العدد 1602 /21-2-2024
بسام غنوم
دخلت المفاوضات بين حركة حماس والعدو الصهيوني بعد
إصرار رئيس الوزراء نتن ياهو على فرض شروطه ورفضه المعلن لشروط حركة حماس في نفق
المراوحة، وأخذت المواقف التي يطلقها نتن ياهو طابع التهديد باجتياح مدينة رفح،
واتت كل هذه المواقف الإسرائيلية رغم الرفض المعلن من قبل الإدارة الأميركية
والاتحاد الأوروبي للمواقف الإسرائيلية سواء بخصوص اجتياح رفح، أو فيما يتعلق
بالدولة الفلسطينية الذي اعتبرها نتن ياهو تهديدا لوجود إسرائيل ومكافأة لحركة حماس
بعد معركة طوفان الأقصى في ال7 من أكتوبر 2023.
واللافت في الأمر أن التصعيد الإسرائيلي لم يكتف
بالتهديد باجتياح مدينة رفح التي تضم حوالي مليون ونصف من أهالي غزة حيث نقلت
رويترز عن مسؤولين إسرائيليين أن: العمليات العسكرية في قطاع غزة ستستمر من 6 إلى
8 أسابيع، بل استتبع ذلك بقرار من رئيس الوزراء الصهيوني نتن ياهو حول دخول
المصلين إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك، حيث نقلت القناة ال13
الإسرائيلية عن مصادر، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وافق على تقييد دخول
فلسطينيي الداخل ممن هم دون سن 50 إلى المسجد الأقصى خلال رمضان، وفقا لما كان قد
طالب به وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وقد أثار هذا الموقف ردود فعل مستنكرة من حركة
حماس التي قالت في بيان، إن تبني نتنياهو لمقترح الوزير المتطرف بن غفير بتقييد
دخول فلسطينيي الداخل والقدس إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان هو "إمعان في
الأجرام الصهيوني والحرب الدينية التي تقودها مجموعة المستوطنين المتطرفين في
حكومة الاحتلال الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني".
وكان هناك ردود فعل مستنكرة أيضا من الفصائل
الفلسطينية ومن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر التي اعتبرت
أن مطالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير التي قبلها رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو بشأن تقييد الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك هي "إعلان حرب
شاملة وتمهيد لتفريغ الحرم القدسي".
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل المواقف التصعيدية
اليومية لنتن ياهو، هو: ماذا يريد نتن ياهو وحكومته من وراء التهديد باجتياح رفح،
وتقييد الدخول إلى المسجد الأقصى، ورفض مطالب حركة حماس التي اعتبرها الوسطاء
العرب الدوليون إيجابية بالمجمل؟
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من
أكتوبر الماضي والقيادة الصهيونية تعيش في حالة من القلق حول مستقبلها السياسي،
خصوصا بعدما كشفت معركة طوفان الأقصى هشاشة الكيان الصهيوني والجيش الإسرائيلي،
الذي فشل حتى الآن في تحقيق إي من أهدافه المعلنة وهي القضاء على حركة حماس وتحرير
الأسرى لدى حماس، وبدلا من ذلك لجأ الجيش الإسرائيلي إلى سياسة الأرض المحروقة عبر
استهداف المدنيين العزل في غزة، وتدمير المباني والمستشفيات والمدارس ولم يبق حجر
على حجر كما يقال، ورغم كل هذا الأجرام الصهيوني بحق الأبرياء المدنيين في غزة
والدمار الهائل وجد نتن ياهو نفسه عاجزا عن تحقيق أهدافه المعلنة بتدمير حماس
وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وزاد الطين بلة كما يقال إعلان الوسطاء الأميركيين
والأوروبيين والعرب ان ردود حركة حماس على مفاوضات التهدئة كانت ايجابية بالمجمل،
وترافقت هذه المواقف مع زيادة التعاطف الشعبي وحتى من قبل كثير من الرسميين في
مخلف دول العالم ولا سيما في اميركا واوروبا مع مطالب الشعب الفلسطيني بالحرية
والاستقلال، حيث خسر العدو الصهيوني وحلفاؤه معركة الرأي العام الدولي التي صبت
لصالح الشعب الفلسطيني المظلوم، وقد كان لمعركة طوفان الاقصى الدور الكبير في هذا
الامر مما دفع نتن ياهو ووزراءه الى مزيد من الجنون بدل الاستماع لمطالب حركة حماس
والرأي العام الدولي، بل انه حتى داخل المجتمع الصهيوني هناك رفض معلن وكبير جدا
لسياسات نتن ياهو وبن غافير وسموتريتش، واكدت استطلاعات الرأي العام التي جرت في
الكيان الصهيوني ان شعبية نتن ياهو قد تراجعت كثيرا، وانه اذا جرت انتخابات سوف يخسر
هو وحلفاءه هذه الانتخابات.
ولذلك يريد نتن ياهو ومن معه من كل هذا التصعيد
والتهديد باجتياح رفح، واخيرا منع دخول المصلين المسجد الاقصى لمن هم دون سن
الخمسين، لي ذراع حركة حماس للقبول بشروطه التي هي بمثابة اعلان الهزيمة
والاستسلام امام المطالب الاسرائيلية.
لكن فات نتن ياهو ومن يقف معه بالسر والعلن دوليا
وعربيا للأسف ان حركة حماس وقوى المقاومة في غزة ومعهم اهالي غزة المكلومين، رغم
كل الاجرام الصهيوني وقتل النساء والاطفال والشيوخ والتدمير الممنهج لكل مايمت الى
الحياة في غزة، ما زالوا صامدين ويرفضون الاستسلام ولن يقبلوا بعد كل هذه التضحيات
باقل من قبول اسرائيل بشروط حركة حماس وقوى المقاومة في غزة، والتي تتلخص اولا
بوقف العدوان وتحرير الاسرى في السجون الاسرائيلية، واعادة الاعمار وادخال
المساعدات لغزة دون قيد اوشرط، وفضلا عن ذلك كله بقاء حركة حماس وقوى المقاومة في
غزة.
بالخلاصة يمكن القول ما يجري في غزة الآن معركة عض
اصابع بين حركة حماس وقوى المقاومة والعدو الصهيوني، ومن يصبر ينال النصر، و-إن
شاء الله- تعالى سيكون النصر حليف المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة الذي لن يقبل
بأي حال من الاحوال الاستسلام لشروط العدو الصهيوني.
بسام غنوم