العدد 1633 /9-10-2024
يخشى صيادو مدينة صيدا
في جنوب لبنان، الأسوأ بعد التحذيرات الإسرائيلية للمستجمين والموجودين على شاطئ
البحر، وكل من يستخدم القوارب للصيد، وخصوصاً أن تأمين قوتهم اليومي مرهون بعملهم.
مع تصاعد العدوان
الإسرائيلي على لبنان، تكثر الإنذارات التي توجه إلى السكان المدنيين في جنوب
لبنان. هذه المرة، وُجّهت إنذارات مباشرة لمرتادي الكورنيش البحري، ولمن يستعمل
قوارب الصيد على خط البحر من نهر الأولي جنوباً باتجاه مدينة صيدا (جنوب). وكتب
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشور عبر موقع "إكس":
"تحذير عاجل للمستجمين والموجودين على شاطئ البحر وكل من يستخدم القوارب
للصيد أو لأي استعمال آخر من خط نهر الأولى جنوباً". أضاف أن الجيش
الإسرائيلي يعتزم العمل "في الوقت القريب" في نطاق المنطقة البحرية
الجنوبية للبنان.
وسارع المعنيون إلى
اتخاذ تدابير من شأنها حماية الصيادين، فطلبت منهم العودة بقواربهم إلى الشاطئ،
إلا أن بعض الصيادين كانوا قد ألقوا شباكهم في البحر. وبعدما عادوا إلى الشاطئ،
طلبوا من المعنيين السماح لهم بالعودة إلى البحر مجدداً لإحضار شباكهم، وكان لهم
ذلك.
ويقول الصياد ديب القرص،
وهو عضو في نقابة الصيادين من مدينة صيدا حيث يقيم: "أعمل في مهنة الصيد منذ
23 عاماً، وقد ورثت المهنة عن أبي الذي ورثها بدوره عن جده. قبل العدوان، كنّا
نعمل بشكل طبيعي. لكن بعد التهديد بعدم العمل من نهر الأولي وحتى الناقورة جنوباً،
امتثلنا لقرار الدولة اللبنانية الذي يفضي إلى حمايتنا. لا تزال قواربنا في البحر.
ومن كانت شباكه عالقة في عرض البحر، طلب منهم إزالتها، علماً أن الأمر مكلف جداً".
يتابع: "توقفنا عن
العمل. سنتضرر لأننا لن نستطيع تأمين قوت يومنا. لا أحد يقدم إلينا مساعدات منذ
خمس سنوات. ما من أحد يكترث لصيدا. لا فعاليات ولا جمعيات تساهم في تقديم مساعدات
للصيادين، وما من تعويض مادي من الممكن أن يخفف عن الصياد الضرر الذي سيحل به جراء
توقفه عن العمل. لم نستفد من أي تحسين حصل في المدينة إلا عندما بُنيَ سوق للسمك
في ميناء صيدا الذي أغلق حتى إشعار آخر".
ويوضح: "نحن 350
صياداً من الجنسية اللبنانية نعمل في الميناء، بالإضافة إلى 150 صياداً فلسطينياً،
وجميعنا منتسبون إلى النقابة، لكن سيتوقف عملنا، بالإضافة إلى القوارب السياحية
التي كانت تستفيد من تقديم الخدمات السياحية إلى أهل المدينة والزوار. بعد أيام
قليلة، ستعلو صرختنا، إذ نعيش كل يوم بيومه".
من جهته، يقول الصياد
حسن شعبان، من مدينة صيدا، وهو أب لسبعة أولاد: "منذ 43 عاماً وأنا أعمل في
مهنة الصيد. منذ خمسة أشهر والعمل خفيف. منعنا من العمل في مناطق الجنوب مع تدهور
الوضع، بقرار من الدولة اللبنانية، إذ عادة ما نسجل أسماءنا لدى مديرية المخابرات
في الجيش اللبناني لإعلامهم بأماكننا. سُمح لنا بالصيد من منطقة سينيق شمالاً
وصولاً إلى ميناء صيدا، وحتى منطقة الأوزاعي شمالاً، وذلك بعد انفجارات البيجرز.
لكن اليوم، منعنا من الصيد نهائياً".
