العدد 1574 /9-8-2023
أيمن حجازي

يعمل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحت وطأة الحصار الذي يفرضه التيار الوطني الحر تحت ذريعة الطعن بشرعية العمل الحكومي في ظل الشغور الرئاسي . وهو لا يكاد يتكأ على قوة ثنائي حركة أمل - حزب الله وذلك بعد ان دخل حزب القوات اللبنانية في حملة الحصار المضروبة على ميقاتي تحت عنوان الدفاع عن الموقع الماروني الأول في الدولة اللبنانية . وقد بدأت حملة الحصار المشار اليها من قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون ومنذ أن بدأت وسائل الإعلام العونية ورجال السياسة العونيين بتكريس مقولة " حكومة تصريف الأعمال " واطلاقها على حكومة الميقاتي التي تكبلت بهذا القيد الذي لا يستند الى أى معطى دستوري . حتى أن مصطلح تصريف الأعمال لا يطلق في الدستور على الحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ، وان لو تم التذرع بأن الحكومة كانت بحكم المستقيلة إثر الإنتخابات النيابية لعام ٢٠٢٢ .

بإختصار فإن ميقاتي يعمل في ظروف صعبة ومعقدة تجعله يبحث وبشكل دائم الى عناصر قوة ولو كانت صغيرة أو هامشية في ظل الحصار الذي يضربه الأحزاب المسيحية المتقاطعة على شل العمل الحكومي ، ممثلة بالتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب . وهذا ماحصل عندما سمع الرئيس نجيب ميقاتي من البطريرك الماروني بشارة الراعي كلاما يأخذ طابع المجاملة حول جمالية المكان الذي يقع فيه المقر الرئاسي للبطريركية المارونية وتأثير ذلك على صفاء عمل الوزراء المفترض . فما كان من رئيس الحكومة إلا أن تلقف هذه المجاملة وحولها الى اجتماع حكومي تشاوري في الديمان . وذلك في خطوة غير مسبوقة من قبل أي من رؤساء الحكومات السابقين . وواضح أن ميقاتي يرمي من وراء ذلك الى ترميم الوضع المسيحي لحكومته حيث يفتقد الرجل الحد الأدنى من الغطاء السياسي المسيحي بشكل عام والماروني بشكل خاص . وهذا ما كان يرمي اليه ميقاتي أيضا عندما قصد الفاتيكان في نهاية شهر أذار الماضي .

انه اللعب في الوقت الضائع ، حيث يغيب البحث في الإنتخابات الرئاسية بإنتظار الموفد الفرنسي لودريان الذي حدد موعد عودته الى لبنان في شهر أيلول المقبل . ولا يغيب عن بال أحد أن مسيرة الشغور الكبرى في قصر بعبدا تعترضها مسيرات شغور صغرى (نسبيا) في حاكم مصرف لبنان والمديرية العامة للأمن العام ومن ثم في قيادة الجيش اللبناني في بداية العام المقبل . ويبدو ان المعالجات الجزئية الترقيعية هي التي تحكم هذا الموضوع ولو كان بشق الأنفس ....

ماذا حصل في الديمان ؟

جلسة بلا جدول أعمال رسمي ولكنها تتمتع بنصاب قانوني أمنه الوزراء الشيعة والسنة والدروز وبعض المتمردين من الوزراء المسيحيين . وكانت مناسبة للحديث عن الأسرة وتضامنها وقيمها التي يجب أن تكون مصانة وهذا ما جعل وزير التربية القاضي عباس الحلبي في موقف دفاعي عبر عنه في نهاية الجلسة . ولا ينبغي أن ننسى قضايا النزوح السوري التي تقض مضاجع البطريرك الماروني والمرجعيات المسيحية والوطنية الأخرى ، خصوصا ان هذه القضية تهدد الديموغرافيا اللبنانية الأنيقة ... جلسة الديمان انتهت بوجبة غداء صحي خالية من خبز العباس الذي وعد به الوزير علي حمية بكركي منذ بضعة أشهر.

في نفس اليوم الذي عقدت فيه الجلسة الحكومية التشاورية أعرب النائب جبران باسيل عن رغبته واستعداده للعودة الى بيت الطاعة بعد أن شق عصاها في المرحلة السابقة وفعل " الأفاعيل المنكرة " بالحليف السابق سليمان فرنجية ، في الوقت الذي كان فيه تيار المردة يلتف على معراب وحزب " القوات " في مركز حزب الوطنيين الأحرار كي يستعيد التاريخ المتألق لتحالف الأحزاب المسيحية اللبنانية الذي كان قائما قبل الحرب الأهلية (١٩٧٥)فكان اللقاء بين طوني سليمان فرنجية وكميل شمعون ( الحفيد ) وبرعاية وحضور الرئيس السابق لبلدية دير القمر دوري كميل شمعون .

السؤال المطروح الآن : هل تعقد الجلسة الحكومية التشاورية القادمة في دار الفتوى في عائشة بكار ، أم في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في حارة حريك ، أم في صالون كنيسة مار جاوريوس في الأشرفية في ضيافة المطران الياس عودة دون أن ننسى مقر الطائفة الدرزية الكريمة في فردان ؟

إذا أردنا أن نتم الثرثرة يمكن القول أن الأغطية التي تلتحف بها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي هي على الشكل التالي :

- غطاء سني ممزق بعد النفي شبه الطوعي للرئيس سعد الحريري الى الخارج وبعد تبعثر النواب السنة أيما تبعثر .

- غطاء مسيحي مفقود بفعل الحرب السياسية التي شنها ويشنها جبران باسيل ضد نجيب ميقاتي ، وبفعل المقاطعة القواتية للحكومة ولكل من هو متهم بالتهاون مع حزب الله على الآراضي اللبنانية .

- غطاء درزي جيد ولكنه غير فعال في مواجهة العواصف التي تثيرها رياح جبران باسيل الدائمة والمتقطعة .

- غطاء شيعي " متعب " حسب تقييم البعض وهو غطاء مشوب ببعض الغصات ، فالثنائي الشيعي " متطلب " والعلاقة معه تورث الحرج الكبير والمتوسط في الساحتين الإقليمية والدولية خصوصا لدى المملكة العربية السعودية .

هذا عن الأغطية ، أما الوسادة فإنها لا بد لها أن تكون من سماحة المفتي عبد اللطيف دريان وهي وسادة متوارثة من الأسلاف الكرام الذين يفترض أن يشكلوا دوما الحضن الدافىء للرئاسة الثالثة .

أيمن حجازي