العدد 1618 /26-6-2024
د. وائل نجم
أكّد اللبنانيون على دعم
الشعب الفلسطيني في مواجهته لآلة القتل الإسرائيلية خاصة في ظلّ الهمجية التي تقود
بها حكومة الاحتلال العدوان على غزة أو حتى على الضفة الغربية، غير أنّ المسلمين
في لبنان كان لهم موقف متقدّم في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، وتجلّى ذلك بشكل
واضح من خلال الانخراط المباشر في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي من خلال جبهة
الجنوب، خاصة وأنّ نوايا الاحتلال الإسرائيلي باتت واضحة في استهداف لبنان أيضاً
بالعدوان وتغيير معالمه الجغرافية، وقد كشف الاحتلال عن هذه النوايا من خلال
الخرائط الجديدة لـ "إسرائيل" التي أرداها من نهر النيل في مصر إلى نهر
الفرات في العراق شاملة إجزءاً من الأراضي السعودية والكويت أيضاً، ولبنان في صلب
هذه الخريطة؛ بمعنى آخر إنّ النوايا الإسرائيلية تعمل لضمّ لبنان بشكل كامل إلى
خريطة "إسرائيل" الكبرى. وانطلاقاً من هذا المعطى الذي بات واضحاً،
انخرط المسلمون في لبنان بشكل مباشر في مواجهة الاحتلال على قاعدتين أساسيتين:
إفشال مخططات ونوايا الاحتلال تجاه لبنان، ودعم الشعب الفلسطيني والتخفف من
معاناته.
هذا الخيار في الدفاع عن لبنان ونصرة الشعب
الفلسطيني لم يكن موقف القوى الحزبية والسياسية والشعبية في لبنان فحسب، بل حتى
انخرطت في هذا الموقف المرجعيات الإسلامية رسمية ودينية بشكل واضح لإدراكها أنّ
الصمت أو الحياد لن ينقذ لبنان ولن يخفّف من معاناته ولن يجعله بمنأى عن نوايا
ومخططات الاحتلال.
لقد رسمت مواقف مفتي
الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان التي أطلقها في أكثر من مناسبة وفي
بيانات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى المسار الذي سلكه الشارع الإسلامي تجاه
القضية الفلسطينية، وهو مسار واضح بتأييدها ودعمها بكافة السبل المتاحة بما في ذلك
خيار الجهاد والبندقية، وقد تجلّى هذا الموقف بشكل واضح في كلمة مفتي البقاع الشيخ
علي الغزّاوي خلال تشييع الشهيد أيمن غطمة في بلدة "لالا" البقاعية
ممثلاً مفتي الجمهورية حيث أكّد على أنّنا لن نرشّ الأرز والورد على الاحتلال،
فإمّا أن يخرج من أرضنا وإمّا سنقاومه بالبندقية، وقد رفع بندقية كانت معه أمام
المشيّعين في أوضح تعبير عن احتضان خيار الجهاد ورفض المساس بالمجاهدين، ولا أدري
إن كان هذا الفعل جاء ردّاً على بعض المواقف التي صدرت ووصفت ما يجري من جنوب
لبنان من مواجهات مع الاحتلال بأنّها عمليات "إرهابية".
كما وأنّ موقف المرجعية
الرسمية لم يكن أقلّ وضوحاً في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه ورفض كل
أشكال العدوان بحقّه، وقد تجلّى ذلك أيضاً في العديد من المواقف التي أدلى بها
رئيس الحكومة وأكّد فيها على أنّ الجهود المبذولة للوصول إلى تهدئة في جبهة الجنوب
مرتبطة بوقف العدوان على غزة.
أمّا على صعيد الاحتضان
الشعبي لخيار الجهاد ودعم الشعب الفلسطيني، فقد أعاد أهل البقاع وخلال أقل من شهر
التأكيد عليه بعد أن شكّلت الحشود الشعبية في تشييع الشهداء في عكار أبرز تجلّيات
الاحتضان الشعبي لخيار الجهاد، فجاء تشييع الشهيد أيمن غطمة من منطقة البقاع
الأوسط حتى مسقط رأسه عند طرف البقاع الغربي في بلدة "لالا" ليوكّد على
أنّ البقاعيين كانوا وما زالوا مع خيار الجهاد لدعم الشعب الفلسطيني، وليؤكّدوا
أيضاً على احتضانهم للمجاهدين والشهداء فخرجت البلدات البقاعية كافة لاستقبال موكب
الشهيد ولتقول نحن على العهد لأمتنا في وقوفنا إلى جانب كلّ مظلوم في هذا العالم.
ربما يقول البعض إنّ هذا سيعرّض
لبنان لمزيد من المخاطر والتداعيات، والسؤال : هل لبنان بمنأى عن المخاطر
والتداعيات في ظلّ النوايا الإسرائيلية التي باتت واضحة ومكشوفة ولا تحتاج إلى
دليل؟! هل الصمت والحياد سينقذ لبنان من بين أنياب الوحش الإسرائيلي الذي يريد أن
يلتهم المنطقة؟!
د. وائل نجم