العدد 1568 /21-6-2023
أواب ابراهيم
لن تنعقد بعد اليوم جلسة نيابية يتكرر فيها
مشهد الجلسة الأخيرة، ولا عدد الاصوات التي توزعت على المرشحيَن سليمان فرنجية
وجهاد أزعور. من الآن فصاعداً، لا بد أن يتم حساب الاصوات وفرزها خارج مجلس النواب،
وربما خارج حدود لبنان، لاسيما إذا تمكنت الكتلتان المتناحرتان من إقناع الخارج
بالتوسط بينهما، والتوافق، الذي لم يعد له بديل، على تولي اسم ثالث الرئاسة، بوصفه
تنازلاً من الحزب عن مرشحه الأوحد، يقابله تراجع خصومه عن مرشحهم الأخير الذي حظي
بغالبية مسيحية.
ليس من السهل التكهن
الآن بقدرة الاسم الثالث أياً كانت هويته، إذا شقّ طريقه الى قصر بعبدا، على تفكيك
"العنادين" الشيعي والمسيحي، من دون المخاطرة بالرئاسة، التي تستدعي،
حسب موازين القوى الراهنة، تفويضاً مسيحياً صريحاً وواسعاً، وتكليفاً شيعياً
واضحاً ومحدداً، ما يُكسب أي رئيس مقبل، تغطية دستورية كافية للحكم، لا سيما في ظل
غياب الشرعية السنيّة التي كانت فيما مضى تصنع رؤساء الجمهورية وتباركهم وتشاركهم
السلطة. وهي اليوم تبحث عما يوفر لها فرصة الالتحاق بأحد المعسكرين الكبيرين، ولو
من موقع الشريك المنافس لهما معاً.
العنادُ
الشيعي الذي جوبِه بعنادٍ مسيحي، هو أبرز ما اسفرت عنه جلسة الانتخاب الرئاسية في
مجلس النواب الأخيرة، التي من المرجح أنها لن تتكرر. طالما أن الحوار والتفاهم بين
الطائفتين زاد صعوبة.
وبين
روايتي "الانتصار" غير المدعّمتين بأيّ دليل، يبدو واضحا أنّ الفريقين
خرجا من "المنازلة" خاسرَين، لكن ما يبدو أوضح أنّ "المعركة"
التي حصلت تحت قبّة البرلمان، ولو شكّلت "سابقة ديمقراطية" برأي البعض،
لم يسبق أن حصلت منذ سنوات طويلة.
وفي ظل هذا العناد
والكباش الذي لا يبدو أنه سيسفر عن ضربة قاضية قريباً، بدأ تحرك خارجي سريع
الوتيرة تزامناً مع عجز داخلي عن إيجاد حلّ. وفيما لا يزال الفريق الداعم لرئيس
تيار المردة سليمان فرنجية ينتظر ما يمكن أن ينتج عن الحوار السعودي الإيراني
لمصلحته، بدأ حديث جدّي عن أسماء يمكن أن تتقاطع عليها القوى السياسية في المرحلة
المقبلة، على ألا يكون شخص الرئيس وحده عنوان التسوية، بل وشكل الحكم، من الرئاسة
إلى حاكمية مصرف لبنان والحكومة وبرنامجها.
في
الاجتماع الأخير بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي محمد بن
سلمان اتفق الرجلان على متابعة الوضع اللبناني على أن ينعكس التقارب السعودي
الإيراني إيجاباً على الرئاسة اللبنانية. وبانتظار تبلور المشهد الإقليمي سيشهد
لبنان حركة فرنسية نوعية مع وصول وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، العالم بتفاصيل
الوضع اللبناني، جان إيف لودريان، إلى بيروت، حيث سيعقد لقاءات مع كلّ المعنيين
بالشأن الرئاسي في لبنان.
اللافت
في زيارة لودريان لبنان أنّه بالإضافة إلى لقائه مع السياسيين، سيلتقي قائد الجيش
جوزف عون في اليرزة. وهنا يرى معنيون بالشأن الرئاسي أنّ هذه الزيارة ستكون محطة
مهمّة في الكلام الرئاسي، لا سيما مع احتمال طرح قائد الجيش عنواناً للتسوية
المقبلة.
لا خلاف بان الانتخابات الرئاسية لن تعالج
جوهر الأزمة اللبنانية المرتبط بتغييب الدولة، إنما الخلاف أو التباين يكمن في
كيفية التصدي لهذا التغييب المتواصل، وهذا التباين لم يولد بين ليلة وضحاها، بل
على العكس، كانت بعض القوى تخوض معركة مواجهة تطبيق اتفاق الطائف الذي لم تطبّق بعض
بنوده منذ إقراره، ولكن عندما تبيّن أن هذه المواجهة ستبقى ضمن حدود تسجيل النقاط
ولن تنتهي بالضربة القاضية نشأت مقاربة مختلفة تحقيقاً للهدف نفسه.
أوّاب
إبراهيم