العدد 1640 /27-11-2024
حسان القطب
لبنان وطن التوازنات
والتوافقات والتسويات واحترام المكونات لبعضها البعض، دوراً واداءاً وحضوراً
وممارسةً.. ما جرى خلال هذه المرحلة الماضية منذ انطلاق الحرب مع الكيان الغاصب،
عقب معركة طوفان الاقصى، على الساحة اللبنانية، كان مؤشراً على ان الخلل قد اصاب
الواقع اللبناني، سواء بالتفرد بالدخول في الحرب، دون ان تكون الساحة اللبنانية
مؤهلة للانخراط فيها.. عسكرياً من حيث الاستعداد المناسب لمواجهة الآلة
الصهيونية..المدعومة اميركياً ودولياً.. ولا على مستوى الساحة الداخلية من ناحية
التماسك والتفاهم والتناغم بين المكونات اللبنانية، اذ ان لغة التخوين والتشكيك
والاتهام كانت السمة الابرز في تلك هذه المرحلة..
كما ان تعطيل
الاستحقاقات الدستورية حرم لبنان من وجود مؤسسات دستورية فاعلة وقادرة على
الانخراط في رسم السياسات الخارجية والتواصل مع كافة القوى السياسية في لبنان سواء
من خلال المجلس النيابي او على مستوى مجلس الوزراء الذي هو في حالة شبه تعطيل
نتيجة تحول المجلس الى حالة تجاذب وانعدام القدرة على التصرف كما يجب بحكم ان
الحكومة هي حكومة تصريف اعمال مع غياب وجود رئيس للجمهورية وبالتالي الحكومة تعتبر
مستقيلة...
الحرب اندلعت في
الثامن من تشرين الاول/اوكتوبر، من العام 2023، واستمرت حتى اعلان وقف اطلاق النار
في 27/11/2024.. اي طوال 14 شهراً.. وطوال الحرب كان لبنان الرسمي في حالة شلل
وغياب فعلي عن ممارسة دور حقيقي في المواجهة او التفاوض او التواصل مع الدول
الفاعلة والقادرة على التأثير في مجريات الامور سواء بطلب الدعم او الضغط لوقف
الحرب..امام شراسة الحرب الصهيونية على لبنان..
وجود قوى مسلحة ممثلة
بالثنائي الحاكم، وهيمنتها على المشهد السياسي والامني وقرار الحرب والسلم، في
لبنان، ادى الى غياب حقيقي للدولة اللبنانية المعطلة اصلاً.. وبما ان الرئيس بري
هو شريك حزب الله في تشكيل الثنائي الحاكم، وبما انه رئيس المجلس النيابي، وهو
يملك قرار اغلاق او فتح المجلس النيابي.. فقد مارس سلطة التفاوض على وقف الحرب،
بصفته شريكاً في الحرب ورئيساً للمجلس النيابي.. وهذا ما يخالف نص الدستور وروحه..
لان هذا معناه.. ان قرار الحرب لم يكن قرار الدولة اللبنانية مع غياب وجود رئيس
للجمهورية.. ومع تعطيل دور الحكومة اللبنانية.. وكذلك فإن التفاوض على وقف الحرب
والتوصل الى تسوية سياسية واستقرار امني ووقف الاعمال الحربية لم يكن من شأن
السلطة التنفيذية والحكومة اللبنانية.. بل هو من نتاج شريك الثنائي الحاكم (نبيه
بري) ورئيس المجلس النيابي ايضاً..وهو دستورياً غير مخول او مفوض باجراء مفاوضات
والتوصل الى اتفاقات دولية بحكم صلاحياته ودروه.. لان صلاحيات المجلس النيابي تنص
على المراقبة والمحاسبة وليس على اتخاذ قرارات.. وهناك سابقة ايضا مارسها بري وهي
التوصل الى اتفاق الترسيم البحري مع دولة اسرائيل وقد وقع الاتفاقية حينها الرئيس
السابق ميشال عون رغم انه لم يشارك في التفاوض.. بشكل مباشر بل كان يتم اطلاعه عغى
مجرياتها.. مع غياب كامل لوزير الخارجية ورئيس الوزراء ايضاً..ولم يتم اطلاع
المجلس النيابي على بنود الاتفاقية..وكان بإمكاننا قراءة البنود من الصحافة
الاسرائيلية باعتبار ان الحكومة الاسرائيلية اخذت موافقة الكنيست الاسرائيلي عليها
الا ان لبنان تصرف بالعكس..
هنا نتوقف عند القول
ان اي اتفاق يتعلق بالسيادة على الاراضي اللبنانية او بالعلاقة مع دول خارجية يجب
ان يكون عبر السلطة التنفيذية الممثلة برئيس الجمهورية او الحكومة في حالة غياب او
فراغ موقع الرئاسة كما هو الحال اليوم.. والمؤسف اليوم ايضاً.. ان الحكومة
الاسرائيلية اجتمعت للموافقة على نص اتفاق وقف اطلاق النار.. فيما لبنان وافق على
الاتفاق وتم الاعلان عنه.. من قبل الولايات المتحدة وفرنسا.. واعلن عنه الرئيس
ميقاتي قبل اجتماع الحكومة بناءً على تفاهم واتفاق تم مع الرئيس بري.. واليوم بعد
الاعلان سوف تجتمع الحكومة اللبنانية للموافقة على بنود الاتفاق.. اي ان لبنان
ممثلاً برئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة لم يحترما النصوص الدستورية ولم يلتزما
بالاجراءات التي يجب ان تتم قبل الاعلان عن اي اتفاق وحتى مجريات التفاوض..؟؟؟
لذا نقول ان التفرد
باتخاذ قرار الحرب او السلم امر غير مقبول ولا يؤسس لاستقرار وتفاهم داخلي ولا
يضمن السلام كما يجب ان يكون....