العدد 1636 /30-10-2024
وأشارت منصور إلى أن لبنان يستقبل سنوياً بين 6 و7 مليارات دولار، بغض النظر
عن وضع الاقتصاد المحلي. وتزداد هذه التحويلات في حال وجود سياح أو استقرار نسبي.
وأوضحت أن اللبنانيين الذين لديهم أقارب في الخارج يعتمدون عليهم في تلقّي الدعم
المالي، سواء في أوقات الأزمات أو السلم. لكنها لفتت إلى أن هذا النوع من الدعم لا
يعوض الخسائر الكبيرة التي يواجهها النازحون، خاصة في الجنوب، حيث تهدمت المدارس
والمطاعم والمحلات التجارية. كما أضافت أن هناك جزءاً من السكان الذين كانوا
يتلقون دعماً مالياً من جهات سياسية، مثل حزب الله أو إيران. وبالتالي، النقص في
هذه الأموال لا يمكن تعويضه بالمساعدات الدولية فقط.
وأكدت منصور أن المساعدات المالية القادمة من الخارج، سواء من منظمات دولية أو
دول داعمة، تهدف إلى استمرارية الحياة وليس إلى بناء اقتصاد مستدام، مشيرة إلى أن
عدداً كبيراً من الأشخاص يعيشون حالياً في مراكز إيواء، وأن معالجة الأزمة لا تتم
عبر تقديم الأموال فقط، بل تتطلب خططاً للإصلاح وإعادة البناء.
وقالت: "نحن نشتري البنزين من هذه المساعدات، وبالتالي إذا توقفت
المساعدات، فسينهار البلد". وشددت على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للأزمات،
بدلاً من الاكتفاء بالتعامل مع النتائج الظرفية.
ورأت أن "التخطيط لإعادة الإعمار في ظل الحرب أمر صعب للغاية، خاصة أن
عمل المؤسسات والوزارات يكون مضطرباً حتى في الأوقات العادية. لذلك، لا يمكن
مقارنة العمل في زمن الحرب بالسلم". وأشارت إلى وجود آراء متضاربة حول حجم
الدمار؛ فبينما تقول إسرائيل إنها دمّرت الجنوب بالكامل، يؤكد لبنان أن الدمار
أصاب جزءاً من الجنوب إضافة إلى الضاحية الجنوبية.
كما لفتت إلى أن الخسائر تتجاوز إعادة بناء البنية التحتية، لتشمل ضحايا الحرب
من الأيتام والمتضررين الذين يحتاجون إلى رعاية وتأهيل، والأفراد غير القادرين على
العمل بسبب الحرب، مما يزيد من تكلفة الخسائر الاجتماعية والاقتصادية.
ودعت منصور إلى وضع خطة منظمة لإعادة الإعمار، يتم تنفيذها إما عبر شركات
موثوقة أو من خلال خصخصة بعض الخدمات بالتعاون بين الحكومة والشركات الأجنبية.
وأكدت أن إعادة البناء على أسس متينة ضرورية لضمان استدامة أي جهود مستقبلية.
هل تصل المساعدات إلى المستحقين؟
قال رجل الأعمال وعضو بلدية بيروت، إيلي يحشوشي، لـ"العربي الجديد"،
إن المغتربين اللبنانيين يتأثرون عاطفياً بالأوضاع الحالية، مما قد يدفعهم إلى
زيادة الدعم المادي لأهاليهم في لبنان. وأوضح أنه على سبيل المثال، من كان يرسل
500 دولار شهرياً، قد يرسل 800 دولار خلال هذه الأزمة. لكن مهما ازداد حجم الدعم،
فإنه لا يعوّض الخسائر الكبيرة التي تكبّدها لبنان خلال العدوان الأخير.
وأشار إلى أن الخسائر تنقسم بين خسائر يومية نتيجة تعطيل المؤسسات، وخسائر
مباشرة بسبب القصف الإسرائيلي. وحتى اللحظة، يرى يحشوشي أن الوضع الاقتصادي لا
يبشّر بأي تحسّن، رغم تقديم بعض الدول مساعدات للبنان، لكن هذه المساعدات غير كافية.
وأضاف أن معظمها يُقدَّم للنازحين، متسائلاً: "هل هذه المساعدات تصل حقاً إلى
المستحقين؟".
مخاوف من اللائحة الرمادية
وأكد يحشوشي أن المغتربين كانوا ولا يزالون يرسلون أموالاً لأهاليهم في لبنان،
لكن الخوف الأكبر يتمثل في دور المصارف المراسلة التي تتعامل مع المصارف
اللبنانية. وأوضح أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي
"فاتف"، يثير القلق بشأن تشديد القيود المالية التي قد تشكل حصاراً
خانقاً على اللبنانيين.
كما أشار إلى أن إحدى شركات تحويل الأموال توقفت عن العمل في لبنان، وانتقلت
العمليات إلى شركة أخرى، لأن تكاليف الشحن أصبحت مرتفعة جداً بسبب ارتفاع تكاليف
التأمين، وأوضح أن هذه التكاليف الإضافية تُحمّل المواطن اللبناني أعباء جديدة.
في السياق، أعرب المنسق العام الوطني لـ"التحالف اللبناني للحوكمة
الرشيدة"، مارون الخولي، في بيان مؤخراً، عن استنكاره إدراج لبنان على
"اللائحة الرمادية"، محملاً الحكومة والمصارف "مسؤولية هذا الوضع،
نتيجة سياسة التراخي وعدم الالتزام الجاد بالإصلاحات المطلوبة". ويأمل من
مصرف لبنان والمصارف المحلية "تعزيز الشفافية وتطبيق المعايير المالية الدولية،
الأمر الذي سيساهم في بقاء العلاقات المالية اللبنانية مع البنوك الدولية المراسلة".
من جانب ثانٍ، أصدرت مجموعة العمل المستقلة من أجل لبنان تقريراً حول
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للحرب الإسرائيلية على لبنان في 20 أكتوبر/تشرين
الأول 2024، مشيرة إلى أن الخسائر الاقتصادية قد تتجاوز 20 مليار دولار نتيجة توقف
النشاط الاقتصادي في الجنوب والبقاع، (اللتان تشكلان ثلث سكان البلاد وقوة العمل
فيها)، مع توقع خسائر كبيرة في دخل الأسر وتباطؤ النمو الاقتصادي.