العدد 1663 /14-5-2025
لبنان الكيان، والوطن، والشعب المتعدد الثقافات
والحضارات والاديان، لا يمكن اختزاله بهوية واحدة، ولا احتكار تمثيله بثقافة تمثل
فريق لبناني..
وازمة الهوية التي يعيشها الوطن اللبناني، نابعة من
طموحات البعض في احتكار التمثيل وربط الانتماء بهوية دينية تحت عناوين سياسية..
وبحماية السلاح...مهما تمت تسميته او مبرر وجوده
ان استخدام الدين كعامل اساسي في استقطاب الجمهور، ورفع
منسوب الانتماء الغرائزي الديني فقط، الذي لا يقدم مشروعاً سياسياً او اقتصادياً
ولا حتى اجتماعياً على مستوى الطائفة وبالتالي على مستوى الوطن لا يخدم الاستقرار
ولا التلاحم الوطني
إن الخطاب الديني، انما يؤسس لازمة انتماء وانفصال عن
باقي مكونات الوطن لغياب الرؤية الوطنية وتعميق الشعور بالانفصال بل والغربة عن
باقي المكونات الوطنية، خاصةً في بلدٍ متعدد الانتماءات والهويات الدينية..
إن استحضار الاحداث التاريخية، بتفاصيلها الدقيقة والتي
قد لا يكون بعضها واقعياً او صحيحاً بل اسطورياً وخيالياً في كثير من الوقائع،
يقود الى الانفصال عن الآخرين، اما لانهم لا ينسجمون مع هذه الوقائع، او باعتبارهم
ينحدرون من سلالة الخصوم والاعداء..والمنافسين على التمثيل والقيادة..
إن ربط المجتمع الشيعي بمرجعية دينية امر طبيعي لان
الهوية الدينية يجب ان نحترمها ونقدرها، والانتماء الديني لا يشكل انفصاماً ولا
انفصالاً، بل هو حالة طبيعية تعيشها كافة الشعوب في مختلف الدول..
ولكن عندما يكون الانتماء الديني، عامل تعزيز وتشجيع
للرغبة والحنين للولاء والارتباط والخضوع وخدمة مشروع سياسي اقليمي او دولي،
باعتبار ان المرجعية الدينية التي هي نفسها القيادة السياسية، فهذا يقود حتماً
للانفصال وزرع جدران الانقسام بين المكون الشيعي مع بقية المكونات اللبنانية
والعربية والاسلامية.. لان ايران عملت على جمع المرجعية الدينية والسياسية في
شخصية المرشد (الخامنئي)..فاصبحت الطاعة واجبة وخدمة المشروع والالتزام به امراً
دينياً يخدم المشروع السياسي لايران بذريعة حماية الطائفة..وهنا تكمن اهمية
المحافظة على السلاح وتبرير وجوده والمحافظة عليه لحماية المشروع الاقليمي على
حساب الطائفة ومصالحها الوطنية..وعلاقاتها مع الآخرين التي تفتقد حينها
للثقة..مهما حاول البعض التبرير والتوضيح والتعليل..
إن الهوية الشيعية ليست حالة طارئة.. او مستحدثة.. ولكن
كيف تقدم نفسها وكيف تتعامل مع الآخرين..؟؟
من غير المقبول ان يتم التعامل على اساس انها تمثل الحق
المطلق، وان الآخرين يمثلون الباطل.. حتى لو كان هذا شعورها وثقافتها..!!
يجب ان تتحلى المرجعيات الدينية كما الحزبية بواقعية
بالغة وحذرة من الانجراف نحو تعزيز الانقسام بين المسلمين اولاً ومع باقي المكونات
اللبنانية ثانياً..
التعددية السياسية والدينية تخدم الاستقرار في الوطن
وضمن الطائفة، لان احتكار التمثيل السياسي والديني يؤدي الى المواجهة والصدام، مع
الآخرين، لغياب وجهات النظر الاخرى، واحتكار الموقف والمسار السياسي، والخلاف
الديني العلني، ينعكس على العلاقات السياسية.. مع الآخرين، وحينها الخلاف السياسي
قد يأخد ابعاد دينية..
لقد دفعت الطائفة الشيعية في لبنان، اثماناً كثيرة
لانخراطها في محاور اقليمية تخدم الاخرين ولا تخدم الطائفة كما المصلحة
الوطنية..!!
ولو تم اجراء احصاء دقيق للواقع الاجتماعي للعائلات
الشيعية المنكوبة في لبنان والمنطقة فإن النتيجة سوف تكون حتماً صادمة ومفجعة..
وهنا لا بد من التوقف عند بعض الملاحظات..
هل المطلوب استمرار القطيعة مع العالم الاسلامي.. وخاصة
العالم العربي.. بالتهجم على الانظمة العربية.. ومن ثم استجداء الدعم والتمويل
منها..؟؟؟
هل الهدف هو تصوير الشيعة او اظهارهم على انهم فرقة
دينية وليسوا جزءاً من الامة الاسلامية..؟؟ وان وجهتهم الدينية والسياسية ايران
ومرجعيتها حصراً..!! وبالتالي عزلهم واحتكار التمثيل السياسي والديني..!!
ماذا يريد شيعة لبنان واي دورٍ يريدون..
غياب مفهوم الدور وحجمه وطبيعته يعود لتعزيز الارتباط
بالمحور الايراني، الذي ربط المكون الشيعي اللبناني بأهداف ومخططات تتجاوز حجمه
وحضوره.. وبالتالي زرع حالة من التشتت والضياع بين الانتماء الوطني، والاقليمي،
وبين الانتماء الديني والمذهبي..
احتكار التمثيل كما اشرنا سوف ينعكس سلباً على علاقات
المجتمع الشيعي بباقي اللبنانيين.. لذلك المطلوب الخروج من عباءة احتكار الثنائي
الشيعي للتمثيل السياسي، الى حالة التعددية السياسية التي تقدم رؤى مختلفة تخدم
الحضور الشيعي ضمن الكيان اللبناني وتحت سقف الدستور والمؤسسات
الدستورية..والعملية الديموقراطية التي تحترم خيارات وافكار الآخر....!!
الاحتفاظ بالسلاح لحماية المشروع الديني والارتباط
بالمحور الاقليمي، لا يخدم الاستقرار والحضور والدور.
ضرورة احترام ثقافة وحضارة ورموز وشخصيات المكونات
الاخرى، للانخراط في عمل مشترك لحماية الوطن والاستقرار..وتنمية ثقافة الاحترام
المتبادل للثقافات والاعتقادات والممارسات..
المطلوب ايضاً من المرجعية الدينية للشيعة ان تكون
لاعباً ايجابياً على الساحة اللبنانية لا ان تنخرط في المساجلات السياسية وان تكون
خط دفاع او هجوم لحماية المشروع السياسي والاهداف السياسية للثنائي.. سواء في
لبنان او في دول الاقليم..؟؟
السؤال الاهم اليوم والذي يفرض نفسه بقوة. هو انه بعد
غياب نصرالله، يبقى بري اللاعب الاوحد.. على الساحة الشيعية.. ولكن من سيمثل
الشيعة بعد غياب بري..؟؟؟؟؟
هذه هي احدى مخاطر احتكار التمثيل وربط الطائفة بمصير
شخص او حزب...؟؟؟؟
حسان القطب