العدد 1501 /23-2-2022

الموقف الذي اتخذه الرئيس سعد الحريري الذي أعلن فيه العزوف عن خوض الإنتخابات النيابية القادمة لقي تزخيما نسبيا في الساحة السنية اللبنانية حيث بات الرئيس فؤاد السنيورة في صدد الإعلان عن عزوفه الموازي في تلك الإنتخابات . وذلك بعد أن أعلن النائب نهاد المشنوق عن موقف مماثل ، وهو الشخصية السياسية التي تعتبر من أهم الدهاقنة الذين يدورون في فلك الحريرية السياسية اللبنانية . وهو ما يمكن اعتباره مؤشرا على رضى الحكم السعودي عن قرار العزوف المشار اليه وذلك بالتضامن والتكافل مع موقف السنيورة الذي تحظى مواقفه السياسية خصوصا من حزب الله على إعجاب بعض الجهات المسؤولة في الرياض . وكان الرئيس تمام سلام سباقا في التناغم مع موقف الرئيس الحريري الذي قد يحصل على تأييد شامل من نادي رؤساء الحكومات السابقين في حال جاء قرار الرئيس نجيب ميقاتي مؤائما لموقف الإنكفاء الحريري الذي خلط الأوراق الإنتخابية بقوة في الموسم الإنتخابي الحالي .

والمعروف أن قرار العزوف المشار اليه لم يقف عند شخص الرئيس الحريري ، بل تعداه الى حدود رفع الغطاء عن كل من يريد أن يستخدم الرصيد الحريري في معركته الإنتخابية الخاصة . ويسجل في هذا السياق ان محافظة الشمال ودائرة البقاع الغربي قد تشهدا عدة خروقات للعزوف الحريري وان بيروت . في حين ان بيروت وصيدا سيبقيبان تحت سطوة الضبط المباشر للرئيس الحريري وللعائلة الحريرية التي تمثل فيها السيدة بهية رقما صعبا وأساسيا .

يهدف الإنكفاء عن المشاركة في الإنتخابات القادمة في حسابات المملكة العربية السعودية الى رفع الغطاء السياسي المحلي عن حزب الله . وهو ليس نفس الهدف الذي يحمله الرئيس الحريري الذي عبر على الدوام عن وجهة نظر مختلفة حيال هذا الموضوع . والذي يمتلك أهداف سياسية محلية مختلفة عن أهداف المملكة . فالحريري بات يعي أن قانون الصوت التفضيلي قد أضر ضررا بالغا بحجمه النيابي والسياسي . وأنه قانون يظلم تيار المسقبل بوجه خاص والطائفة السنية بوجه عام . والمملكة السعودية موعودة بنتائج إنتخابية غير مؤاتية لحلفاء حزب الله المسيحيين . وأن حظوظ حلفائها المسيحيين وخصوصا حزب القوات اللبنانية زاهرة جدا ، ما سيرتب على حزب الله متاعب كثيرة يؤمل أن تؤدي الى نزع الغطاء السياسي عن حزب الله في مرحلة ما بعد الإنتخابات النيابية . وهذا ما دفع برئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد الى القول بأن البعض يريد من هذه الإنتخابات ان تفعل فعل حرب تموز ٢٠٠٦ ...

هل تصح هذه التوقعات الإنتخابية أم تصح التوقعات الأخرى التي تطلقها جهات إعلامية صديقة لحزب الله والتي تقول بالتالي :

إن إنكفاء الرئيس الحريري الإنتخابي قد يؤدي الى مزيد من الإتساع في مساحة الأصدقاء الموالين للحزب في الساحة السنية ، وان الضرر الذي سيلحق بأصدقاء حزب الله المسيحيين سيكون محدودا وأن التوسع في المساحة التمثيلية النيابية لمعارضي حزب الله المسيحيين لن يكون كما يشتهي هؤلاء . ما يجعل الإنقلاب الموعود في ميزان القوى بعيد المنال ...

وبعيدا عن هذه التوقعات والتوقعات الإنتخابية المضادة ، فإن بعض المخاوف من الإنكفاء الحريري كامنة في مآلاته ونتائجه الأخرى التي تلي الإنتخابات النيابية القادمة والتي قد تجعل تيار المستقبل وجمهوره السني في وضع مشابه للجمهور المسيحي الذي أصيب بالإحباط إثر مقاطعة الإنتخابات النيابية من قبل القوى السياسية المسيحية في عام ١٩٩٢ ... علما أن ذلك الإحباط لم يكن وليد مقاطعة تلك الإنتخابات المشار اليها . والإحباط السني المفترض موجودة بذوره في ساحتنا منذ أمد غير بعيد ، وهو إن تكامل أو تقاطع مع الرياح المذهبية السامة التي تعصف بالمنطقة فإن لذلك كله مضار كبرى على الساحة اللبنانية نحت بغنى عنها . عذرا لتشاؤمي السمج .

أيمن حجازي