العدد 1438 / 25-11-2020
مازالت الساحة اللبنانية اسيرة التجاذبات الداخلية حول
الشروط والشروط المضاة المطلوبة لانجاز تشكيل الحكومة الجديدة ، ومازالت الطبقة
السياسية اللبنانية تتصرف وكأنها تملك ترف الوقت في اجل تأجيل الحكومة الجديدة حتى
تتحقق مطالبها الوزارية في هذه الوزاراة او تلك ، وهذه السلوك الغير مسؤول من
الطبقة السياسية الحاكمة تجاه الواقع الصعب والمزري الذي يعاني منه اللبنانيين
يؤكد ان هذه الطبقة السياسية لا تعيش في عالم الواقع بل تعيش في عالم الاحلام .
واللافت انه رغم كل المعاناة التي يعيشها اللبنانييون
بسبب الازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والتي تتحمل الطبقة السياسية
المسؤولة المباشرة عنها تقوم هذه الطبقة بتقاذف التهم فيما بينهم حول المسؤول عن حالة الفساد والانهيار الاقتصادي القائم في
البلد ، وكانها تقول للشعب اللبناني انها غير مسؤولة عما يعانيه من ازمات وهذه ما
بدا واضحا في السجال بين الرئيس عون وحركة
امل حول موضوع التدقيق الجنائي في مصرف لبنان ، واتهام الرئيس عون مجلس النواب
يعدم القيام بواجبه في سن التشريعات والقوانين اللازمة لتقوم شركة الفاريس ومارسال
بمهمتها ، ورد النائب علي حسن خليل على الرئيس عون بالقول :"ان المطلوب عدم
التذرع ورمي الاتهامات ورفع الشعارات حول المساواة وغيرها لاعاقة تأخير تشكيل
الحكومة" .
والانكى من ذلك كله هو ان هذه السجال الداخلي اللبناني
حول المسؤول من عرقلة الحكومة ، وحول الفساد المستشري في الدولة يجري فيما عملية تطبيع
العلاقات السياسية والتجارية وعلى كل المستويات بين العدو الاسرائيلي ودول في
الخليج العربي وهو ما يهدد امن لبنان واستقراره سياسيا واقتصاديا .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا الاصرار على تعميق
الحفرة الخلافية في عملية تشكيل الحكومة فيما المنطقة حولنا تشهد متغيرات سياسية
واقتصادية ستكون لها نتائج خطيرة على لبنان واللبنانيين ؟
تبدو عملية تشكيل الحكومة بعد مرور شهر على تكلبف الرئيس
سعد الحريري وكانها تدور في متاهة سياسية لا مخرج منها .
فالرئيس الحريري الذي يصر على تشكيل الحكومة وفق
المبادرة الفرنسية من اجل ضمان حصول لبنان على المساعدات المالية اللازمة لاخراجه
من ازماته الاقتصادية والسياسية والامنيه يواجه بشروط عدة من قبل الرئيس عون
والتيار الوطني الحر ابرزها ضمان ان يكون كل التمثيل المسيحي في الحكومة او ما
يسمى "بالثلث المعطل" في يد الرئيس عون وفريقه السياسي ويطالب ايضا بان
تكون وزارة الطاقة من حصة التيار الوطني الحر وكل هذه الشروط تاتي تحت عنوان
"وحدة المعايير" ، ويستند الرئيس عون في ذلك الى رضوخ الرئيس المكلف سعد
الحريري لشروط الثنائي الشيعي باعطاءه حقيبة وزارة المالية ، وقد ادى هذه السجال
بين الرئيس المكلف والرئيس عون الى دخول الرئيس بري على الخط من باب الرسالة التي
وجهها الرئيس عون الى اللبنانيين في ذكرى الاستقلال والتي وجه فيها الاتهامات
للمجلس النيابي بالتلكؤ عن القيام بواجبه التشريعي من اجل عملية التدقيق الجنائي
في حسابات مصرف لبنان ، وهو ما دفع المكتب السياسي لحركة امل الى اصدار بيان تلاه
النائب علي حسن خليل جاء فيه :"انه لم يعد مقبولا الاكتفاء بتسريبات حول
مايجري في الخفاء بمسالة التشكيل ،مشددا على أن المطلوبم صارحة الرأي العام حول
العقد الحقيقية التي التي تؤخر انجاز الاستحقاق" ، واضاف "ان المطلوب
عدم التذرع ورمي الاتهامات ورفع الشعارات حول المساواة وغيرها لاعاقة تاخير تشكيل
الحكومة ".
ويكشف هذا السجال عن الخلافات القائمة بين القوى
السياسية الحاكمة ان خلافاتهم قائمة على المصالح الضيقة اولا واخيرا فيما يعانيه
لبنان واللبنانيين في اخر اهتماماتهم .
وتاتي هذه الخلافات الداخلية فيما المنطقة المحيطة
بلبنان تعيش على وقع متغيرات جيواستراتجية ابرزها عملية التطبيع الجارية بين العدو
الاسرائيلي وبعض دول الخليج العربي التي ستكون لها نتائج مباشرة على الوضع
اللبناني الداخلي سواء بالنسبة لعمل اللبنانيين في دول الخليج او بالنسبة
للمساعدات العربية للبنان ، وكذلك على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية للبنان
مع بعض دول الخليج العربي حيث ستؤدي عملية التطبيع مع العدو الاسرائيلي الى الحاق
اضرار كبيرة بالاقتصاد اللبناني سواء على مستوى حركة الترانزيت او على المستويين
السياحي والتجاري حيث ستتحول فلسطين المحتلة الى قبلة سياحية او اقتصادية لدول
الخليج.
باختصار ، لبنان يغرق في ازماته الاقتصادية والامنية
والجيوستراتجية فيما المسؤولون مازالوا يبحثون من جنس الملائكة كما يقال فهل يصبح
لبنان قريبا في خبر كان ؟
بسام غنوم