العدد 1655 /12-3-2025
ايمن حجازي
بدأت ورشة العمل الحكومي بالتحرك ، وجاء في طليعة
خطواتها التعيينات الأمنية التي تهدف الى سد الفراغات القائمة . فقيادة الجيش
أسندت بالوكالة الى رئيس الأركان حسان عودة وفق ما هو منصوص عليه في القانون بعد
إنتخاب الجنرال جوزيف عون رئيسا للجمهورية الذي كان قد مدد له في هذا الموقع قبل
أكثر من عام من الزمن . والمديرية العامة للأمن العام مسندة بالوكالة الى اللواء
الياس البيسري منذ إنتهاء ولاية اللواء عباس ابراهيم . واللواء عماد عثمان ممدد له
أيضا في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي . وقد أفادت المعطيات المتوافرة في
هذا المجال الى أن توافقا سياسيا قد حصل على تعيين رودولف هيكل في قيادة الجيش ،
وعلى تعيين حسن شقير مديرا عاما للأمن العام ، وعلى تعيين رائد عبدالله في
المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي .
وفق التقسيم الطائفي والمذهبي والسياسي ، كان رئيس
الجمهورية جوزيف عون معنيا باختيار إسم لقائد الجيش وإسم آخر للمديرية العامة لأمن
الدولة . أما الرئيس نبيه بري فإنه معني
بتحديد إسم للمديرية العامة للأمن العام . وقد توزعت مسؤولية تحديد إسم للمدير
العام لقوى الأمن الداخلي بين الرئيس نواف سلام والرئيس السابق للحكومة سعد
الحريري ، وحتى قيل ان الرئيس فؤاد السنيورة تحمس لإسم صيداوي من آل القبرصلي
لإستلام هذا الموقع الذي يرجح أن يكون من حصة الرئيس الحريري عبر رائد عبد الله من
اقليم الخروب . ومن المفترض أن يحسم أمر تسمية المدير العام لقوى الأمن الداخلي بفعل إنحياز الرئيس عون الى هذا الخيار . وقد
تشير هذه المعطيات الى عدة أمور سياسية محلية أهمها أن ميزان القوى السياسي
والطائفي لم يتغير كثيرا وأن مجاراة هذا الميزان أمر لا بد منه في حسابات الرئيسين
عون وسلام . فالرئيس سعد الحريري ما زال الرقم السني الأول والأبرز على الساحة
اللبنانية بالرغم من إستمرار الإشكالية
المعروفة بين الحريري والمملكة العربية السعودية . كما أن ثنائي أمل - حزب الله مازال يحتفظ بالكثير من عناصر القوة التي كان
يمتلكها في ميدان السياسة المحلية . خصوصا أن المقاليد السياسية لهذا الثنائي
الشيعي في يد الرئيس نبيه بري الذي ما زال يحتفظ بوجهه المعتدل لدى الجهات الدولية
والإقليمية كافة . في ظل تسليم كامل من قبل الشريك الآخر في هذه الثنائية الشيعية
( حزب الله ) بهذا الدور الكبير للرئيس بري .
ثمة تساؤل هام يطرح على هامش الإخراج السياسي لهذه
التعيينات الأمنية : هل من عودة ما الى صيغة الترويكا الرئاسية التي كانت سائدة في
تسعينات القرن الماضي أيام الرئيسين الياس الهراوي و رفيق الحريري ؟
الجواب على هذا التساؤل سلبي بشكل عام ، في ظل
اعتراض مسيحي كبير على هذه الترويكا الطيبة الذكر أو السيئة الذكر لا فرق في ذلك .
فتلك الصيغة وفق رؤية بعض المسيحيين من ساسة ورجال كنيسة تنهش من صلاحيات رئيس
الجمهورية وتقضم منها . وهي تمثل وفق هؤلاء خرقا دستوريا بينا وواضحا ، وتعديا
وتدخلا من قبل رئيس السلطة التشريعية اللبنانية في شؤون السلطة التنفيذية حيث يفرض
الدستور مبدأ فصل السلطات . ويأتي الرد
على هذه المقولة من خلال التأكيد على أن الحاجة الى إشراك الرئيس نبيه بري في أمور
تتصل بتشكيل الحكومة أو ببعض التعيينات المتعلقة بالحصة الإدارية الشيعية ، لا
ينبع من كون الرجل رئيسا للمجلس النيابي ، بل لأنه يمتلك تفويضا شيعيا شاملا من
أمل وحزب الله والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمفتي الجعفري الممتاز وعائلة
الإمام الصدر وجمعية المبرات الخيرية وكشافة الرسالة الإسلامية والهيىة الصحية
الإسلامية وكشافة الإمام المهدي ومؤسسة القرض الحسن ... و ... ومن سقط اسمه سهوا
نعتذر منه ونعتذر أيضا من كل خصوم الترويكا الأجلاء .
أيمن حجازي