العدد 1614 /22-5-2024

دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة وعلى جنوب لبنان أيضاً شهره الثامن من دون أن يحقّق الاحتلال أيّ هدف من الأهداف التي رفعها وهي استعادة الأسرى، والإجهاز على المقاومة الفلسطينية، وسحق "حكم" حماس في غزّة. غير أنّ أيّاً من هذه الأهداف لم يتحقّق للإسرائيلي، بل باء بالفشل الذريع، ولحقت به هزيمة نكراء سيعترف بها عاجلاً أم آجلاً.

في الشهر الثامن من العدوان على غزة، وبعد أن أسقطت حكومة بنيامن نتنياهو المبادرة المصرية للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار وإطلاق الأسرى عندما رفضت المقترح المصري القطري الأمريكي وراحت بجيشها لاجتياح مدينة رفح واحتلت معبر المدينة المنفذ الوحيد إلى الأراضي المصرية، كما احتلت الشريط الحدودي مع مصر فيما يُعرف بـ "فيلادلفيا". غير أنّ قوات الاحتلال لم تحرز أيّ تقدّم حقيقي في هذا المحور، ولا في مدينة رفح، بل تكبّدت خسائر فادحة على مستوى الأرواح والعتاد في هذا المحور، وأكثر من ذلك فإنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تعيد القتال إلى المحور الأول في شمال قطاع غزّة في مخيم جباليا، ووسط القطاع في حي الزيتون، وغيرها. كما استطاعت المقاومة إعادة إطلاق الصليات الصاروخية إلى مدن ومستوطنات غلاف غزّة، فضلاً عن مدن بئر السبع وعسقلان وأشدود. لقد برهنت المقاومة الفلسطينية أنّها ما تزال تملك زمام المبادرة في الميدان، وأنّها قادرة على الرد والمواجهة في أكثر من جبهة، وأنّها مستعدة للصمود وإطالة أمد المعركة وتكبيد الاحتلال مزيداً من الخسائر على المستويات كافة.

ماذا أمام الإسرائيلي في ظلّ هذا الوضع؟ خاصة وأنّ الخلافات والتصدّع تسرّب إلى داخل مجلس الحرب وقد أمهل عضو المجلس البارز "غانتس" رئيس الحكومة حتى الثامن من حزيران تغيير استراتيجيته للتعامل مع غزّة وإلاّ فإنّه مضطر لمغادرة مجلس الحرب والذهاب نحو انتخابات مبكرة. كما وأنّ موقفاً مشابهاً لوزير الجيش "غالانت" صدر عنه.

ليس أمام الإسرائيلي الآن وفي ظلّ الفشل الميداني، والتصدّع الداخلي، والهزيمة النفسية للجنود، والموقف الدولي والإقليمي الرافض لمزيد من المجازر والانتهاكات، ليس أمام الإسرائيلي سوى العودة إلى المقترح والوساطة المصرية القطرية التي أيّدتها الولايات المتحدة، ووافقت عليها حماس بينما رفضها الاحتلال. ليس أمام الإسرائيلي سوى ذلك أو الذهاب إلى المزيد من المجازر والمواجهات وهو ما يعني فيما يعنيه جرّ المنطقة كلّها إلى مواجهات مفتوحة، وحروب واسعة، وهو ما لا تريده الولايات المتحدة الأمريكية الآن لأسباب عديدة أبرزها وضعها الداخلي ورؤيتها للمنطقة المختلفة كلّياً عن رؤية ونظرة المجموعة الحاكمة حالياً في كيان الاحتلال.

هل اقترب موعد الخلاص؟ أو انتهاء المعارك في الشهر التاسع؟

هذا بيد الإسرائيلي تحديداً، فإذا ما أراد أن يجرّ المنطقة إلى مستنقع جديد من الحروب فإنّه سيكمل حربه وعدوانه ومجازره ولكنّه لن يضمن أيّ نجاح أو أهداف. وإن قبل الانصياع لمنطق الواقع والميدان فما عليه إلاّ أن يقبل وقف إطلاق النار والشروع بترتيبات تسمح بإقامة دولة فلسطينية على أراضي 67 وعاصمتها القدس قبل أن يستفيق الإسرائيليون ويجدون أنّ كيانهم بات في خبر كان.

د. وائل نجم