العدد 1686 /22-10-2025
بسام غنوم

يبدو أن التوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة قد فتح الباب أمام لبنان من أجل الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بخصوص الحدود البرية بين الطرفين.

وكان الرئيس جوزاف عون قد قال في تصريحات أمام إعلاميين إقتصاديين الأسبوع الماضي أنه "لا بد من التفاوض" مع إسرائيل لحلّ المشاكل "العالقة" بين الطرفين، بالتزامن مع بدء تطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في غزة.

وأوضح الرئيس عون ، أنه "سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركية والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية"، وفق بيان للرئاسة اللبنانية.

وسأل في اللقاء "ما الذي يمنع أن يتكرَّر الامر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، لا سيما وأن الحرب لم تؤد إلى نتيجة؟ فإسرائيل ذهبت إلى التفاوض مع حركة حماس لأنه لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار".

وقد أثارت هذه المواقف الكثير من التساؤلات في الساحة اللبنانية ، خصوصا أنها اتت في وقت ما زال فيه الخلاف على أشده مع الثنائي الشيعي حول قرار الحكومة سحب سلاح حزب الله .

وهنا يطرح السؤال التالي : هل أتى موقف الرئيس عون من إقتراح المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل من أجل نقل الخلاف حول سلاح حزب الله الى نقطة أبعد داخليا وخارجيا ؟

لاشك أن الخلاف الداخلي حول قرار الحكومة بسحب سلاح حزب الله قد استهلك الساحة السياسية اللبنانية داخليا وخارجيا ، ووضع لبنان أمام خيارت صعبة ، وما يشهده لبنان حاليا وبشكل يومي من إعتداءات إسرائيلية تطال المنشآت المدنية أبرز دليل على جدية وخطورة الوضع الحالي في لبنان ، فالطائرات الاسرائيلية المسيرة لاتفارق سماء الضاحية الجنوبية والعاصمة اللبنانية بيروت ، والجيش الاسرائيلي يجري مناورات على حدود لبنان الشمالية ، والموفد الأميركي توم براك يقول " "إذا فشلت بيروت في التحرك، فإن الجناح العسكري لحزب الله سيواجه حتماً مواجهة كبرى مع إسرائيل " ، ويبدو أن الرئيس جوزاف عون وخصوصا بعد زيارته الأخيرة الى نيويورك قد أدرك أن هامش المناورة السياسية أمام لبنان أصبح ضيقا ، فالإدارة الأميركية على مايبدو نفذ صبرها من ما تقوم به الحكومة بخصوص سلاح حزب الله ، وهو ما عبر الموفد الأميركي توم براك بالقول "لا تزال إسرائيل تحتل خمس نقاط تكتيكية على طول "الخط الأزرق"، محتفظة بقدرتها على الإنذار المبكر، فيما تنفذ ضربات يومية ضد مخازن حزب الله. في المقابل، يبقى مبدأ الحكومة اللبنانية"دولة واحدة وجيش واحد" أقرب إلى الطموح منه إلى الواقع، بفعل هيمنة حزب الله السياسية والخشية من اندلاع اضطرابات داخلية".

لذلك يبدو إقتراح الرئيس جوزاف عون بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بمثابة قفزة الى الأمام من أجل تفادي الضغوط الدولية والعربية ولاسيما الأميركية على لبنان ، من أجل تطبيق قرار سحب سلاح حزب الله .

لكن إقتراح الرئيس جوزاف عون بإجراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بخصوص الحدود البرية كما جرى سابقا في موضوع ترسيم الحدود البحرية ، لايمكنه أن يبقى أسير الحسابات اللبنانية الداخلية لأنه سيكون برعاية أميركية ودولية ، وبالتالي صحيح أنه سيخفف الضغوط على لبنان بخصوص سحب سلاح حزب الله مؤقتا ، إلا أن هذا الأمر سيضع لبنان أمام تحد كبير مع المجتمع الدولي وبالتالي لايمكنه المناورة في مواقفه كما يجري في موضوع سحب سلاح حزب الله ، وهذا الموقف سيرتب على لبنان تبعات خطيرة في حال حاول التملص أو المراوغة في مفاوضات تحديد الحدود البرية مع إسرائيل.

لكن ماذا عن موقف حزب الله من طرح الرئيس عون ؟

في هذا الإطار قالت مصادر سياسية مطلعة إن "المشاورات قائمة مع الحزب، والعمل يجري على إزالة بعض التباينات، ولكن الحزب لم يعترض على موضوع التفاوض غير المباشر، وهو لديه ثوابت وأولويات، على رأسها وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما يرتكز عليه موقف لبنان أيضاً".

ويراهن الرئيس عون والحكومة اللبنانية على موقف الثنائي الشيعي من المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل ، وما تم التوصل إليه سابقا في موضوع ترسيم الحدود البحرية ، مما قد يفتح الباب أمام تسوية شاملة لمختلف الملفات ولاسيما ملف سلاح حزب الله الذي سيكون قيد التدوال والبحث عند الإتفاق على ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل.

بالخلاصة لبنان بسبب الخلاف الداخلي حول قرار الحكومة سحب سلاح حزب الله ، وضع نفسه في مستنقع المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل ، والذي سيشمل بلا شك حصر السلاح بيد الدولة . فهل أدركنا ثمن خلافاتنا الداخلية حول سلاح حزب الله الذي كان يمكن تفاديه بدون كل هذه التعبئة الطائفية والمذهبية ؟

بسام غنوم