية
المستعصية آنذاك . وفي وقتنا الحالي تم تشكيل اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات
المتحدة الأميريكية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر ، بغية حل المعضلة اللبنانية
الحالية ورأس سنامها الشغور الرئاسي الشائك الذي يكاد يتم عامه الأول بعد بضعة
أسابيع . في حالة اللجنة الثلاثية قبل ٣٤ عاما كان الديبلوماسي الجزائري المخضرم
الأخضر الإبراهيمي هو موفد هذه اللجنة ، وفي حالة اللجنة الخماسية الحالية يحاول
جان ايف لودريان أن يكون موفد هذه اللجنة دون التثبت من ذلك صراحة حتى هذه الساعة
.
فلودريان في الأساس موفد رئاسي فرنسي حاول البعض
منحه صفة الموفد الخاص للجنة الخماسية المشار اليها دون ان يفلح بحسم هذا الموضوع
لسببين اثنين :
- أولهما تحفظ بعض الدول المشاركة في اللجنة
الخماسية على طريقة تعاطي فرنسا والرئيس
ماكرون مع الأزمة اللبنانية انطلاقا من أن باريس تعتبر نفسها ذي حق تاريخي في
رعاية الوضع اللبناني استنادا الى البعد التاريخي . ولتحفظ هذه الدول المشاركة في
الخماسية بالمرونة المعتمدة مع حزب الله وايران من قبل فرنسا .
- ثانيهما : عدم حماسة بعض الدول لإنطلاقة اللجنة
الخماسية كجهة دولية - اقليمية ملزمة بإيجاد حل حازم وجازم للأزمة اللبنانية
الحالية . وذلك في ضوء اعتبار بعض المشاركين في الخماسية أنه بات من الأفضل إبقاء لبنان في الستاتيكو الحالي
ريثما تحدث بعض التطورات المرجوة في موازين القوى المحلية والإقليمية وذلك ربطا
بصراعات قائمة ومحتدمة وفي مقدمها الحرب المحتدمةفي أوكرانيا .
وأذا أردنا ان نستكمل المقارنة بين اللجنتين
الثلاثية ( ١٩٨٩ ) والخماسية ( ٢٠٢٣ ) فاننا نجد أن الأخضر الإبراهيمي كان قادرا
ومتمكنا من لعب دور أفعل وأسلس محليا واقليميا ودوليا . ما ادى الى نجاح مهمته في
نهاية المطاف بعد حوالي ستة أشهر من العمل المضني الذي أدى الى ولادة اتفاق الطائف
وإنهاء الشغور الرئاسي الذي كان قائما آنذاك . وهذا ما يقودنا الى القول بان
إمكانات الأخضر الإبراهيمي في عام ١٩٨٩ تفوق إمكانات لودريون في عام ٢٠٢٣ ... مع
تسجيل ملاحظة أساسية تتناول الموقف الفرنسي أيام اللجنة الثلاثية المتحفظ على الموقف
الأميركي آنذاك والمتعاطف مع الجنرال ميشال عون الذي كان في تلك اللحظة السياسية
يترأس حكومة عسكرية مصغرة جدا شكلها الرئيس أمين الجميل في ربع الساعة الأخير من
ولايته المنتهية في ٢٣ أيلول ١٩٨٨ . حينها كان لبنان واقع تحت مظلة سعودية - سورية
- أميريكية مشتركة انتجت في نهاية المطاف اتفاق الطائف الذي تؤكد المملكة العربية
السعودية على التمسك به وعلى الحيلولة دون المساس به من قبل أي من الأطراف المحلية
او الإقليمية أو الدولية .
معسكر الرابع عشر من اذار او ما تبقى منه اغتال
مبادرة لودريون لأنه من وجهة نظرهم حمل فأس سليمان فرنجية وشارك في محاولات إيصاله
الى قصر بعبدا وكفى بذلك صفة مشينة ينعت بها وجريمة يتهم بارتكابها . مسكين
لودريان ... مظلوم لودريان .
أيمن حجازي