العدد 1528 /14-9-2022
د. وائل نجم
يعود تواجد قوات
الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان إلى نهايات سبعينات القرن العشرين
وتحديداً إلى العام 1978. ثم تمّ تعزيز هذه القوات المتشرة على طول الحدود
اللبنانية الفلسطينية بعد عدوان تموز 2006 حيث تمّ رفع عديدها وتوسيع رقعة
انتشارها وتعديل صلاحياتها. ومنذ ذلك التاريخ وإلى الأمس القريب يجري التجديد
التلقائي لليونيفل العاملة في الجنوب ضمن مهام ما يُسمى حفظ السلام.
في الأيام الأخيرة
جرى التجديد لقوات اليونيفل العاملة في الجنوب، ولكن هذه المرّة بخلاف كلّ المرّات
السابقة حيث جرى إدخال بعض التعديلات على مهامها ومنها التفتيش والتحرّي والدخول
إلى القرى والبلدات من دون تنسيق مسبق مع القوات المسلحة اللبنانية بخلاف ما كان
معهوداً وقائماً طيلة السنوات الممتدة من العام 2006 وإلى الأمس.
الجدير بالذكر أنّ
مواجهات كثيرة وعديدة حصلت في الكثير من البلدات الجنوبية على خلفية خروج قوات
اليونيفل في الكثير من المرّات عن مهامها عبر الدخول إلى القرى أو البحث والتفتيش
بين المنازل أو في الأملاك الخاصة، أو غيرها، وكان الجيش اللبناني يتدخّل في كل
مرّة ويضع حدّاً للإشكاليات التي كانت تقع.
اليوم وفي ضوء
التعديل الجديد لم تعد اليونيفل بحاجة إلى التنسيق مع الجيش، ولا حتى مضطرة إلى
الاستعانة به لحلّ أيّة مشكلة قد تقع مع السكّان المحلّيين، بل بات بإمكانها
القيام بما تعتبره وظيفتها من دون الرجوع إلى القوات المسلّحة اللبنانية وهذا
بدوره ما قد يفاقم المشكلات مع الأهالي ومن خلفهم مع حزب الله. ومن هنا برز السؤال
المنطقي، ما هو السبب خلف هذا التعديل في هذا التوقيت؟
أولاً وبغض النظر عن تحديد المسؤولية لدى الجانب
اللبناني عمّن وافق على هذا التعديل سواء كانت وزارة الخارجية أو رئاسة الحكومة أو
غيرهما، فإنّ الأمر يفتح المجال لمشكلات قد تكون عواقبها كبيرة على لبنان وعلى
الجنوبيين.
وأمّا عن السبب خلف
هذا التعديل اليوم فأظنّ أنّ ذلك كان مطروحاً منذ اللحظة الأولى لإقرار تواجد
وتعزيز اليونيفل في الجنوب، غير أنّ اللحظة والظروف في حينه لم تسمح بحرية الحركة
لها والتصرّف كما لو أنه ليس في لبنان دولة.
اليوم ربما استجدّ
ما يسمح بهذا التعديل بالنظر إلى التوازنات على المستوى الإقليمي والدولي، وبالنظر
إلى الحاجة اللبنانية إلى الحلول، وحاجة بعض القوى والشخصيات اللبنانية إلى رفع
العقوبات عنها أمريكياً ودولياً، وهو ما سمح في مجلس الأمن لتعديل مهام اليونيفل
وفتح المجال أمامها للتحرك بنوع من الحرّية التي ستخلّف على الأكيد مشكلات كثيرة.
هناك نوع من القلق
لدى الجنوبيين من أنّ هذا التعديل سيفتح المجال أمام اليونيفل لكشف الكثير من
خصوصياتهم وملاحقة المقاومة، التي وسّعت كما بات معروفاً للجميع، من مسرح تحركاتها
في المناطق الجنوبية كافة بما في ذلك منطقة جنوب الليطاني التي كانت إلى الأمس
محرّمة عليهم بموجب اتفاقات وقف النار في العام 2006. وبالطبع فإنّ تعقّب المقاومة
سيفتح المواجهة غير المباشرة مع حزب الله فضلاً عن أنّه سيعيق تحرّك المقاومة بشكل
مريح في الجنوب لا سيما في منطقة جنوب الليطاني وهو بدوره ما سيقدّم خدمة للاحتلال
الإسرائيلي في أيّة مواجهة بريّة محتملة في المرحلة المقبلة.
تعديل مهام
اليونيفل لا يبشّر بالكثير من الخير فضلاً عن أنّه لن يشكّل ضمانة إضافية لحماية
اللبنانيين في بيوتهم وقراهم بقدر ما سيفتح المجال لمشكلات قد تشكّل المدخل
لانتهاء عمل اليونفيل في الجنوب.
د. وائل نجم