1570/12-7-2023
أيمن حجازي
يتقدم الشغور الرئاسي اللبناني نحو إتمام عامه
الأول في ظل عجز داخلي وخارجي عن حلحلة
العقد السياسية المزدحمة المحيطة بهذا الإستحقاق المميز . وقد بات من المسلم به في
الدوائر اللبنانية كافة أن الأمر يحتاج الى تدخل خارجي حتمي يؤدي الى ولادة مرشح
تسوية مقبول من الجميع أو أنه لا يستفز الأطراف الكبرى في البلد . إلا أن التدقيق
في هذه التسوية المنشودة ترتسم ملامحهاعلى توسع موضوعي يتجاوز إسم الرئيس ليصل في العمق الى مجالات سياسية أوسع
تمس طريقة الحكم وطبيعة الشركاء الآخرين للرئاسة الأولى . أي أن التسوية المطلوبة
تشابه جزئيا تسوية الدوحة التي تم التوصل اليها في أيار من عام ٢٠٠٨ ولا ترقى لأن
تكون اتفاقا ذو طابع دستوري كبير كإتفاق الطائف .
وقد برزت ملامح هذا التوسع في التسوية المنشودة ،
عندما ضمن الفرنسيون مبادرتهم بطرح إسم سليمان فرنجية للرئاسة الأولى العمل على أن
يكون نواف سلام في سدة الرئاسة الثالثة
وشريكا فاعلا في العهد المفترض القادم . ويقول
البعض السياسي المراقب أن البحث في أي تسوية سياسية قد يشمل الإتفاق على اسم لحاكم
مصرف لبنان وعلى اسم لقائد الجيش وعلى أسماء أخرى لملء مواقع مرشحة لللشغور في
المرحلة المقبلة . أي أن المطلوب أن يتم تنظيم المحاصصة الطائفية الكبرى في البلد
بشكل مسبق وبرعاية خارجية هذه المرة . وهذا ما ظهر من خلال طلب الموفد الفرنسي من
بعض الأطراف السياسية اللبنانية الدخول في حوار سياسي شامل يتضمن في ما يتضمن
التوافق على هذه المواقع الإدارية الكبرى في بنيان الدولة اللبنانية .
هل تضيف هذه الحقيقة السياسية إن صحت كل معطياتها
، صعوبات وتعقيدات على نجاح المساعي لإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية الموقرة ؟
أم ان توسيع مروحة التعيينات المطلوبة قد يسهل جذب الجميع الى نيل حصصهم المفترضة
والإنخراط بالتالي في تسوية تبدو مستحيلة حتى هذه اللحظة ؟
لقد أكد الرئيس نبيه بري أن الموفد الفرنسي
لودريان يبحث في بنود الحوار المطلوب والذي بات مسلما به لدى بعض الدوائر
اللبنانية المطلعة على الأجواء الفرنسية . يحدث كل ذلك في الوقت الضائع وذلك ريثما
تلتئم الإرادة السياسية لدول الإنتداب الخمس التي باتت تمثل المرجعية الدولية لحل
المعضلة اللبنانية الشائكة . والدول الخمس المشار اليهم مطلوب منهم أن يتواصلوا مع
الجانب الإيراني أو أن يتحولوا الى لجنة سداسية تضم إيران الى جانب فرنسا
والسعودية والولايات المتحدة الأميركية ومصر وقطر. وعن هذا الطريق تصبح الرئاسة اللبنانية الأولى شأن دولي بإمتياز وقضية
أممية يتراجع في كيوننتها الشان الوطني المحلي ، بعد أن أصر جمع من القادة
اللبنانيين على استدعاء الخارج واستحضاره بكل السبل والوسائل .
يغفو معظم الساسة اللبنانيين ملء جفونهم وهم
يحلمون بسيناريوهات أجنبية تتلاءم مع تطلعاتهم ومصالحهم الخاصة ، أو تلبي طموحاتهم
وتشفي أحقادهم المتداخلة والتي تكاد تكون أحقاد تاريخية بشعة ثارت أكثر ما ثارت في
القرون الثلاثة الأخيرة وكان عنوانها الرئيس أننا في بلد يقع على خط الزلازل
المدمر للتناقضات الطائفية وللتدخلات الأجنبية الدائمة والمستمرة .
أيمن حجازي