العدد 1623 /31-7-2024

يتزايد القلق داخل أسواق دولة الاحتلال من تداعيات احتمال اجتياح لبنان على الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تراجع الشيكل في أسواق تل أبيب بشكل حاد أمام الدولار واليورو في بداية الأسبوع. ويقول كوبي ليفي، رئيس استراتيجية الأسواق في بنك لئومي، لموقع غلوبس الاقتصادي يوم الاثنين، إنه خلال الأسبوع الماضي "كان هناك تدهور في المعنويات المحلية، مقارنة بالتفاؤل الذي كان موجوداً في السوق في الأسبوعين السابقين لذلك".

وحسب الصحيفة العبرية "يأتي ذلك التدهور في أعقاب الهجوم على مجدل شمس، والخوف المتزايد من رد الفعل العنيف، وإطالة أمد المفاوضات بشأن صفقة الرهائن". ويعتقد ليفي أن التأثيرات ستؤدي إلى استمرار انخفاض قيمة الشيكل مقابل العملات الرئيسية. ذلك لأن الوضع في الشمال "يزيد من المخاوف وعدم اليقين وتقلبات الأسواق. ويرى محللون أن "التقلب في السيناريو الرئيسي سيؤدي إلى استمرار التقلبات في سعر صرف الدولار مقابل الشيكل بين 3.6 شيكل/ دولار و3.8 شيكل/ دولار، كما حدث خلال الأشهر الثمانية الماضية".

وفي سوق الصرف الأجنبي بتل أبيب، تراجعت العملة الإسرائيلية بشكل حاد يوم الاثنين مقابل الدولار واليورو بسبب المخاوف من الحرب في لبنان والقلاقل المصاحبة لتهديدات جيش الاحتلال باجتياح لبنان. وفي تعاملات بعد الظهر بين البنوك، تراجع الشيكل بنسبة 1.59% مقابل الدولار ليصل إلى 3.739 شيكل/ دولار، كما تراجع بنسبة 1.50% مقابل اليورو عند 4.053/ يورو.

وهذا المستوى قريب من الحد الأقصى الذي توقعه بنك إسرائيل المركزي وقدره بـ 3.8 شيكل مقابل الدولار. وكان البنك قد حدّد يوم الجمعة سعر الشيكل مقابل الدولار التمثيلي بنسبة 0.739% ليصل إلى 3.680 شيكل/ دولار، وتم تحديد سعر الشيكل التمثيلي لليورو بنسبة 0.721% عند 3.993 شيكل/ يورو. وحذر مسؤول الميزانية من احتمال تخفيض جديد للتصنيف الائتماني للكيان المحتل.

وفي رسالة إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريش، ألمح مفوض الميزانيات يوغيف غرادوس إلى إمكانية تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل. ووفق تقرير "غلوبس" أمس الثلاثاء، كتب غرادوس إلى وزير المالية سموتريتش، محذراً من عواقب التأجيل المتكرر للمناقشات حول ميزانية 2025 على تصنيف الدين الإسرائيلي.

ويذكر أن وكالة ستاندرد أند بورز سبق أن خفضت التصنيف الائتماني طويل الأجل لإسرائيل في 19 إبريل/ نيسان الماضي. وهي ثاني وكالة تصنيف ائتماني أميركية كبرى تقوم بذلك. ويعني خفض التصنيف زيادة كلفة الدين الإسرائيلي وتضييق فرص الحصول على أموال جديدة من الأسواق العالمية.

وقال غرادوس في رسالته إن إجراءات التقارب (أي خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب) البالغة 30 مليار شيكل يجب أن يتم تنفيذها على الفور. وأضاف أن "تأجيل عملية إقرار الموازنة في هذا الوقت من شأنه أن يفسّر على أنه إشارة سلبية للاقتصاد والأسواق المالية حول استعداد وقدرة الحكومة على التعامل مع التحديات الاقتصادية والمالية في مواجهة الحرب. وألمح في رسالته إلى أن المزيد من التخفيضات في التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل قد يكون في المستقبل القريب، الأمر الذي من شأنه أن يجعل جمع الديون أكثر تكلفة ويثقل كاهل الميزانية في السنوات المقبلة.

