العدد 1623 /31-7-2024
د. وائل نجم
د. وائل نجم
عصر
السبت الماضي سقط صاروخ من دون سابق إنذار على بلدة مجدل شمس في الجولان السوري
المحتل أدّى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين من أبناء البلدة، وإلى حالة خوف
وقلق من انزلاق المنطقة إلى حرب مفتوحة وواسعة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان؛
ويرجع السرّ في ذلك إلى صدور اتهام مباشر من قبل إسرائيل لحزب لله بقصف البلدة
المذكورة بشكل مباشر وإيقاع هذا العدد من الضحايا وهم من أبناء طائفة الموحدين
الدروز.
بالطبع
سارع حزب الله إلى نفي هذه المزاعم الإسرائيلية لأنّه يدرك مراميها الخبيثة ومنها
محاولة توسيع عدوانه على لبنان فحسب، وبذلك يكون الإسرائيلي قد أخذ المنطقة والحرب
الدائرة فيها إلى مكان آخر.
ومساء
الثلاثاء شنّت الطائرات الحربية والمسيّرة الإسرائيلية غارة استهدفت عمق الضاحية
الجنوبية تبيّن لاحقاً أنّها استهدفت أحد القيادايين في حزب الله وقد اعترف الحزب
لاحقاً باستشهاده في الغارة. وهذه تجاوز لكل الخطوط الحمر ولكل قواعد الاشتباك
المعمول بها بين الأطراف المتقاتلة، ويمكن أن يجرّ المنطقة إلى حرب واسعة وكبيرة،
وهو أمر يتوقف حالياً على سلوك الحزب مع الملف، خاصة وأنّ المسألة باتت الآن،
اعتداء على قلب الضاحية وعمقها حيث معقل الحزب، واغتيال شخصية قيادية بارزة ومهمّة
فيه.
ثمّ
بعد ساعات قليلة استهدفت "إسرائيل" رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل
هنيّة، بغارة في قلب العاصمة الإيرانية طهران ما أدّى إلى استشهاده، وهذا تطوّر
بالغ الخطورة، وكاسر لكل قواعد العمل والاشتباك والحرب، فاغتيال هنيّة في طهران
فيه إعلان حرب واضحة على إيران. صحيح أنّ "إسرائيل" لم تتبنّى العملية
بشكل واضح، ولكنّ الجميع يدرك أنّها خلفها ولو حصل ذلك بمساعدة من دول أخرى.
ماذا
يريد نتنياهو من كلّ هذه الأحداث والمحاولات؟
ببساطة
يريد استمرار الحرب على قاعدة خلط الأوراق كافة في المنطقة ومحاولة توريط الولايات
المتحدة الأمريكية ودول أخرى من أجل نقاذ كيانه الذي يتهاوى أمام ضربات المقاومة
الفلسطينية في غزة، وأمام تصاعد أعمال المقاومة والانتفاضة في الضفة الغربية،
وأمام حرب المشاغلة والاستنزاف في الجبهة الشمالية مع جنوب لبنان.
نتنياهو
وغيره من قادة الكيان المحتل يدركون جيداً أنّه لا خلاص لكيانهم إلاّ من خلال
توريط تلك الدول الداعمة لهم والمتكفّلة أمنهم والدفاع عنهم؛ وجيشهم لم يحرز أيّ
إنجاز حقيقي في حربه وعدوانه على غزة سوى التدمير، ولذلك فإنّ الفكاك من هذا الفخ
الغزّاوي وإلقاء طوق نجاة لهذا الكيان الهشّ ليس سوى في توريط الدول الكبرى بحرب
واسعة، ولذلك لجأ ويلجأ نتنياهو إلى القيام بأي عمل استفزازي أو دموي أو خارج
القواعد بهدف إخضاع الطرف الآخر ( المقاومة في فلسطين ولبنان) وفرض الاستسلام
والشروط عليها، أو جرّها لحرب واسعة
تستدعي التدخّل الأمريكي والأوروبي الضامن لأمن ووجود "إسرائيل".
لكلّ
ذلك فإنّ إمكانية توسّع الحرب على لبنان قائمة وحظوظها مرتفعة حالياً، وسيظلّ
نتنياهو ينفخ في هذا المرجل حتى لحظة الغليان، لكنّه يجهل أنّ هذا الغليان سيكون
طوفاناً جديداً يقتلع كيانه من المنطقة.
بيروت
في 1/8/2024