العدد 1684 /8-10-2025
استمرت مفاعيل التسوية الرئاسية التي ظهرت للعيان
في السابع من أيلول الماضي ، حيث اعتمد الترحيب بما قدمه قائد الجيش رودولف هيكل
حول البرنامج التنفيذي لتطبيق مبدأ حصرية السلاح . وجاء هذا " الترحيب "
كبديل عما كان يقال أنه إقرار جديد لقرار نزع السلاح من قبل جلسة الحكومة المنعقدة
في تاريخ السابع من أيلول المشار اليه . ومع بروزمعضلة صخرة الروشة الناشبة بين رئيس الحكومة نواف سلام وحزب الله وجمعية
رسالات ، ازدحمت أجواء التحدي بين الفريقين ما ادى الى اكفهرار الأجواء السياسية
... ولكن التسوية الوليدة المشار اليها فعلت فعلها . وتم تنفيس الإحتقان عبر
اللجوء الى قرار تعليق عمل جمعية رسالات كبديل عن قرار حلها .
كان واضحا ان رئيس الجمهورية جوزاف عون قد نأى
بنفسه عن مواقف الرئيس نواف سلام في موضوع صخرة الروشة . وكان عون حينها في زيارة
الى نيويورك والأمم المتحدة ، وقد ساهم في إيجاد هذا الحل الوسطي لمشكلة صخرة
الروشة في سبيل تهدئة الأمور ونزع فتائل التفجير . وفي ذلك استكمال لما تم الوصول
اليه في السابع من أيلول المنصرم . هذا في الوقت الذي يستمر فيه السعي الى إبقاء
لبنان على صفيح ساخن من خلال تعميق الخلاف السياسي النيابي حول جزء بسيط من
القانون الإنتخابي المتعلق بتصويت المغتربين . هل يتم هذا التصويت لستة مقاعد فقط
وفق القانون الإنتخابي النافذ أم أنه يمتد ليشمل كامل المقاعد النيابية ال ١٢٨ ؟
وقد وصلت الأمور الى حد تعطيل جلسات المجلس النيابي تحت وطأة الخلاف المتعلق بهذا
الموضوع . أما حقيقة الخلل الكارثي الكبير الذي يعاني منه القانون الإنتخابي فهو
كامن في المناصفة الجائرة التي تمنح نصف المقاعد النيابية للمسيحيين ونصف المقاعد
النيابية للمسلمين وذلك لتوزيع ديموغرافي مختلف تماما يتجاوز فيه تعداد المسلمين حدود
السبعين بالمئة من الناخبين ويقف فيه تعداد المسيحيين دون الثلاثين بالمئة . ما
يولد حالة ظلم واضحة وفاضحة تطيح بكل مبادىء الديموقراطية وحقوق الإنسان وتثبت
العنصرية الطائفية الذميمة . فإذا أخذنا بيروت بدوائرها الثلاث كنموذج فإننا نجد
أن بيانات وزارة الداخلية الصادرة منذ عشرين عاما ( ٢٠٠٥ ) تقول بأن ٥٩ بالمئة من
ناخبي بيروت ( مسلمين ) لديهم تسعة مقاعد نيابية . في مقابل ٤١ بالمئة من ناخبي
بيروت ( مسيحيين ) لديهم عشرة مقاعد نيابية . وهكذا يترسخ التفاوت الطائفي الظالم
الذي يخضع للمناصفة الرديئة.
هذه
المناصفة الذي أرتضاها قادة المسلمين اللبنانيين وساستهم وعبر عن مواقفهم الرئيس
سعد الحريري من خلال قوله " أننا وقفنا العد " ، لا تقنع قادة التطرف
المسيحي اللبناني . فيستمرون في سعيهم لإستعادة ما أمكن من نظام الإمتيازات
المارونية ، ويسايرون الجهود الصهيونية - الغربية لتجريد المقاومة الإسلامية
اللبنانية والفلسطينية من سلاحها . أما المسيحيون الوطنيون المعتدلون الذين
يلتزمون بمواقفهم الرافضة للإنجرار الى تلك المسايرة المدانة للمساعي الخارجية
المعادية للمقاومة اللبنانية . والمطلوب هنا ليس أكثر من موقف أخلاقي ملتزم أصول الخجل
الفردي والجماعي . ولا يمكننا أن ننكر أن ساسة لبنانيين مسلمين قد أنخرطوا في
مساعي التطرف المسيحي المتناغم مع مواقف عربية رسمية غارقة من مستنقعات ووحول
التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب .
إن الولوج الى موضوع القانون الإنتخابي يتم من
خلال النزاع على عيب أو خلل صغير في ذيله حول إقتراع المغتربين ، ولا يطال القانون
الإنتخابي في عمقه وفي خلله الرئيسي الذي يشكل عيبا رئيسيا في النظام السياسي
اللبناني القائم . وهو يجسد عملية تلهي مشهودة تحاول صرف النظر عن صلب وحقيقة
المشكلة الكامنة في قانون يفترض به ان يضمن حسن التمثيل الشعبي في البرلمان
اللبناني البديع وفي سلطته التشريعية المتألقة .
يجري كل ذلك على وقع استكمال جريمة العصر ومجزرة
التاريخ العربي الحديث في غزة هاشم التي باتت الولايات المتحدة الأميريكية ورئيسها
ترامب طرف مباشر في معركة غزة بكل قبح هذه المعركة وتوحش أبطالها العالميين
القذرين.
أيمن حجازي