هذا الإجراء التصعيدي من
قبل العدو بحق الصيادين، وتوقفنا عن العمل، سيحرم عائلات الصيادين تأمين قوت
يومهم. ويقول شعبان إن "أوضاعنا الاقتصادية كانت متدهورة قبل منعنا من العمل،
فكيف بمنعنا من العمل؟ صيادو جنوب لبنان أوفر منا حظاً. لديهم جهات تقدم إليهم
المساعدة. قطاع الصيد في مدينة صيدا مهمَّش، وليس لديه من يهتم به. فإذا تطور
الأمر، وطال منعنا من العمل، لا نعرف ما الذي سيحل بنا، وخصوصاً أن الإنذار جاء
حتى إشعار آخر".
يتابع شعبان: "قبل
قصف مبنى في منطقة الجية (قضاء الشوف)، كنا نصل بقواربنا إلى هناك. لكن بعد ذلك،
لم نعد نذهب إلى المنطقة، ومنها إلى الأوزاعي شمالاً. كل قارب يعيل ثلاث إلى أربع
عائلات. وجراء هذا التهديد، نشعر بأننا سنُهجَّر، ونحن لا نتحمل الأمر. مدينة صيدا
أيضاً تستقبل عدداً كبيراً من النازحين". يضيف: "بدل إيجار بيتي 125
دولاراً، فضلاً عن المصاريف الأخرى. إذا لا قدر الله قُصفَت القوارب، فستحل مصيبة
كبيرة في منطقة صيدا. الميناء قريب جداً من المنازل، بالإضافة إلى قوارب السياحة
الكبيرة التي تعمل على الوقود. في حال تفجيرها، ستحترق كل القوارب وستحلّ بنا
مصيبة. كذلك فإن خط السير البحري هو مساحة لرواد الكورنيش".
يضيف أن "الشباب
الذين يعملون معنا في القوارب لديهم عائلات، وبدلات إيجار المنازل لا تقلّ عن 250
دولاراً. وبالتالي، فإن التوقف عن العمل يعني التشرد". في هذا الإطار، يقول
العامل في مزاد بيع السمك، والعضو في نقابة الصيادين، بلال جاسر (27 عاماً)، وهو
من مدينة صيدا: "لدينا طاولة سمك في سوق السمك. نشتري السمك من الكسيحة، أي
صيادي القوارب، ونبيعه في السوق. إذا لم يصطد الصيادون السمك، لن نستطيع
العمل". يضيف: "نحن ستون عائلة نعمل في سوق السمك. أشقائي يعملون معي،
وهم متزوجون، وجميعهم يسكنون بيوتاً بالإيجار. أسبوع واحد وستعلو صرخة البحرية.
نعمل كل يوم بيومه. لا ضمان ولا تأمين صحي. كذلك ليس لدينا راتب شهري".
من جهته، يقول أحد
الصيادين المقيمين في صيدا، والعضو في النقابة، الذي رفض الكشف عن اسمه:
"بيتي ليس ملكاً لي. الشهر الماضي لم أتمكن من دفع الإيجار بسبب قلة العمل.
واليوم، توقفنا عن العمل حتى إشعارٍ آخر. وإذا جاءت صاحبة البيت وطردتني منه، ماذا
يمكن أن أفعل؟ إلى أين أذهب؟". يضيف: "لدي ابنتان، إحداهما تبلغ من
العمر شهراً واحداً، والثانية عمرها سنة. في أيام الشتاء، نتوقف عن العمل لبعض
الأيام، لكننا نعود إلى العمل عندما يهدأ البحر". يضيف: "نحن ثلاث
عائلات نعمل في قارب واحد، وجميعنا متزوجون، بالإضافة إلى والدي. ولدى جميعنا
أطفال. عند بداية العدوان، منعنا من الصيد باتجاه الصرفند جنوباً، اكتفينا بالصيد
من صيدا حتى الأوزاعي شمالاً، لكن اليوم توقفنا عن الصيد نهائياً بسبب الإنذارات
التي تلقيناها اليوم. وإذا بقينا على هذا الحال، سنتضرر جميعنا، نحن الذين نعمل في
مهنة الصيد. نعيش كل يوم بيومه. لكن بعد اليوم، انتهى العمل بالصيد وتوقف عمل سوق
السمك".