العدد 1518 /29-6-2022
شهدت
الأيام الماضية تزايداً بأخبار ارتكاب رجال جرائم بحق نساء. فخلال أيام قليلة تمّ
الكشف عن جريمتيْ قتل في مصر، الأولى ارتكبها شاب بحق فتاة كانت ترفض الزواج به،
فأقدم على ذبحها وسط الشارع، والثانية ارتكبها زوج (قاض) بحق زوجته (مذيعة
مشهورة)، فقام بإطلاق النار عليها وشوّه جثتها قبل أن يدفنها في الفيلا التي
يملكانها. جريمة أخرى شهدتها الأردن، حيث اقتحم شاب إحدى الجامعات وأطلق النار على
فتاة كان يطلبها للزواج فأرداها قتيلة. ورابعة ارتكبها زوج بحق زوجته في الإمارات
العربية المتحدة بعدما نجحت الزوجة بالحصول على حكم بالطلاق من زوجها فطعنها بسكين.
بشاعة
الجرائم ووقاحتها وتزامنها، كانت نتيجتها الطبيعية موجة عارمة من الغضب والاستياء
والاستنكار، ومطالبة بالقصاص من الفاعلين، وسنّ قوانين زاجرة تهدف لحماية النساء
من أي اعتداء يتعرضن له من الرجال. وكما كان متوقعاً فقد استغلّ البعض هذه الجرائم
لتمرير أفكاره ومطالباته، مستفيداً من النقمة العارمة التي خلّفتها الجرائم
المرتكبة، التي جعلت كلّ صاحب صوت مخالف للموجة السارية صوت نشاز يمشي عكس السير،
ويتعرّض للسخرية والتنمّر والإهمال.
تخصيص
جنس المجرم وجنس المجني عليه دافعاً لسنّ قوانين رادعة غير مفهوم وغير منطقي.
فالجريمة لا جنس لها، سواء كان مرتكبها ذكراً أو أنثى، وسواء كان المجني عليه
ذكراً أو أنثى. الجريمة جريمة، هي مستنكرة ومدانة ويجب إنزال العقوبة بصاحبها سواء
كان ذكراً أو أنثى. والمطالبة بتشديد العقوبة بحق المجرم لا يجب أن يرتبط بجنس
الفاعل أو المجني عليه. فلا تستقيم المطالبة بتعليق المشانق للفاعل حين يكون
ذكراً، وحين تكون أنثى تختفي الأصوات المطالبة بالعدالة والقصاص. كما أنه لاتستقيم
المطالبة بتغليظ العقوبة حين تكون المجني عليها أنثى، ولابأس بالأخذ بالأسباب
التخفيفية إذا كان المجني عليه ذكراً. فالرجل الذي يرتكب جريمة قتل يجب يُقتل،
وكذلك المرأة التي ترتكب جريمة قتل يجب أن تُقتل. فلا يمكن تأييد عقوبة إعدام
القاتل حين يكون ذكراً، وحين تكون القاتلة أنثى تعلو أصوات مناهضة عقوبة الإعدام والمطالبة
بإلغائها. ثم ماهو الحال حين يكون الاعتداء من ذكر على ذكر آخر، ومن أنثى على أنثى،
ألا يتطلب ذلك تشدداً؟!.
منطق
الأمور يقضي بأن معظم جرائم القتل والاعتداء يرتكبها رجال. ليس لأنهم أشرار، بل
لأنهم الأكثر عرضة للاحتكاك بالآخرين والنزاع والتنافس معهم. وبالتالي فإنّ أي
مطالبة بتشديد العقوبات على المجرمين والمعتدين ستطال بمعظمها الرجال وليس النساء،
وهذا أمر لاضير به. لكن أن يتمّ تخصيص التشدّد في إنزال العقوبة بحالة محددة تقوم
على اعتداء الرجل على المرأة، فإن في ذلك إخلال مبدأ الإنصاف والمساواة التي يرفع
لواءها البعض. فالأخذ بالأسباب المشددة أو المخففة في العقوبة تكون مبنية على مبدأ
تحقيق العدالة والزجر، وهذا يرتبط بظروف وملابسات ارتكاب الاعتداء أو الجرم، وليس
بجنس الجاني أو المجني عليه.
لكن بما أن الموجة السائدة ترتبط بالاعتداءات الواقعة
حصراً بحق النساء، فإنني انسجاماً معها، أطالب بالتشدد بتطبيق القانون بالانتهاكات
والاعتداءات التي تتعرض لها الكثير من العاملات الأجنبيات في المنازل من ظلم
وإساءة وفي بعض الأحيان ضرب، وحرمانهن من حقوقهن، وعدم إعطائهن أو تأخير مستحقاتهن
المالية. وللعلم فإنّ معظم الاعتداءات التي تطال هذه الفئة المستضعفة ترتكبها
"ستّ البيت" الأنثى.
بغضّ
النظر عن رأيي بالموضوع، لكن أفهم أن يطالب/تطالب البعض بالمساواة بين الرجال
والنساء في الحقوق والمكتسبات والامتيازات، ومزاحمة النساء للرجال، لكن لا أفهم أن
تصل المطالبة حدّ تشديد العقوبات بحق الذكر لأن المعتدى عليها أنثى.
أوّاب
إبراهيم