العدد 1682 /24-9-2025
بسام غنوم

حالة من الترقب والحذر تسود الساحة السياسية اللبنانية بإنتظار ما ستسفر عنه اللقاءات الذي سيجريها الرئيس جوزاف مع المسؤولين في الإدارة الأميركية بخصوص تطبيق إتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان والعدو الأسرائيلي خلال وجوده في في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، وقد أدلى الرئيس عون بتصريح لافت من نيويورك بعد المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني في بنت جبيل والتي أدت الى استشهاد خمسة شهداء بينهم ثلاثة أطفال ووالدهم فقال : «فيما نحن في نيويورك للبحث في قضايا السلام وحقوق الإنسان، ها هي إسرائيل تُمعِن في انتهاكاتها المستمرة للقرارات الدولية وعلى رأسها اتفاق وقف الأعمال العدائية، عبر ارتكابها مجزرة جديدة في بنت جبيل ذهب ضحيّتها 5 شهداء بينهم 3 أطفال».

ويأتي موقف الرئيس عون فيما العدو الاسرائيلي مستمر بإعتداءته على لبنان التي لم تتوقف منذ 27-10-2024 تاريخ الاتفاق على وقف الأعمال العدائية بين لبنان والعدو الصهيوني ، حيث سقط أكثر من 500 شهيد وجريح منذ ذلك الوقت وحتى الآن ، بالإضافة الى سلسلة الغارات التي تستهدف القرى والبلدات الجنوبية وغيرها من المناطق اللبنانية بحجة أنه يوجد فيها مراكز ومستودعات سلاح لحزب الله ، ويجري هذا كله فيما تستمر الضغوط الدولية والعربية على لبنان من أجل تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله.

وفي هذا السياق قال مصدر سياسي واسع الاطلاع نقلاً عن ديبلوماسيين غربيين: «إنّ إسرائيل مصمّمة على إبقاء لبنان في دائرة الضغط والاستهداف المفتوحين، وذلك لتحقيق هدفين رئيسيين، الأوّل، سحب سلاح «حزب الله» بالكامل، وهي وإنْ كانت قد رحّبت بقرار الحكومة اللبنانية، وأبدت استعداداً للدعم المباشر في تنفيذه، فإنّها عادت وأبلغت إلى الأميركيين غضبها من تباطؤ حكومة لبنان في سحب السلاح، وتلويحها بخطوات عدوانية لضمان ما تسمّيه «أمنها».

وأما الهدف الثاني، فيقول المصدر، انّه قد يتقدّم على ملف سحب السلاح، ويتعلق بالمنطقة العازلة في المنطقة الحدودية، والتي رسّم الجيش الإسرائيلي حدودها، وتحظى بموافقة الأميركيين، وسبق للأميركيين، وعلى وجه الخصوص الموفد الاميركي توم برّاك، أن روّج لها تحت عنوان المنطقة الاقتصادية، وتشمل 14 بلدة جنوبية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل ستسفر اللقاءات والمشاورات التي سيجريها الرئيس جوزاف عون في نيويورك مع المسؤولين الأميركيين والدوليين ، عن ايجابيات فيما يتعلق بإلتزام إسرائيل بتطبيق إتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل ؟

يبدو من المواقف التي يطلقها قادة العدو الصهيوني بخصوص الوضع في لبنان ، ومن سلسلة الغارات الجوية والعمليات العسكرية التي تستهدف القرى والبلدات الجنوبية ، أن العدو الاسرائيلي ليس في وارد التوقف عن هذه الأعمال العدائية تجاه لبنان واللبنانيين ، والإدارة الأميركية التي يعول عليها المسؤولون اللبنانيون كثيرا عليها من أجل الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان ، تبدو أكثر انسجاما مع المواقف الاسرائيلية ، وهو ما بدا واضحا في موقف المبعوث الأميركي توم براك الى لبنان الذي قال في تصريح لسكاي نيوز: الوضع في لبنان صعب جدا ولدينا الآن مجموعة جيدة في السلطة، وتابع: «إسرائيل لديها 5 نقاط في جنوب لبنان ولن تنسحب منها، و«حزب الله» يُعيد بناء قوته، وعلى الحكومة أن تتحمّل المسؤولية».

ولفت إلى أنّ «إمكانية مواجهة برية أوسع أو توسيع النشاط داخل لبنان تبقى واردة في حال استمر تسليح «حزب الله» وعدم حدوث خطوات عملية لنزع السلاح». و تأتي هذا المواقف الأميركية فيما يجري الحديث بالعلن والكواليس عن استعدادات إسرائيلية لتوجية ضربة عسكرية كبرى الى لبنان تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت وحتى بعض المراكز الهامة التي تخضع لسلطة الدولة اللبنانية بحجة عدم قيام الحكومة اللبنانية بما هو مطلوب منها لنزع سلاح حزب الله ، وتتحدث بعض المصادر عن أن توقيت هذه الضربة العسكرية للبنان قد يكون بعد إستكمال إسرائيل تدميرها لغزة.

لذلك لايبدو أن زيارة الرئيس جوزاف عون على أهميتها الى إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، سيكون لها أي تأثير مباشر على مجمل الوضع اللبناني لناحية وقف الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان ، لأن الإدارة الأميركية في هذا الوقت بالذات ليست بوارد الضغط على إسرائيل ، والفيتو الأميركي على قرار مجلس الأمن المطالب بوقف إطلاق النار في غزة و بإدخال المساعدات إلى الغزيين ، أبلغ دليل على الإنحياز الأميركي الكامل للمواقف الإسرائيلية.

بالخلاصة لبنان أمام تحد كبير في الفترة القادمة ، وهو أحوج ما يكون إلى الوحدة الوطنية بين ابناءه ، وإلى البعد عن كل المواقف التي تؤجج الخلافات السياسية والطائفية . فهل يدرك المسؤولين ذلك ويبتعدوا عن سياسة المصالح الطائفية والمذهبية الضيقة ؟

بسام غنوم