العدد 1644 /25-12-2024

يترقب أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري في الأردن تأكيدات واثقة حول استقرار الأوضاع في بلادهم في أعقاب إطاحة النظام السابق، للعودة إلى وطنهم، إيذاناً بانتهاء رحلة صعبة من اللجوء استمرت أكثر من 13 عاما، تحمّلوا فيها قسوة العيش وأعباء مالية كبيرة.

باستثناء عدد محدود لا يتجاوز 8 آلاف شخص، حسب تقديرات رسمية، فإن غالبية اللاجئين السوريين في الأردن لا يزالون في حالة تردد بين العودة السريعة أو البقاء لفترة أخرى في أماكن اللجوء التي تتوزع بين مخيمات أقيمت خصيصاً لهم والمجتمعات المستضيفة في أعقاب اندلاع الثورة السورية، وذلك بانتظار تطورات الأوضاع واستقرارها، خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك انطلاقة جديدة للاقتصاد السوري وقدرته على تلبية الاحتياجات الأساسية للسوريين.

في ذات الوقت، ينتاب السلطات في الأردن القلق من استمرار تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين وتمويل العجز في خطة الاستجابة، مع توقعات بعدم عودتهم الطوعية خلال الفترة القريبة.

وبيّن تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي أن الدعم الدولي المقدم للأردن لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين شهد تراجعاً كبيراً العام الحالي، حيث لم تتلق عمّان، حتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سوى 40% مما حصلت عليه في عام 2023.

وأبلغ لاجئون سوريون "العربي الجديد" أنهم يشتاقون للعودة إلى بلادهم في أعقاب سقوط النظام السابق، لكنهم يريدون الاطمئنان على استقرار الأوضاع، وكذلك الانتظار إلى حين إعادة بناء منازلهم التي تم تدميرها بالكامل، ولم تعد صالحة للسكن، وهذا يتطلب مبالغ مالية كبيرة لأغراض الإعمار والصيانة والترميم.

الأردن يقدم تسهيلات

قال مسؤول أردني لـ"العربي الجديد" إنه تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتسهيل وتسريع عودة اللاجئين السوريين الطوعية إلى بلادهم خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى تسريع إجراءات الشحن البري وإدخال البضائع للسوق السوري.

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الكوادر العاملة على المنافذ الحدودية مع سورية تعمل بكثافة، وهي على استعداد لإنجاز معاملات الأشخاص والشاحنات المتجهة إلى سورية، بمن في ذلك اللاجئون، ومساعدتهم للعودة إلى موطنهم.

يقول أحد اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن، ويعمل في مجال الصناعات الغذائية، عبد الإله سعدة (39 عاما)، إن جل تفكيره حالياً هو العودة إلى بلده، خاصة أن لديه أملاكاً في ريف دمشق يريد استعادتها ليبني حياته من جديد.

وأعرب عن فرحته التي لا تكاد توصف بقرب عودته إلى وطنه، حسب تعبيره، فهو يريد استرجاع حياته وعمله الذي فقده بعد تهجيره. إلا أنه يرى في الوقت ذاته أن العودة فوراً في ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية في سورية قد تكون مخاطرة غير آمنة.

في عملية رصد لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية (مؤسسة مجتمع مدني) قال سعدة: "الوقت الحالي ليس مناسباً للعودة، فما تزال الأوضاع غير مستقرة هناك، ولا نعلم من الذي سيتولى الحكم في سورية، وما الإجراءات التي ستُتخذ حيال عودتنا، لذا سأنتظر بضعة أشهر حتى يستقر الوضع الأمني، وبعدها سأبدأ بتجهيز عودتي إلى وطني".

العودة في أولويات اللاجئين

قال لاجئ سوري (25 عاما)، ويعمل في صالون حلاقة، محمد المحيميد، إن العودة إلى بلده أصبحت حالياً من ضمن أولوياته هو وعائلته، خصوصا أن جميع أقربائهم في سورية.

وأضاف: "جميع أقربائنا في سورية، ولدينا محال تجارية هناك، وعندما أعود سأفتتح صالون حلاقة ليكون مشروعاً خاصاً بي، وهذا كان حلمي قبل أن أُهجّر من بلدي".

يوثق مركز الفينيق بأن حلم المحيميد كحلم آلاف اللاجئين السوريين الذين هُجّروا من بلدهم، وضاعت طموحاتهم التي عملوا على تحقيقها لسنوات، ليتجدد لديهم الأمل أخيراً في استرجاع حياتهم الطبيعية التي فقدوها.

ويتفق المحيميد مع بقية اللاجئين السوريين بأن العودة حالياً وبشكل فوري قد تكون غير آمنة، وأنه سينتظر هو وعائلته حتى تستقر الأوضاع في سورية، وتُصبح عودتهم سهلة وآمنة.

أما أحد اللاجئين في مخيم الزعتري (31 عاما)، مالك خريس، فيقول إن العودة إلى بلده أصبحت مسألة وقت لا أكثر، وإنه سينتظر فقط إجراءات عودتهم من الحكومة المقبلة في سورية.

وبيّن أن حياة اللجوء في المخيم أصبحت "قاسية"، حيث لا تجديد للكرفانات التي يسكنون فيها، إضافة إلى تكرر انقطاع الكهرباء والمياه وقلة فرص العمل، ناهيك عن تقليص خدمات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في المساعدات النقدية والعينية.

ويقيم غالبية السوريين في مخيمات أقيمت لهم، أكبرها مخيم الزعتري في مدينة المفرق شمال شرق العاصمة الأردنية عمّان، ومخيم الأزرق (شمال) وغيرهما.

ولاحظت "العربي الجديد" عودة محدودة للاجئين سوريين حاملين أمتعتهم الخاصة والأثاث المتواضع المتمثل بالبطانيات وفرشات صغيرة في سيارات نقل أفراد وأثاث إلى موطنهم.

وكانت السفارة السورية في عمّان أعلنت أنه في ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها سورية فإنها مستمرة في العمل وتقديم الخدمات القنصلية لأبناء الجالية السورية في الأردن لتسهيل عودتهم إلى وطنهم. وقدرت الحكومة الأردنية متطلبات تمويل خطة الاستجابة للأزمة السورية للعام الحالي بنحو ملياري دولار، وهو الأقل من منذ الأزمة السورية.