العدد 1694 /17-12-2025

محمد البديوي

تصاعدت خلال الأسبوع الجاري الدعوات التحريضية التي أطلقها مشرعون أميركيون على المستويين المحلي والاتحادي، وشملت دعوات صريحة إلى طرد المسلمين من الولايات المتحدة أو التحذير منهم ووصمهم بالتطرف والعنف، وذلك بعد أيام قليلة من تصريحات أدلى بها المشرع الجمهوري راندي فاين دعا فيها إلى "التخلص من المسلمين عالمياً".

وكان النائب الجمهوري فاين قد دعا، الأسبوع الماضي، إلى "تدمير المسلمين"، وكتب على حسابه الرسمي في منصة "إكس" تعليقاً على كيفية التعامل مع المسلمين، قائلاً: "لا أعرف كيف تصنع السلام مع الذين يسعون لتدميرك. أعتقد أنه يجب أن تدمرهم أولاً". وأتبع فاين تصريحاته بسلسلة تغريدات أخرى مسيئة، وصفت من قبل أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأنها تحريض صريح على الكراهية.

وفي ردود الفعل، قال النائب الديمقراطي جيري نادلر إن تصريحات فاين تمثل "دعوة قبيحة إلى تدمير مجتمع ديني بأكمله، وهي خطيرة وغير إنسانية وتشكل تحريضاً مباشراً على العنف"، مؤكداً أن "المسلمين جيراننا وزملاؤنا في العمل وناخبون وأفراد في الخدمة العامة".

واستغلت بعض المنظمات الصهيونية هذه الدعوات لتسجيل "موقف أخلاقي" لا ينسجم مع سجلها التقليدي، بعدما دعمت علناً، طوال عامين من حرب الإبادة، قتل المدنيين والأطفال في قطاع غزة، في خطوة فُسِّرت بأنها محاولة لإعادة تلميع صورتها. وكتبت اللجنة الأميركية اليهودية، رداً على تغريدة وصف فيها فاين مسلمين يؤدون الصلاة بأنهم "همجيون"، أن "وصف المصلين بالهمجيين أمر خطير وغير إنساني وغير مقبول"، مضيفة أن "اليهود يعرفون كيف يمكن لخطاب الشيطنة وإثارة الخوف أن يغذي التمييز والعنف".

وفي سياق متصل، وصف السيناتور الجمهوري عن ولاية ألاباما، تومي توبرفيل، الإسلام بأنه "طائفة وليس ديناً"، ودعا إلى حظر الهجرة من الدول الإسلامية. وكتب في منشور على منصة "إكس": "علينا أن نرسلهم إلى منازلهم الآن قبل أن نصبح الخلافة المتحدة الأميركية"، في تكرار لمزاعم غير صحيحة حول سعي المسلمين إلى فرض الشريعة داخل الولايات المتحدة.

وردّ زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، على تصريحات توبرفيل، واصفاً هذا الخطاب بأنه "مثير للاشمئزاز"، ومؤكداً أن "مواجهة معاداة السامية لا تكون بمعاداة الإسلام"، وقوبل تعليق شومر بهجوم من مشرعين جمهوريين آخرين.

دعوات إلى طرد المسلمين في نيويورك

وفي نيويورك، دعت عضو مجلس المدينة الجمهورية فيكي بالادينو إلى طرد جميع المسلمين من الدول الغربية، معتبرة أنه "لا يوجد مسلمون معتدلون". وشاركت بالادينو مقاطع فيديو لمتطرفين مسلمين، زاعمة أنها تمثل المسلمين عموماً. كذلك كتبت في تغريدة حذفتها لاحقاً: "نحن في خضم جهاد عالمي. نحتاج إلى البدء بطرد المسلمين من الدول الغربية، أو على الأقل فرض عقوبات صارمة عليهم، وعلى الإدارة تطوير إطار قانوني لنزع الجنسية قبل أن ينتهي بنا الأمر إلى 11 سبتمبر آخر أو أسوأ".

وانتقد عمدة مدينة نيويورك المنتخب، زهران ممداني، تصريحات بالادينو، واصفاً إياها بأنها "عنصرية ومعادية للمسلمين ولا مكان لها في مدينة نيويورك". وأضاف: "يعيش نحو مليون مسلم في نيويورك، وهم ينتمون إلى هذه المدينة مثل أي شخص آخر". ورغم حذفها التغريدة، لم تتراجع بالادينو عن مواقفها، مؤكدة ما وصفته بـ"الحاجة إلى تطهير البلاد من التهديدات الراديكالية الإسلامية".

ربط الفلسطينيين بالإرهاب

وتزامن تصاعد هذا الخطاب مع بيان لوزيرة العدل الأميركية بام بوندي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، بشأن إحباط مخطط لهجمات في ولاية كاليفورنيا، ما أسهم في موجة تحريض واسعة ضد المسلمين على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء ذلك بعد ربط المسؤولين بين المجموعة الأميركية المتهمة والفلسطينيين، رغم عدم وجود أي صلة فعلية بين أفرادها والعرب أو المسلمين. وسارع النائب الجمهوري فاين إلى استغلال الإعلان، مدعياً في منشور أن السلطات اعتقلت "مجموعة داعمة لفلسطين"، وكتب: "حراك فلسطين حرة هو حركة إرهابية مسلمة".

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد أعلن اعتقال خمسة أشخاص ينتمون إلى جماعة تطلق على نفسها اسم "جبهة تحرير جزيرة السلاحف"، مؤكداً أنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات في خمسة مواقع مختلفة بمدينة لوس أنجليس عشية رأس السنة. وربط المكتب بين الجماعة وما وصفه بـ"أيديولوجية مؤيدة لفلسطين"، إذ قال مديره إن المشتبه فيهم ينتمون إلى فرع "راديكالي" من جماعة TILF، ويدافعون عن أيديولوجيا مناهضة لإنفاذ القانون والحكومة، مشيراً إلى أنهم خططوا لاستخدام عبوات ناسفة لاستهداف مواقع متعددة.