العدد 1654 /5-3-2025
بسام غنوم

اطلق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عدة مواقف سياسية بارزة عشية ذكرى اغتيال والده كمال جنبلاط في ال16 من شهر آذار الجاري ، وتزامنت هذه المواقف مع أمرين اثنين ، الأول هو استمرار العدو الاسرائيلي في احتلاله لخمسة تلال في جنوب لبنان ، واستباحته لأجواء لبنان واستهدافه مواقع واشخاص في قرى وبلدات لبنانية بذريعة تهديدهم لأمن اسرائيل ، وهو ما يمثل انتهاك واضح وصريح لاتفاق وقف إطلاق النار بموجب القرار 1701.

اما الامر الثاني فهو التهديدات الإسرائيلية لسوريا والقيادة السورية الجديدة في حال تم محاسبة المسؤولين عن قتل بعض عناصر الأمن العام في مدينة جرمانا السورية التي يغلب عليها المكون الدرزي، حيث هدد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالتدخل في سوريا بذريعة "حماية الدروز"، وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية ، أن نتنياهو أصدر تعليمات للجيش بحماية سكان جرمانا بريف دمشق، عقب التوترات التي شهدتها المنطقة ومحاولة الأمن العام السوري فرض السيطرة فيها.

وكان سبق ذلك قبل أيام موقف آخر لنتن ياهو طالب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بإخلاء جنوب سوريا من القوات العسكرية للنظام الجديد بشكل كامل. وقال: «لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالدخول إلى المناطق الواقعة جنوب دمشق.

كما شدد على أن إسرائيل «ملتزمة بحماية الدروز في جنوب سوريا ولن تتسامح مع أي تهديد لهم»، وفق تعبيره.

بالنسبة لاستمرار العدوان الاسرائيلي على لبنان رغم التزام لبنان بالقرار 1701 قال جنبلاط أنّ «هناك احتلالاً في الجنوب، ونعوّل على جهود الرئيس جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، والرئيس نبيه بري والجميع، في الاتصالات الدبلوماسية مع الدول الكبرى. لكن هناك احتلالاً ومخالفة واضحة في القرارات الدولية من 1701 إلى اتفاق الطائف».

لكن الموقف الأبرز لجنبلاط كان بخصوص التهديدات الاسرائيلية لسوريا وادعاء نتن ياهو حرصه على حماية الدروز في سوريا حيث اعتبر جنبلاط أنّ «هناك مشروع تخريبٍ للأمن القومي العربي في سوريا وغزة والضفة الغربية. وعلى العرب في المؤتمر الذي سيجري في القاهرة أن ينتبهوا لأنّهم لن يكونوا بمنأى عن التخريب والتقسيم».

وأضاف قائلا: «تريد إسرائيل أن تستخدم الطوائف والمذاهب لمصلحتها، وتريد تفكيك المنطقة. هذا مشروع قديم جديد، ومررنا عليه في لبنان في مرحلة معينة، وفشل في لبنان بالرغم من الخسائر الفادحة التي مُني بها لبنان. لكن اليوم تعود إسرائيل لتتمدّد، ومشروعها التوراتي ليس له حدود، من الضفة الغربية من السامرة، من يهودا إلى بلاد كنعان.

وهنا يطرح السؤال التالي : هل يدرك المسؤولون في لبنان حجم التهديد الاسرائيلي للبنان وسوريا وللمنطقة ككل ؟

مبرر طرح هذا السؤال في هذه الفترة بالذات هو غياب المسؤولية عند كثير من القيادات السياسية في لبنان تجاه التهديدات الإسرائيلية في المنطقة .

فهناك من يتعامل مع المتغيرات في الوضع السياسي في لبنان من المنطلق الطائفي والمذهبي ، رغم تأكيد رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام على ان لبنان لجميع ابنائه وانه لا استهداف لاي طائفة او مكون في لبنان ، ولذلك من المستغرب استمرار الحملات على الحكومة من قبل بعض الأطراف رغم مشاركتهم بالحكومة وكأن هذه المشاركة هي رغما عنهم ، وما تعرض له رئيس الحكومة نواف سلام من مضايقات من قبل انصار حزب الله اثناء زيارته للجنوب وقولهم له هل كنت تستطيع زيارة الجنوب لولا المقاومة الا دليل على هذا العبث السياسي القائم .

وهناك البعض الآخر تعامل مع التهديدات الاسرائيلية لسوريا بحجة حماية الدروز مثل وئام وهاب وغيره من الباب المذهبي الضيق ، وبدا كأنه في صف الاسرائيلي.

وفي هذا الاطار كانت المواقف التي أطلقها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بمثابة جرس انذار سواء للبعض في لبنان وكذلك في سوريا ، وحذر فيها من استغلال اسرائيل للطوائف والأقليات من اجل استكمال مشروعها الصهيوني في المنطقة ، وبذلك تشكل مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط دعوة صريحة للبنانيين والسوريين والعرب على حد سواء من اجل ادراك مخاطر ما تعمل عليه اسرائيل ، وكذلك للوقوف صفا واحدا في مواجهة المشروع الاسرائيلي في المنطقة .

في تدرك بعض القيادات اللبنانية والسورية ذلك ، ام تسقط في خدمة المشروع الصهيوني بحجة حماية طوائفهم ومذاهبهم ؟

بسام غنوم