ووفق التقرير "بسبب الصعوبات داخل الائتلاف، تسعى الحكومة جاهدة للموافقة على الميزانية وتمريرها في الكنيست". وتقدر الحكومة الإسرائيلية العجز في الميزانية بنحو 6.6%، ولكن محللين يرون أن العجز الحقيقي بالميزانية بلغ 9% من الناتج المحلي الإجمالي. ويقدر صندوق النقد الدولي حجم الاقتصاد الإسرائيلي بنحو 525 مليار دولار. وبلغ إجمالي حجم دين دولة الكيان 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، ارتفاعاً من 60.5% في 2022 بسبب ارتفاع الإنفاق الحربي، ومن المتوقع أن يصل إلى 67% في العام الجاري 2024، وفق ما ذكرت رويترز في منتصف إبريل/ نيسان الماضي.

وقالت وزارة المالية في وقت سابق إن عجز الموازنة العامة أدى إلى مضاعفة اقتراض البلاد العام الماضي. وذكرت الوزارة وفق رويترز أن إسرائيل جمعت 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) من الديون في عام 2023، نصفها 81 مليار شيكل منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقال المحاسب العام يالي روتنبرغ إن عام 2023 كان عاماً مليئاً بالتحديات وتطلب زيادة حادة في احتياجات التمويل، كما "تطلب تعديلات تكتيكية واستراتيجية" في خطة الحكومة لزيادة الديون، وفق رويترز.

 

وأوضح غرادوس أنه بموجب البرنامج الأصلي لعملية الميزانية، كان من المفترض أن توافق الحكومة على الميزانية في 15 أغسطس/ آب المقبل. لكن هذا لن يحدث، لأن العملية لم تبدأ بعد. ورأى أن النتيجة قد تكون أن عام 2025 سيبدأ بلا موازنة جديدة، ولذا ستدار وفق موازنة شهرية. ويقول غرادوس إن هذا "يضع إطاراً صارماً، دون أي سلطة تقديرية للحكومة، ومستويات إنفاق صارمة لا تسمح للحكومة بإنفاق الأموال على العديد من الأنشطة، وبعبارة أخرى، لن تتمتع الحكومة بأي سلطة تقديرية فيما يتصل بالميزانية، وهو ما يشكل إشكالية من وجهة النظر السياسية والاقتصادية، وسوف يجعل من الصعب إدارة الإنفاق الحكومي في زمن الحرب".

ووفق بيانات شركة ماكرو إيكونوميك تايمز سيرز اند ستات العالمية التي تعرف اختصاراً بـ"سي إي آي سي" التي تجمع بيانات من 50 دولة، فإن إجمالي دين الحكومة الإسرائيلية بلغ 310.8 مليارات دولار في ديسمبر 2023، مقارنة بـ 294.7 مليار دولار في العام السابق. ويتم تحديث بيانات ديون الحكومة الإسرائيلية سنوياً، وهي متاحة من ديسمبر/ كانون الأول 1995 إلى ديسمبر 2023، وفق الشركة.

وعلى الرغم من أنه لا يزال من غير المستحيل إقرار ميزانية جديدة للكيان قبل بداية عام 2025، لكن بحسب غرادوس، فإن الجدول الزمني الضيق سيحد من القدرة على تحسين العمل على الميزانية والمرونة اللازمة لاتخاذ قرارات معقدة. وقال غرادوس: "إذا تقرر تأجيل الجدول الزمني لعملية الميزانية، فإننا نعتقد أن هناك حاجة كبيرة لإدخال تدابير التقارب الآن" وقال لوزير المالية: "إننا نوصي بتعزيز التدابير لتجميد الزيادات التلقائية في الموازنة".

تابع: "سنرى الآن ما إذا كان سموتريش قادراً على الاستجابة لتوصيات قسم الميزانيات وإقناع زملائه الوزراء بتبني إجراءات التوازن المالي حتى عندما يكون ذلك مشكلة سياسية". وهنالك قلق في سوق المال الإسرائيلية من تأجيل الموافقة على الميزانية على سندات الخزينة وسعر صرف الشيكل. في هذا الصدد يقول الرئيس التنفيذي لشركة بريكو لإدارة المخاطر والتمويل والاستثمار في تل أبيب، يوسي فريمان، لـ"غلوبس": "بعد الصدمة الأولية، تعتمد احتمالية انخفاض قيمة العملة على طبيعة الرد الإسرائيلي وعواقبه، مع استفادة السوق من انخفاض قيمة تحويلات العملات الأجنبية".

يذكر أن العملة الإسرائيلية استفادت خلال العام الجاري في بعض ارتفاعاتها أمام الدولار من انتعاش سوق المال الأميركي "وول ستريت"، إذ تحول الشركات الإسرائيلية الأرباح وتوزيعات الأسهم إلى إسرائيل، وهو ما يرفع من تدفق الدولارات في الاقتصاد الإسرائيلي.