العدد 1493 /29-12-2021
يدخل لبنان واللبنانيون العام 2022 في ظل
أوضاع سياسية واقتصادية ومعيشية واجتماعية وامنية صعبة جدا، فما يعانيه اللبنانيون
اليوم لم يمر عليهم منذ أيام المجاعة في العام 1914 ، فعدد الفقراء تجاوز الثمانين
بالمائة من اللبنانيين ، والودائع في البنوك تسرق علنا ولا احد يستطيع استعادتها
كاملة ، ومجلس الوزراء معطل منذ شهرين ، والاوضاع الامنية تمر في مرحلة خطيرة ،
والجنود وعناصر قوى الامن يهربون من قطاعاتهم ، وكل البلد على كف عفريت والناس
تتسول الطعام والادوية ، وهناك ارتفاع يومي في اسعار السلع ، وقيمة الليرة
اللبنانية تنهار بسرعة.
فالى اين تتجه الاوضاع في لبنان في العام
المقبل ؟ وما هي ابرز الاستحقاقات والاحداث المتوقعة في لبنان؟ واي مستقبل للبنان
في ظل الدعوات لتغيير النظام واقامة الفيدرالية والدعوة الى العودة الى لبنان ما
قبل العام 1920؟
الاستحقاقات والتحديات
في العام الجديد
يدخل لبنان واللبنانيون العام الجديد وقد
اعلنت وزارة الداخلية موعد إجراء الانتخابات النيابية في منتصف شهر ايارالمقبل
للمقيمين وفي السادس والثامن منه للمغتربين ، وتشكل الانتخابات النيابية الاستحقاق
الاهم الذي سيواجه لبنان في الفترة المقبلة ، لانه من خلال هذه الانتخابات سيتم
رسم صورة جديدة للواقع السياسي الداخلي وهناك رهانات كثيرة داخلية وخارجيا على
احداث تغيير كبير في هذا الواقع بعد التطورات التي حصلت خلال السنتين الماضيتين .
واما
الاستحقاق السياسي الهام الذي سيشهده العام الجديد ايضا فهو الانتخابات الرئاسية
والتي ستجري في شهر تشرين الاول مبدئيا ، وسيكون لنتائج الانتخابات النيابية تأثيرا
كبيرا في تحديد اتجاه الانتخابات الرئاسية ، مع ان هناك وجهة نظر يتحدث عنها بعض
المحللين والسياسيين تستبعد حصول الانتخابات النيابية والرئاسية مما سيدخل لبنان
في واقع سياسي صعب وخطير.
واضافة لهذين الاستحقاقين الهامين ، فهناك
تطورات مهمة سيشهدها لبنان ومنها : عودة اجتماعات مجلس الوزراء والعلاقات بين
القوى السياسية والحزبية وعلاقات لبنان مع دول الخليج العربي، و نتائج التحقيقات
في انفجار المرفأ ومستقبل القاضي طارق بيطار والتحقيقات في احداث الطيونة، والاوضاع
الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي
وقانون الكابيتال كونترول ومصير ودائع اللبنانيين في البنوك والى اي مستوى سيصل
سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار وانعكاس ذلك على الاسعار ومعيشة
اللبنانيين .
كل هذه الاستحقاقات سيكون لها تأثير كبير
على اوضاع لبنان واللبنانيين في العام الجديد والخوف الكبير ان يكون العام الجديد
أسوأ من العام الماضي مما سيكون له تأثيرات خطيرة على الاوضاع الامنية والمعيشية
والاجتماعية.
اي مستقبل للبنان في
المرحلة المقبلة؟
على ضوء هذه الاستحقاقات والتحديات وفي ظل
الدعوات للفيدرالية والتقسيم وتغيير النظام ، اي مستقبل ينتظر لبنان في المرحلة
المقبلة؟
تشير مصادر سياسية ودبلوماسية مطلعة في بيروت
الى ان لبنان يمر في هذه المرحلة بوضع صعب ودقيق وان النظام القائم اليوم لم يعد
قادرا على استيعاب مختلف التحديات الداخلية والخارجية ، وعلى ضوء ذلك هناك ضرورة
قصوى لاعادة التفكير والبحث في مستقبل لبنان في المرحلة المقبلة.
وهناك عدة وجهات نظر ، الاولى تدعو الى
استكمال تطبيق الطائف والدستور الحالي من اجل اصلاح النظام السياسي وتطويره نحو
الافضل مع اجراء التعديلات المناسبة ، والثانية تدعو الى اعادة النظر بكل النظام
القائم والعمل لاقامة دولة مدنية مع تغيير الدستور والغاء الطائفية السياسية ، والثالثة
تدعو لاعتماد الفيدرالية او التقسيم او اعادة الكيان اللبناني الى ما قبل العام
1920 ، وهناك وجهات نظر اخرى تدعو الى اعتماد الحياد وعقد مؤتمر دولي حول لبنان
والى مقاومة ما يسمونه الاحتلال الايراني او نفوذ ايران في لبنان، وكل هذه الاراء
تؤكد ان لبنان يمر بمرحلة صعبة ومستقبل مجهول لا احد يستطيع تحديد افقها في
المرحلة المقبلة.
كل هذه الاجواء تؤكد الحاجة الى حوار وطني
داخلي حول كل الملفات والاستحقاقات والتحدياتالداخلية والخارجية لانه بدون الحوار الوطني المباشر بين مختلف القوى
السياسية والحزبية لا يمكن حسم اي ملف ، واما التراشق بالاتهامات والسجالات فانه
سيزيد الشرخ بين المواطنين ولن يوصل الى اية نتيجة ، والاهم من كل ذلك عودة النشاط
الى مجلس الوزراء ومعالجة الملفات العالقة والا ستكون الايام صعبة جدا وسيكون
العام المقبل اسوأ بكثير من العام الحالي ، فهل نتعظ من دروس الماضي او نظل نخفي
رؤسسنا في الرمال ؟
قاسم قصير