العدد 1510 /27-4-2022

يواجه الحزب التقدمي الاشتراكي تحديات كبيرة في الانتخابات النيابية المقبلة وتخوفا من تقلص عدد نواب اللقاء الديمقراطي ، مما قد ينعكس سلبا على دوره السياسي والشعبي في المرحلة المقبلة .

وقد عبّر رئيس الحزب وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط ومسؤولو الحزب ونوابه عن هذه المخاوف خلال لقاءات سياسية واعلامية في الايام الاخيرة، وتحدثوا عن وجود خطة لحزب الله وحلفائه للحصول على خمس مقاعد من النواب الدروز ( عالية، الشوف ، بيروت، البقاع الغربي وراشيا ، مرجعيون - حاصبيا ) ، وهذا اذا حصل سيؤدي الى تقلص دور الحزب واللقاء الديمقراطي في الاستحقاقات السياسية المقبلة بعد الانتخابات ، وخصوصا تشكيل الحكومة ومعركة الانتخابات الرئاسية.

فما هي اسباب مخاوف الحزب التقدمي الاشتراكي ؟ وهل صحيح ان هناك خطة لحزب الله وحلفائه للحصول على خمس مقاعد من النواب الدروز ؟ واي دور سياسي للحزب في المستقبل؟

مخاوف الحزب التقدمي وخطة "حزب الله"؟

بداية ماهي الاسباب التي ادت الى بروز المخاوف لدى الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي من تقليص كتلته النيابية وخصوصا المقاعد الدرزية؟ وهل صحيح ان هناك خطة لحزب الله لتحجيم دور الحزب التقدمي ودور رئيسه وليد جنبلاط مستقبلا؟

هناك عدة اسباب تدفع الحزب التقدمي ورئيسه الاستاذ وليد جنبلاط للقلق من نتائج الانتخابات وما بعدها ومنها :

اولا : التغيرات الاقليمية والدولية والتي لم تصب لصالح المحور الذي تعاون معه في السنوات الاخيرة ، بل كانت لصالح سوريا وايران وحلفائهما ، ولذلك يركز جنبلاط دوما على مواجهة هذا المحور .

ثانيا : تزايد حالة الاعتراض الشعبية في مناطق الجبل وعدم قدرة الحزب التقدمي على استيعاب هذه الحالات نظرا لتحالفاته مع قوى السلطة طيلة السنوات الماضية وتحمله قسما من المسؤولية عن انهيار البلد وهذا ما اعلنه جنبلاط دوما .

ثالثا : تعليق عمل تيار المستقبل السياسي والانتخابي في هذه المرحلة مما افقد جنبلاط حليفا قويا ، وبروز قوى جديدة في الساحة السنية ليست حليفة له .

رابعا : تصاعد دور بعض القيادات في الساحة الدرزية واستفادتها من القانون الانتخابي الجديد .

خامسا : المرحلة الانتقالية التي يمر بها الحزب التقدمي تمهيدا لتسلم تيمور جنبلاط القيادة وهذه تحتاج لبعض الوقت .

سادسا : التحالفات السياسية الجديدة بين القوى المعارضة للحزب مما ينعكس سلبا على كتلته النيابية ، وانتهاء فترة السماح من قبل القوى الاخرى خصوصا في بيروت والبقاع الغربي.

واما عن وجود خطة لدى حزب الله وحلفائه لاضعاف الحزب التقدمي ودور رئيسه وليد جنبلاط ؟ فتقول مصادر مطلعة على اجواء الحزب : ليس هناك خطة او قرار بالمعنى الحرفي ، لكن الظروف تغيرت داخليا واقليميا ودوليا ، وكان الحزب التقمي وجنبلاط يستفيدان من الدعم السوري وبعض القوى العربية والدولية وكذلك الاطمئنان للتحالفات الداخلية ، واليوم هناك مرحلة جديدة وما يجري هو معركة انتخابية وديمقراطية والنتائج محكومة بقرار الناس والانتخابات ولا يستطيع احد ان يفرض على الناس خياراتها .

الدور السياسي المستقبلي للحزب التقدمي

لكن السؤال الاهم الذي ينبغي طرحه اليوم وغدا : اي دور مستقبلي للحزب التقدمي الاشتراكي في المرحلة المقبلة ؟ وكيف سيواجه المتغيرات الداخلية والخارجية ؟ وضمن اي محور سيكون ؟

من المعروف أن مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم كمال جنبلاط انطلق في مشروع الحزب في خمسينات القرن الماضي من رؤية متكاملة سياسية وفكرية وقومية ، وكان حليفا للرئيس جمال عبد الناصر والمقاومة الفلسطينية والاتحاد السوفياتي ، واسس الجبهة العربية لدعم المقاومة الفلسطينية ومن ثم الحركة الوطنية ، وكان صاحب مشروع اصلاحي للنظام اللبناني ، واما نجله وليد جنبلاط فكان حليفا لسوريا وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية وناضل مع حركة امل والرئيس رشيد كرامي والرئيس سليمان فرنجية ضد اتفاق 17 ايار وحكم الرئيس امين الجميل ، ولاحقا تحالف مع الرئيس رفيق الحريري وتيار المستقبل وانشأ قوى 14 اذار مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب وتحالف مع قوى عربية ودولية ضد سوريا وحزب الله وايران ، لكنه عاد واعتمد خيار الوسطية وعدم الصدام مع حزب الله ، واما داخليا فلم يعد لدى الحزب مشروعا اصلاحيا متكاملا وفقد قدرته على التأثير.

وهناك يكمن السؤال المركزي : اي مشروع سياسي داخلي وخارجي يطرحه الحزب التقدمي اليوم ؟ هل هو مع محور التطبيع مع العدو الصهيوني او مع محور الدفاع عن القضية الفلسطينية ؟ وما هي العروبة التي يدافع عنها وما هو مضمون المشروع العروبي؟ ماذا عن مشروعه لاصلاح النظام السياسي والاقتصادي؟ من هم حلفاء الحزب في الداخل والخارج ؟ كيف يمكن تطوير الحزب لاستعادة موقعه في حركة التغيير الداخلية الحقيقية؟ اين هو المشروع الفكري والانساني الذي كان يطرحه كمال جنبلاط على المستوى العربي والعالمي؟

هذه بعض الاسئلة والاشكالات التي تطرح على الحزب التقدمي ودوره المستقبلي ، وعلى ضوء الاجابات يمكن ان يتحدد دور الحزب ويستعيد مجده النضالي ، والا فان تراجع هذا الدور يصبح طبيعيا وعاديا وليس ناتجا عن حرب او خطة تنفذها قوى معارضة للحزب ودوره اليوم ، وفي الصراعات السياسية تصبح المعارك الديمقراطية طبيعية.

قاسم قصير