العدد 1652 /19-2-2025
ريتا الجمّال
أقرّ
مجلس الوزراء اللبناني، مساء اليوم الاثنين، البيان الوزاري الذي أكد "التزام
الحكومة بتحرير جميع الأراضي اللبنانية وواجب احتكار الدولة لحمل السلاح وبسط
سيادتها على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً"، على أن يُرسل إلى البرلمان
في وقتٍ لاحقٍ للتصويت عليه بهدف نيل الثقة. وأكدت الحكومة في جلسة انطلقت بعد ظهر
اليوم في قصر بعبدا الجمهوري، برئاسة الرئيس جوزاف عون، على الالتزام بالقرار
الأممي 1701 كاملاً ومن دون اجتزاء ولا انتقاء، والالتزام بالترتيبات التي وافقت
عليها الحكومة السابقة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي مع دخول وقف إطلاق
النار مع الاحتلال الإسرائيلي حيّز التنفيذ.
ومن
أبرز المضامين أيضاً التي أعلن عنها وزير الإعلام بول مرقص بعد انتهاء جلسة مجلس
الوزراء اللبناني والتي لم تتضمن أي ذكر لعبارة المقاومة منذ أكثر من عشرة أعوام،
"تحييد لبنان عن صراعات المحاور، إطلاق حوار جدي مع سورية وضبط الحدود وعدم
التدخل في شؤون كل دولة وعودة النازحين السوريين، إلى جانب عدم استعمال لبنان
منصّة للتهجّم على الدول الشقيقة والصديقة". كذلك نصّ في مسودته التي أدخلت
عليها بعض التعديلات في الجلسة على العمل من أجل إعادة الإعمار بكل شفافية عبر
صندوق لدعم الإعمار، إلى جانب تعزيز مقومات العيش الكريم، والتعاون لتطبيق برنامج
صندوق النقد الدولي مع مناقشات لاحقة ستجرى بهذا الإطار، واستكمال عودة المهجرين،
وتعزيز التعليم، ودور المرأة والمحافظة على البيئة، وتعزيز المجلس الاقتصادي
والاجتماعي عبر الرجوع إليه، والتزام التدقيق الجنائي والمحاسبي على الوزارات
والإدارات والمؤسسات العامة، مع التركيز على موضوع الإعلام والحريات العامة.
وأكد
مرقص في معرض ردّه على أسئلة الصحافيين أنّ الحكومة ليست في صدد التمديد لوجود جيش
الاحتلال وستعمل باتجاه التحرير الكامل للأراضي اللبنانية، وذلك في معرض تعليقه
على إعلان جيش الاحتلال البقاء في خمسة مواقع حدودية، لافتاً إلى أن المسودة تتضمن
نحو 80% من اتفاق الطائف، وثيقة الوفاق الوطني، و20% من خطاب قسم الرئيس عون.
وتطرق
عون في الجلسة الثانية التي يعقدها مجلس الوزراء اللبناني منذ تشكيل الحكومة إلى
موضوعين، الأول مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، حيث أكد حرية التظاهر السلمي
من دون التعدي ومن دون إمكانية قطع الطرقات، وقال إن الحفاظ على الوضع الأمني هو
خط أحمر، مشيراً إلى أن هناك موقوفين تجرى متابعتهم تحت إشارة القضاء المختص.
كما
تطرق إلى موضوع الحدود اللبنانية السورية، بحيث عبّر عون عن موقف الدولة الحازم
والواضح للذود عن الحدود، وقد عبّر عن ذلك سواء باتصالاته الخارجية أو توجيهاته
للقوى العسكرية والأمنية المختصة. ولفت مرقص كذلك إلى أنّ النسخة المعدّلة للبيان
الوزاري سترسل نسخة عنها للبرلمان في الساعات القليلة المقبلة، وسنذهب إلى المجلس
النيابي لنيل الثقة، مشدداً على أن هناك تضامناً وزارياً عاماً في البيان، وحصلت
تحفظات في موضوع معيّن لكن لم يكن هناك أي نقاش محتدم.
وبحسب
ما تسرّب من البيان الوزاري، فإن الحكومة تلتزم بحماية حريات اللبنانيين وأمنهم
وحقوقهم الأساسية، وفي مقدّمها حقهم في العيش الكريم، وسوف تسعى لأن تكون جديرة
بالتسمية التي أطلقتها، حكومة تقدم على الإصلاح وتتجنّد من أجل الإنقاذ وهي مدركة
أن الإصلاح هو طريقنا إلى الإنقاذ. كما تعي الحكومة أن ما شهده لبنان في الأشهر
الأخيرة من عدوان تسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، ويجعلنا نذهب إلى
الرهان على الدولة وإلى التضامن الوطني وإلى تضافر الجهود في سبيل تضميد الجراح
وبناء ما تهدم وحشد الدعم العربي والدولي من أجل تحقيق ذلك.
وستعمل
الحكومة على الإسراع في إعادة إعمار ما دمره العدو الإسرائيلي وإزالة الأضرار
وتمويل كل ذلك بواسطة صندوق مخصص لهذه الحاجة يمتاز بالشفافية ويُسهم في إقناع
المواطنين بأن الدولة تقف إلى جانبهم ولا تميّز بينهم. ومن أول الأهداف التي تضعها
الحكومة أمام أعينها وأرقى المهام التي ستنكب على إنجازها، هو إصلاح الدولة وتحصين
سيادتها، وهو مهمة ترقى في عدد من القطاعات إلى إعادة بنائها من جديد.
وتعيد
تأكيد سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها
دولياً، حسب ما ورد في اتفاق الهدنة بين إسرائيل ولبنان في 23 مارس/آذار 1949.
وبحسب البيان الذي ناقشه مجلس الوزراء، تريد دولة تملك قرار الحرب والسلم، دولة
جيشها صاحب عقيدة قتالية دفاعية يحمي الشعب، ويترتب على الحكومة أن تمكّن القوات
المسلحة الشرعية من خلال زيادة عديدها وتجهيزها وتدريبها، ما يعزز قدراتها على ضبط
الحدود وتثبيتها جنوباً وشرقاً وشمالاً وبحراً وعلى منع التهريب ومحاربة الإرهاب.
كما
تحرص الحكومة على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية والنيابية في مواعيدها
الدستورية، وإعادة هيكلة القطاع العام، وترسيخ استقلال القضاء العدلي والإداري
والمالي وإصلاحه وإجراء التشكيلات القضائية، مع إيلاء اهتمام أيضاً لحقوق
المودعين، وإصلاح قطاع الاتصالات والكهرباء.
ومن
المستبعد أن تُحجب الثقة عن الحكومة، باعتبار أن الأصوات المعترضة ليست كبيرة،
منها التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل وبعض النواب من الطائفة
السنية، مع العلم أنّ نصاب جلسة منح الثقة هو عادي إذ يتطلب حضور النصف زائد واحد
أي 65 نائباً من أصل 128، والتصويت يحتاج إلى غالبية النواب الحاضرين. وبحسب
المادة 64 من الدستور اللبناني، فإنّه "على الحكومة أن تتقدّم من مجلس النواب
ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة 30 يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها، ولا
تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة
إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال".