العدد 1574 /9-8-2023
بسام غنوم

تشهد الساحة اللبنانية حالة من التوتر والقلق بعد التحذيرات الأمنية لمواطني دول الخليج العربي والتي بدأت ببيان من السفارة السعودية في لبنان دعت فيه المواطنين السعوديين الى مغادرة لبنان، وامتدت الى سائر السفارات الخليجية ولا سيما سفارات دولة الامارات والبحرين والكويت ، وصولا الى بيانات من سفارتي دولة قطر وسلطنة عمان الى مواطنيها في لبنان بإتخاذ الحيطة والحذر في تحركاتهم.

وقد اثارت هذه البيانات تساؤلات كثيرة لدى عامة اللبنانيين اولا ، ولدى المسؤولين والجهات السياسية في لبنان ثانيا ، واللافت في الامر هو ترافق صدور هذه البيانات مع موجة شائعات امنية لعل ابرزها ان الجيش اللبناني سوف يقوم بهجوم على مراكز القوى الاسلامية في عين الحلوة بالتعاون والتنسيق مع حركة فتح ، وان الجيش اللبناني سمح بدخول الرجال والاسلحة الى مخيم عين الحلوة من اجل دعم حركة فتح في هجومها المرتقب على معاقل القوى الاسلامية في مخيم عين الحلوة ، وهذا الامر دعا قيادة الجيش اللبناني الى اصدار بيان تنفي فيه صحة هذه الأخبار وقالت في بيانها : "تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلًا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة".

ولفت البيان، إلى أنّ "يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات".

وأضاف، "وتؤكد أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم".

وختم البيان، "كما تشدد على ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرًا للحصول على المعلومات".

واللافت ان موجة التحذيرات الأمنية للسفارات الخليجية وللسفارة الالمانية في بيروت لرعاياهم والتي ترافقت مع موجة الشائعات ، هو انها اتت بعد ان اثمرت الجهود التي بذلتها هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان ، وسائر القوى السياسية وخصوصا "حزب الله" وحركة أمل ، والتي ادت الى تثبيت حالة الهدوء في عين الحلوة وايضا عودة سكان المخيم الى منازلهم وهو ما يترك اكثر من علامة استفهام حول الحملة التي تستهدف الوضع الأمني في لبنان عموما على خلفية احداث مخيم عين الحلوة .

والسؤال الذي يطرح هو : هل لبنان مقبل على احداث امنية تهدد استقراره بعد احداث مخيم عين الحلوة ؟

تدور تساؤلات كثيرة في لبنان حول خلفيات الحملة الامنية التي تستهدف الساحة اللبنانية خصوصا وان الاجواء الاقليمية بعد عودة التواصل بين المملكة العربية السعودية وايران مؤخرا اشاعت جوا من الارتياح على الساحة اللبنانية وهو ماعبرت عنه المواقف الصادرة عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري بعد لقاءهم في عين التينة حيث قال جنبلاط بعد اللقاء: «لم نفهم معاً، انا والرئيس بري، لماذا هذا التخوف لبيانات السفارات. يبدو هناك أمور نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة يبدو الامور محصورة الى حد ما والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي الى حل».

ومن جهته، استغرب بري في حديث متلفز بيانات السفارات مؤكدا ان «لا شيء أمنياً يستدعي ذلك».

وأشار إلى أن «حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة». وقال: «الوضع في عين الحلوة هادىء منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟».

الى ذلك كشف مصدر ديبلوماسي غربي كبير معلومات على جانب كبير من الاهمية والخطورة تشرح بدقة ما يجري من اشتباك امني - سياسي على الساحتين الدولية والاقليمية ومدى تأثيره الكبير على لبنان والمنطقة في المرحلة الراهنة.

وفي التفاصيل، بحسب المصدر نفسه، انّ الاسباب التي أدت الى فرملة تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية الصين ودفعت المملكة الى وقف اجراءاتها لفتح السفارتين بين الرياض وطهران تعود الى وقوع المنطقة تحت تأثيرات مستجدات الحرب الاوكرانية.

واذا صحت هذه المعلومات التي تحدث عنها الديبلوماسي الغربي فهذا يعني ان الساحة اللبنانية ستكون مرشحة خلال الفترة المقبلة لتكون ساحة اشتباك فاعلة ومؤثرة في الصراع الاقليمي والدولي القائم في اوكرانيا و المنطقة ، وهذا مؤشر خطير لما يمكن ان يحدث في لبنان تحت مسميات مختلفة سواء في مخيم عين الحلوة او في سائر المخيمات الفلسطينية في لبنان بحيث تكون هذا الاحداث المتنقلة في المخيمات الفلسطينية منطلقا لتفجير الساحة اللبنانية بالكامل.

بالخلاصة يمكن القول لبنان نتيجة حالة الفوضى التي تعمه سياسيا واقتصاديا ، قد يكون مرشحا في المرحلة المقبلة للدخول في الفوضى الامنية خدمة لمصالح الدول الاقليمية والدولية ، وهذا ما لانتمناه للبنان واللبنانيين في هذا الظرف العصيب الذي لايسر عدو ولا صديق.

بسام غنوم