العدد 1502 /2-3-2022
د. وائل نجم
أقل من أسبوعين
ويقفل باب الترشّح للانتخابات النيابية أمام الطامحين للجلوس على مقاعد المجلس
النيابي وأمام القوى السياسية التي تريد التغيير أو تلك التي تريد الإبقاء على
الوضع القائم وشكل المجلس الحالي. ومع اقتراب نفاد مهلة الترشّح الدستورية ترتفع
حماوة الاستحقاق الانتخابي عند كل الأطراف المعنيّة التي باتت كلّها تعتقد أنّ
الاستحقاق سيجري في وقته المحدّد وأنّ أيّ تفكير بتأجيل الانتخابات أو أيّ مسعى
لذلك سيذهب سدى، وبالتالي فقد بات لزاماً عليها كلّها أنّ تتعامل بشكل أكثر جدّية
مع الاستحقاق المقبل.وإذا كانت القوى السياسية المتعدّدة والمتنوّعة، وكذلك
المكوّنات المُشكِّلة للكيان اللبناني قد استعدت بشكل جيّد لخوض هذا الاستحقاق
كلٌّ من موقعه ومصلحته، فإنّ المكوّن السُنّي للأسف ما زال يعيش حالة من الضياع
وعدم الاتزان في ضوء قرار رئيس تيار المستقبل تعليق المشاركة بالحياة السياسية
وتالياً الانتخابات النيابية.
إلى الآن لم يجد
المكوّن السُنّي طريقه الواضح لخوض هذا الاستحقاق بما يحفظ دوره وحضوره ويحافظ على
تأثيره في المعادلة اللبنانية. ما زالت القوى الأساسية في هذا المكوّن والمرجعيات
المعنية تتعامل مع الاستحقاق كما لو أنّ الأمور أكثر من طبيعية في البلد، ولا
تحدّيات تنتظرها.
الجميع يعرف ويعترف
أنّ تعليق مشاركة المستقبل ترك فراغاً ليس سهلاً ولا بسيطاً في لحظة تحدّيات
إقليمة ومحلية صعبة، غير أنّ أيّاً من المعنيين الأساسيين بملء هذا الفراغ أو
التصدّي لتلك التحدّيات يعمل بشكل جيّد وواضح لقطع الطريق على قوى خارج المكوّن
تطمح لملء الفراغ بما ينسجم مع طموحاتها ومصالحها!
إلى الآن ما زال
منطق الإقصاء يسيطر على عقول البعض ممّن يقيم الحسابات للمعادلات الخارجية أكثر
مما يقيم الحسابات للمصحلة الداخلية، ويضع ما تريده أو تطلبه أو توحي به بعض
حكومات الخارج في أولوياته على ضرورة تحصين الساحة السُنّية الداخلية من العبث بها
أو استخدامها في مواجهات لحساب مشاريع ليس لها فيه لا ناقة ولا جمل.
إلى الآن ما زال
البعض يرتاب من قوى أساسية في المكوّن كرمى لعيون حسابات خارجية تتصل بما تريده
بعض الأنظمة والحكومات التي تركت اللبنانيين في مهب الريح أو تريد أن تستخدمهم في
محارقها دون أن يرفّ لها جفن أن نظر.
إلى الآن ما زالت
قوى ومرجعيات تفكّر بعقلية ضيّقة ومحصورة وهي بذلك تعبث بدور وحضور وتأثير المكوّن
السُنّي في الاستحقاق الانتخابي، بل في لبنان، دون أن تدرك خطورة ذلك وجسامته.
الفراغ الناشىء
بسبب تعليق المستقبل للمشاركة بالحياة السياسية يستدعي من القيادات السنّية ومن
المرجعيات الدينية والسياسية مقاربة جادّة ومسؤولة للاستحقاق الانتخابي. مقاربة
تكون بعيدة عن منطق الإقصاء الذي تريده بعض الأنظمة والحكومات. مقاربة تنطلق من
العمل من أجل بناء شراكة حقيقية في الساحة السُنّية قبل الساحة الوطنية، قبل أن
تستيقظ تلك المرجعيات والقيادات على خسائر جديدة سستحمّل مسؤوليتها بكلّ تأكيد
وتحاسب عليها أمام التاريخ لأنّها لن تكون أفضل من أصحاب سياسات التنازل والإصغاء
إلى أصوات الخارج التي أوصلت حال المكوّن السُنّي إلى ما وصل إليه.
لكلّ ذلك المطلوب
من المرجعيات والقيادات السياسية والدينية في المكوّن السُنّي مقاربة الاستحقاق
الانتخابي بشكل أكثر مسؤولية وجدّية وبعيداً عن ضغوط الخارج الشقيق أو البعيد، فـ
"سُنّة لبنان هم في الدّق" وليس غيرهم، وهذه القيادات أو المرجعيات إمّا
أن تثبت أنّها قيادات تاريخية لا يُمحى ذكراها وإمّا أن تصبح طي النسيان وتذكر
بالسوء واللعنة على فشلها وخيبتها.