الإنسحاب من الناقورة هدية للجنرال عون ؟
العدد 1646 /8-1-2025
ايمن حجازي
تكاد الروايات الإعلامية تجمع على
ان أطراف اللجنة الخماسية الدولية قد عقدت النية والعزم والعزيمة على تسمية
الجنرال جوزيف عون مرشحا رئاسيا للجمهورية اللبنانية . وعلى ان الموفد الأميريكي (
الذي يدمن التفاؤل ) قد أهدى قائد الجيش ودعم ترشيحه بإنسحاب الجيش الإسرائيلي من
الناقورة والذي يعطى طابع الإنسحاب من القطاع الغربي الذي توغلت في بعض قراه قوات
صهيونية خلال حرب الخريف الماضي الذي شنتها دولة إسرائيل على لبنان .
وتضيف هذه الروايات المتشابكة أن
وليد جنبلاط الذي سارع وسبق غيره في تبني ترشيح العماد عون ، يتفرج بتلذذ سياسي
مميز على حالة الإرباك المتنوعة التي أصابت معظم الكتل النيابيةاللبنانية الأخرى .
وهذا ما ينطبق على التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وحركة أمل وحزب الله
. وقد يكون جبران باسيل وتياره الوطني الحر هو الأقل إرباكا ، لأنه بكر في معارضته
لجوزيف عون لا بل انه شن حربا سياسية وإعلامية شعواء على ترشيح الرجل . وأن
الإرباك قد يصيب موقفه في حال سعيه لتطيير نصاب جلسة الإنتخاب النيابية ما يمكن ان
يستجلب إدانة واستنكار معظم الأطراف اللبنانية وغير اللبنانية لهذا التطيير . أما
حزب القوات اللبنانية فإنه يعرب عن عدم معارضته لترئيس قائد الجيش منذ أمد سياسي
غير بعيد ولا يخفى على أحد أن هذا الموقف يهدف الى إحراج ثنائي أمل - حزب الله ليس
إلا . في حين أن حزب القوات يفضل غير جوزيف عون مرشحا للرئاسة لأسباب شتى ، أولها
العامل التاريخي المفعم بالثارات وقد يكون آخرها العامل التنافسي البحت بين مشروع
الزعامة المارونية الذي يتطلع له جعجع وقد يخدشه جوزف عون . خصوصا إن نجح الرجل في
إستيلاد تجربة شبيهة بتجربة الجنرال فؤاد شهاب ( ولو جزئيا ) . وهذا ما قد يؤدي
مستقبلا الى نشوء حلبة تنافس منافسة لحبة التنافس الشهابية - الشمعونية في ستينات
وسبعينات القرن الماضي . وخلاصة القول في هذا المجال أن حزب القوات وقائده سمير
جعجع يكتم تحفظه على ترشيح الجنرال عون لتحقيق مراعاة لحساباته الآنفة الذكر .
ويكمن في موقف جعجع هذا ، حرصه على عدم معاندة السياسة السعودية في لبنان ومن
خلفها السياسة الأميريكة . فحزب القوات يحرص حرصا كبيرا على إثبات جدارته أمام
السعوديين والأمريكيين أن من الفاعلين الكبار في السياسة اللبنانية وينبغي التعاطي
معه على هذا الأساس .
أما ثنائي أمل - حزب الله فإن
اعتراضه على جوزف عون يتم تحت عنوان الحاجة الى تعديل دستوري يستوجب أكثرية ٨٦
صوتا يجب أن تمنح للجنرال عون . وفي طيات هذا الإعتراض توجس واضح من سطوة أميريكية
مفترضة على عهد يترأسه قائد الجيش الحالي الذي حظي على ثناء دائم ومتكرر من
الإدارة الأميريكية في السنوات الماضية من عهده في قيادة الجيش اللبناني . وقد كان
ما يسمى بالمساعدات الأميريكة للجيش اللبناني توضع برسم الجنرال عون وفي خانة دعمه
وتأييده . علما أن قنوات الإتصال والتواصل بين حزب الله والجنرال عون كانت وما
تزال قائمة على الدوام . ولا يخفى على أحد أن حركة أمل منذ عشرات السنين تحتفظ
بموقف إيجابي واضح من الجيش اللبناني ودوره ، وهنا تبرز العوامل التي تولد إرباكا
ما لدى هذا الثنائي في موقفهم المتحفظ على ترشيح جوزيف عون .
قبل ساعات من جلسة التاسع من كانون
الثاني يحبس المراقبون أنفاسهم حول الفرصة المتاحة لنجاح جلسة الإنتخاب الرئاسي من
حيث إستمرار النصاب في فقرات الجلسة
التاريخية ، وفي معجزة تحقيق الإلتفاف المطلوب حول مرشح توافق أو إجماع لبناني
مميز . أما بعض الهمس السياسي فإنه يفيد بأن أطراف اللجنة الخماسية إن جاديين
وحاسمين في إيصال الجنرال جوزيف عون الى قصر بعبدا فإنهم لن يعدموا بعض الأسلحة
الكاتمة للصوت التي لا بد من أن تفعل فعلها السحري الحاسم في الأجسام النيابية
المتفرقة التي قد تجتمع كلماتها المتقاطعة في لحظة من اللحظات السياسية النادرة .
أهلا فخامة الرئيس .
أيمن حجازي