العدد 1579 /13-9-2023
بسام غنوم

احتلت الاشتباكات الدائرة في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح ومجموعات اسلامية صدارة الاهتمامات على الصعيدين السياسي والامني في لبنان نظرا لما يمثله مخيم عين الحلوة من اهمية استراتيجة كونه يضم اكبر عدد للاجئين الفلسطينيين في لبنان اولا ، وبسبب وقوعه في مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني والتي تمثل بوابة الجنوب التي تفصله عن العاصمة بيروت ثانيا ، ولتمركز القوة الرئيسية لحركة فتح في لبنان فيه ثالثا، كل هذه العوامل جعلت من مخيم عين الحلوة على الدوام محط انظار كل القوى السياسية في لبنان سواء تلك المؤيدة للقضية الفلسطينية او المعارضة للوجود الفلسطيني في لبنان حيث يعتبر مخيم عين الحلوة عاصمة الشتات الفلسطيني في لبنان ورمزه الاكبر والاقوى.

وقد مثلت الاشتباكات الاخيرة نقطة تحول في الصراع الدائر من اجل السيطرة على المخيم بين حركة فتح من جهة والمجموعات الاسلامية من جهة اخرى ، حيث تحول الصراع الطويل والمزمن بين الطرفين الى حرب ضروس ادت الى الحاق دمار كبير جدا في كثير من احياء المخيم ، وادت كذلك الى تهجير ابناء المخيم مما دفع اكثر من جهة الى التساؤل عن المستفيد من الصراع المفتوح بين فتح والمجموعات الاسلامية في عين الحلوة.

لكن السؤال هو : لماذا ومن هو المستفيد من تدمير وتهجير اهالي وسكان مخيم عين الحلوة ؟

بداية الاحداث الاخيرة في عين الحلوة كان سببها اغتيال مسؤول الأمن الوطنيّ في صيدا أبو أشرف العرموشي مع مرافقيه حيث اتهمت حركة فتح بلال بدر المسؤول في الشباب المسلم بالمسؤولية عن اغتيال العرموشي وطالبت بتسليمه ومجموعة من الشباب المسلم الى السلطات اللبنانية ، وقبل ذلك جرت محاولة محاولة لاغتيال الفلسطيني محمود خليل الملقب بإسم " أبو قتادة " أدت لمقتل شاب كان برفقته يدعى عبد فرهود فيما أصيب أبو قتادة بجروح وعُلِم أنّ "مطلق النار ملقّب بالصومالي، وينتمي إلى حركة فتح .

لكن هل كل مايجري حاليا في مخيم عين الحلوة من مواجهات بكل انواع الاسلحة هو بسبب اغتيال العرموشي ، ام ان هناك خلفيات اخرى لاحداث مخيم عين الحلوة ؟

لايمكن باي حال من الاحوال عزل ما ما يجري في مخيم عين الحلوة حاليا وماقد يجري لاحقا في باقي المخيمات الفلسطينة في لبنان ، عن الصراع مع المشروع الاسرائيلي- الاميركي في المنطقة ، فالمعارك الدائرة حاليا في عين الحلوة وبغض النظر عن اسبابها المعلنة من قبل حركة فتح – معاقبة قاتلي العرموشي- جاءت بعد زيارة لافتة لمدير المخابرات في السلطة الفلسطينية ماجد فرج الى لبنان بعد المواجهات التي جرت في مخيم جنين والتي كشفت عن تطور نوعي كبير في قدرات المقاومة في جنين وفي الضفة الغربية بحيث عجز الجيش الاسرائيلي عن اقتحام مخيم جنين ، وتكفلت فيما بعد الاجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية بملاحقة واعتقال عدد كبير من المقاومين في مخيم جنين وفي باقي مناطق الضفة الغربية ، وكان لافتا اتهام اسرائيل للمسؤول في حركة حماس صالح العاروري و لمسؤول حركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة المقيمين في لبنان بالمسؤولية عن تصاعد العمليات ضد المستوطنين والجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية.

وبالتالي لايمكن عزل ماجرى ويجري حاليا في مخيم عين الحلوة عن ما يسمى بالتنسيق الامني القائم والمعلن بين السلطة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي ، خصوصا اذا علمنا ان ماجد فرج كان قد اجتمع بمسؤولي حركة فتح في لبنان وطالب بتسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان الى السلطة اللبنانية ، وهذا الطلب لقي معارضة شديدة من بعض مسؤولي فتح في لبنان وخصوصا من أبو أشرف العرموشي ، ولذلك لايستبعد ان يكون مايجري في مخيم عين الحلوة حاليا هو مخطط او سيناريو امني معد بين السلطة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي من اجل ضرب الوجود الفلسطيني في لبنان والغاء حق العودة اولا ، ومحاولة التأثير على وجود حركتي حماس والجهاد الاسلامي في لبنان ثانيا تحت عناوين تهديد الامن اللبناني ودعم الارهاب ... الخ ثالثا.

بالخلاصة يمكن القول ان الاحداث القائمة حاليا في مخيم عين الحلوة لها ابعاد اخرى غير التي كانت تجري سابقا والتي كان يغلب عليها الطابع الامني والمحلي ، اما ما يجري حاليا فهو ذو خلفيات امنية ومخابراتية دولية بهدف ضرب المقاومة والوجود الفلسطيني في لبنان.

بسام غنوم