لبنان الى أين.. في ظل ارتفاع سعر الدولار والاستمرار العبثي في تعطيل تشكيل الحكومة ؟
العدد 1453 /17-3-2021
تعيش الساحة اللبنانية مع
تعثر تشكيل الحكومة وارتفاع سعر صرف الدولار الى ما فوق ال 14000 ليرة لبنانية
حالة من العبث السياسي بكل ما في الكلمة من معنى فالخلافات حول تشكيل الحكومة
اصبحت محكومة بمزاجية النائب جبران باسيل الذي يعيش في ظل اوهام استعادة
"صلاحيات رئاسة الجمهورية وحقوق المسيحيين" وهو بدلا من تسهيل عملية
تشكيل الحكومة في ظل حالة الانهيار الاقتصادي الذي يعيشه لبنان ، أطل على
اللبنانيين في مؤتمر صحفي قال فيه أن "الصمود عنوان المرحلة ويكون عبر تحديد خيارات
استراتيجية وتموضعات انتقالية في السياسة الخارجية والداخلية وعبر سياسة تنظيمية داخلية
تسمح بالتأقلم والتحمل تحقيقاً لما اعتاد عليه التيّار من صمود ومرونة تضاف اليهما
ضرورة الانتاج تضاف اليهما ضرورة الانتاج”، وهو ما اثار حفيظة غالبية اللبنانيين
الذين يريدون حكومة في أسرع وقت ممكن للخروج من نفق الازمات التي تعصف بهم على كل
الصعد ، واما الحديث عن الصمود والخيارات الاستراتيجة فهذا بات في اخر اهتمامات
اللبنانيين الذين اصبحوا عاجزين عن تأمين ادنى حاجاتهم المعيشية والصحية، واصبح جل
اهتمامهم تأمين الحد الادنى من متطلبات العيش الكريم ، وتأتي هذا المواقف لرئيس
التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فيما الحديث يجري عن فشل كل الوساطات
الجارية لحلحلة عملية تشكيل الحكومة بسبب تمسك الرئيس عون بالثلث المعطل وبوزارتي
العدل والداخلية ، وكأن ما يجري على الارض من تحركات واعتراضات وقطع للطرقات بسبب
الوضع المعيشي يجري في بلد اخر لا علاقة له بلبنان واللبنانيين.
والسؤال الذي يطرح نفسه
هو : لبنان الى أين في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار والاستمرار العبثي في تعطيل
تشكيل الحكومة ؟
في البداية لابد من التوقف
اولا عند الموقف الصادر عن الخارجية الاميركية تجاه لبنان والذي قال فيه الناطق باسم
وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس : «نحن قلقون من التطورات في لبنان»، ولا سيما
من «التقاعس الواضح من الزعماء اللبنانيين في مواجهة الأزمات المتعددة المستمرة»، مضيفاً
أن «اللبنانيين يستحقون حكومة تنفذ بشكل عاجل الإصلاحات اللازمة لإنقاذ الاقتصاد المتدهور»
في البلاد. وإذ أكد أن «الاقتصاد اللبناني في حال أزمة بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة»،
قال: «يحتاج الزعماء السياسيون اللبنانيون إلى التخلي عن سياسة حافة الهاوية الحزبية.
ويجب عليهم أن يغيروا المسار. يجب عليهم أن يعملوا من أجل الخير العام والمصالح المشتركة
للشعب اللبناني». ولعل ابرز ما في الموقف الأميركي من الوضع في لبنان هو المطالبة
ب " التخلي عن سياسة حافة الهاوية الحزبية " التي يتبعها الفريق الحاكم
ولا سيما الرئيس عون والتيار الوطني الحر ومعهم "حزب الله " الذي يدير
عملية تشكيل الحكومة وفق السياسة الايرانية في المنطقة التي تريد فرض واقع سياسي
جديد ليس في لبنان فحسب بل في كل المنطقة بدأ من العراق وسوريا مرورا باليمن وصولا
الى لبنان ، ولذلك تبدو العقد الاقليمية أكثر بروزا في تأخير تشكيل الحكومة من
العقد الداخلية التي تستعمل لابتزاز اللبنانيين تحت عناوين طائفية ومذهبية فقد أكد
المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن "الدولار السياسي والغليان الشعبي
وطاعون الجوع والاحتكار الشامل واللعب بالنار وشلل قدرة الدولة ووضع مفاتيح سياسة البلد
بالجيب، يضع مشروع الدولة على حافة السكين، ويدفع بالبلد نحو المجهول"، وأضاف
أن "لعبة الشوارع وأبواق التحدي قد تدفع لحرب أهلية بخاصة أن مفاتيح الشارع بهذا
الزمان عاجزة عن السيطرة" ، ويتناغم موقف المفتي قبلان مع مواقف النائب باسيل
فيما يتعلق بالوضعين السياسي والاقتصادي على اساس اعتبار أن مايجري من تحركات
شعبية رفضا للوقع الاقتصادي السيء وأعتراضا على التعثر الحاصل في تشكيل الحكومة
انما هو جزء من المؤامرة على ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة، وهذه المواقف
بمثابة "اللعب على حافة الهاوية" بكل ما في الكلمة من معنى ولا تقيم اي
اعتبار لوجع الناس وجوعهم ومرضهم و انما جل اهتماهم تأمين مصالحهم الحزبية
والطائفية ولو على حساب حياة اللبنانيين ومستقبلهم.
بالخلاصة يمكن القول
لبنان الموجوع والجائع اسير طبقة سياسية فاسدة لا ترى الا مصالحها السياسية
والطائفية وهذا الوضع مرشح للتصاعد طالما بقيت هذه الطبقة ممسكة بخناق لبنان
واللبنانيين ، ولا حل الا عبر كسر حواجز الولاءات الطائفية والمناطقية والعودة للوحدة
الوطنية ومفاهيم العيش المشترك والولاء للبنان. فهل هذا ممكن ؟
بسام غنوم