العدد 1658 /9-4-2025
ايمن حجازي

يبدو رئيس الحكومة نواف سلام مثقل بالتفاهمات المسبقة على كثير من الملفات السياسية والإقتصادية والمالية التي أنجزها مع جهات دولية مختلفة في السنوات الماضية التي سبقت وصوله الى سدة الرئاسة الثالثة . ولا يظهر في حواراته التي يجريها مع الوفود الدولية القادمة الى العاصمة اللبنانية أنه يبحث في ملفات جديدة بل إنه يستكمل البحث في هذه الملفات المثارة . وهذا ما ينطبق أيضا على بعض وزرائه وفي طليعتهم وزير المالية ياسين جابر الذي علق تمثيله الوزاري في الحكومة الحالية على مشجب الثنائي الشيعي بشكل عام وعلى مشجب الرئيس نبيه بري وحركة أمل بشكل خاص .

وهذا ما يدخل عجلة العمل الحكومي في طور الإنطلاق السريع أو الميسر الذي قد يفاجيء البعض ، مثلما حصل مع الرئيس سلام حيال قضية تشغيل مطار القليعات الذي أعطى في زيارته الأخيرة الى الشمال الضوء الأخضر لفتح ملفه قبل الرجوع الى مجلس الوزراء وتدارس الأمر على مائدته . هذا في الوقت الذي تسجل بورصة العلاقات الرئاسية حدا أدنى من التفاهم بين الرئيسين جوزف عون ونواف سلام ، على الرغم من الإنتكاسة التي أصيبت بها هذه العلاقات إثر اللجوء الى التصويت في قضية تعيين حاكم لمصرف لبنان . كما أن الحرص على إخراج مواقف رئاسية موحدة في مواجهة القضايا التي طرحتها الموفدة الأميريكية مورغان اورتاغوس والمتعلقة بالوضع الجنوبي وتنفيذ القرار الدولي ١٧٠١ . وقد ساهم هذا الموقف الرئاسي الموحد في تراجع اللهجة التهديدية التي اعتمدتها تلك الموفدة في زياراتها السابقة وتدخلها في موضوع التشكيل الحكومي وتمثيل حزب الله .

واستمرت القوى السياسية اللبنانية المناهضة لعمل المقاومة اللبنانية في تضخيم المواقف الخارجية الضاغطة باتجاه نزع سلاح المقاومة ، وتظهير ذلك إعلاميا ودفع السلطات اللبنانية في هذا الإتجاه . وقد تبين أن رئيس الجمهورية ليس في صدد اتخاذ مواقف حادة في هذا الموضوع وأنه يعمل على فتح حوار جدي مع حزب الله لترجمة شعار حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية . وأن الرئيس نبيه بري يعمل مع الرئيس عون في هذا الاتجاه وعلى قاعدة أن ال١٧٠١ يفرض إخلاء جنوب الليطاني من السلاح المقاوم . وأن موضوع السلاح المقاوم شمال نهر الليطاني يجب أن يخضع لاستراتيجة دفاعية واضحة . وهذا ما يفرض تقديم الإنسحاب الإسرائلي من النقاط الخمس المحتلة على غيره من الموضوعات وهذا ما تم التأكيد عليه من قبل بري لأرتاغوس وغيرها من الديبلوماسيين الأجانب .

وينكشف المشهد السياسي اللبناني على حماسة صادرة من اليمين اللبناني بمسيحييه الكثر ومسلميه القلائل لنزع السلاح المقاوم بما يفوق حماسة القادة الصهاينة والإدارة الأميريكية . لأنهم لم يتعلموا من الدروس التي ينبغي إستخلاصها من تجربة عام ١٩٨٢ . ويعيد الزعيم وليد جنبلاط والوزير السابق هذه المعضلة الى " الأحقاد " وهي أحقاد سياسية وطائفية شتى . ويجزم العديد من المقربين من الرئيس جوزف عون أنه رجل متحرر من هذه الأحقاد ، وأن مارونيته جنوبية المنشأ والصعود حيث عايش هو وعائلته وأهالي بلدته المسيحية ( العيشية ) وكابدوا وعانوا الأمرين من عدوانية الصهاينة المستفحلة منذ عام ١٩٤٨ ، وبالتالي فإن مراهنة ذلك اليمين على إنزلاق الرئاسة الأولى في منزلقات ذي طابع طائفي محتدم لن تفلح.

أيمن حجازي