العدد 1678 /27-8-2025
بسام غنوم

تشهد الساحة اللبنانية في هذه الأيام حركة ناشطة للمسؤولين الأميركيين بهدف الوصول الى تسوية معينة مع الحكومة اللبنانية تؤدي الى سحب سلاح حزب الله الذي يعتبر الشغل الشاغل للمسؤولين الأميركيين والاسرائيليين على حد سواء .

في هذا الإطار كان لافتا التصريح الذي صدر عن مكتب نتن ياهو الذي أبدى فيه استعداده لمساعدة الحكومة اللبنانية على تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله ، وجاء في البيان : « إنّ إسرائيل مستعدة لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح «حزب الله»، والعمل معًا نحو مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا للبلدين. واذا اتخذت قوات الأمن اللبنانية خطوات لنزع سلاح «حزب الله»، فإنّ إسرائيل ستتخذ خطوات متبادلة، بما في ذلك تقليص تدريجي لوجود قوات الجيش الإسرائيلي بالتنسيق مع الولايات المتحدة».

وختم: «الآن هو الوقت المناسب لتتقدّم إسرائيل ولبنان بروح من التعاون، مع التركيز على الهدف المشترك المتمثل في نزع سلاح «حزب الله» وتعزيز الاستقرار والازدهار لكلا البلدين».

وفي نفس السياق قال الجيش الأميركي أنه على استعداد لدعم الجيش اللبناني في عملية نزع سلاح حزب الله .

وتأتي هذه المواقف الأميركية والأسرائيلية تجاه لبنان فيما يقوم الموفد الأميركي الى لبنان توم براك والموفدة الأميركية السابقة الى لبنان مورغان أورتاغوس بزيارة الى لبنان من أجل تبليغ لبنان أولا على الرد الأسرائيلي على الورقة اللبنانية المقدمة للاميركيين تسوية الوضع في الجنوب والتي تطالب إسرائيل بالانسحاب من النقاط الخمس التي تحتلها ، ووقف الاعتداءات اليومية على اللبنانيين ، بعدما استجابت الحكومة اللبنانية لمطلب سلاح حزب الله.

إلا انه يبدو وكما هو عادة العدو الاسرائيلي في اتباع سياسة المماطلة والابتزاز ، فإن الرد الاسرائيلي على خطوة الحكومة اللبنانية بسحب سلاح حزب الله جاء كما قال بيان مكتب نتن ياهو «الآن هو الوقت المناسب لتتقدّم إسرائيل ولبنان بروح من التعاون، مع التركيز على الهدف المشترك المتمثل في نزع سلاح «حزب الله» وتعزيز الاستقرار والازدهار لكلا البلدين».

وهو ما يدل على أن العدو الاسرائيلي لايريد الانسحاب من جنوب لبنان ، ولا يريد وقف الاعتداءات وعمليات الاغتيال شبه اليومية والتي تطال مختلف المناطق اللبنانية ، بل يريد إشعال نار الفتنة بين اللبنانيين بخصوص سلاح حزب الله الذي أعتبره هدفا مشتركا مع الحكومة اللبنانية !

وهدف إشعال الفتنة بين اللبنانيين بخصوص موضوع سحب سلاح حزب الله لا يبدو بعيدا أيضا عن الإدارة الأميركية حيث انشغل الموفد الأميركي الى لبنان توم براك برفقة مورغان أورتاغوس بعقد لقاءات مع نواب وشخصيات سياسية و حزبية لدعم المطالب الأميركية في لبنان بدأ بموضوع سحب سلاح حزب الله ، وصولا الى مطلب تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل في قابل الأيام ، وتأتي زيارة عضو مجلس الشيوخ الأميركي الى لبنان ليندسي غراهام في هذا الإطار أيضا ، وهو المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل ويُعتبر من أكثر المتشدّدين في دعم إسرائيل وضدّ إيران و«حماس» و«حزب الله»، وهو صاحب المقولة المثيرة قبل ايام قليلة بأنّ اسرائيل تواجه تهديدات وجودية، ودعمها مسؤولية دينية وأخلاقية، وسحب الدعم الأميركي عنها قد يؤدي إلى سحب الله رحمته عن الولايات المتحدة».

هذه المواقف تفرض على اللبنانيين اخذ الحيطة والحذر سواء من الموفدين الأميركيين الى لبنان ، ومن بيانات التحريض الاسرائيلية ، وكذلك ايضا من المواقف التي تجعل قضية سحب سلاح حزب الله قضية طائفية ومذهبية ، وليس قضية وطنية لبنانية تهم جميع اللبنانيين ، لأن سلاح المقاومة وبغض النظر عن بعض الأحداث والأخطاء الجسيمة التي حدثت في السنوات السابقة في بيروت وغيرها ، كان له الدور الأبرز في تحقيق الإنسحاب الأسرائيلي من لبنان في العام 2000 ، وكذلك في مواجهة العدوان الاسرائيلي على لبنان في العام 2006 ، وفي فرض معادلة الردع مع العدو الاسرائيلي حتى نهاية العام 2024.

بالخلاصة لبنان أمام تحدي مواجهة خطاب الفتنة الأميركي – الإسرائيلي ، بخطاب وطني جديد يجمع اللبنانيين حول مطلب حماية لبنان أولا ، والمحافظة على وحدة اللبنانيين ثانيا ، وثالثا وهو الأهم عدم الإنجرار وراء الدعوات التي تريد العودة بلبنان الى زمن الحرب الأهلية ، واتباع سياسة الحوار بالتي هي أحسن حتى لايسقط لبنان مجددا في الفخ الاسرائيلي .

بسام غنوم