العدد 1663 /14-5-2025
تدخل
مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزة مرحلة جديدة من التبلور، مع ترجيح الاتفاق على هدنة
قصيرة المدى، تتيح استكمال التفاوض حول الملفات الأكثر تعقيداً، وعلى رأسها
الانسحاب الكامل من القطاع، وتحرير الأسرى، ومصير سلاح المقاومة. وجاء تصريح رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء عن أن الدولة العبرية قد تقبل
بوقف مؤقت لإطلاق النار على أن "تتابع المهمة" لاحقاً، دليلاً جدياً على
إمكانية تحقق هذا الاحتمال. وقال مصدر مصري مطّلع على جهود الوساطة، لـ"العربي
الجديد"، إن الساعات المقبلة ستشهد انطلاق مفاوضات تتركز على إقرار هدنة
مؤقتة يجري خلالها إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة الذي يعاني من ظروف
مجاعة حقيقية، بالتوازي مع تهيئة المناخ العام لمفاوضات أكثر شمولاً تقود إلى
إنهاء العدوان، وبدء عملية إعادة الإعمار.
وكشف
المصدر نفسه عن كواليس توتر دبلوماسي غير معلن، نشب في الأيام الماضية قبيل إطلاق
سراح الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، إذ حاول نتنياهو عرقلة العملية في
اللحظات الأخيرة، عبر اشتراط إطلاق سراح أسير آخر، هو آيتان هورن، بدعوى وجوده في
النفق نفسه الذي احتُجز فيه ألكسندر. غير أن حركة حماس رفضت ذلك، مؤكدة أن الخطوة
مرتبطة حصراً بنتائج المحادثات مع الإدارة الأميركية.
وأوحى
نتنياهو، وفق المصدر، للمسؤولين العسكريين بتأخير تنفيذ شروط الصفقة، ومنها وقف
تحليق الطيران المسيّر ووقف القصف المدفعي، في محاولة لابتزاز الجانب الأميركي
الذي كان يضغط لتسريع العملية قبيل زيارة الرئيس دونالد ترامب المرتقبة للمنطقة.
وبرغم هذه المناورات، أصرّت كتائب القسام على ضمانات تتضمن وقف الطيران المسيّر
لمدة 8 ساعات على الأقل قبل التسليم، وهو ما حصل.
وأبلغت
حركة حماس، من جهتها، الوسطاء والجانب الأميركي أنها منفتحة على انطلاق مفاوضات
جديدة بشأن هدنة مؤقتة في قطاع غزة لكنها حذرت من أن تلك الخطوة لا يمكن أن تكون
بديلاً عن انخراط جدي في مفاوضات شاملة تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب
كامل من غزة ومعالجة ملف الأسرى. وأكد مصدر في الحركة لـ"العربي الجديد"
أن هناك عدة سيناريوهات مطروحة بشأن الهدنة من حيث مدتها: أحدها يمتد لـ40 يوماً،
وآخر لـ60، وثالث لـ90 يوماً، وجميعها تهدف لإتمام مفاوضات إنهاء الحرب، وليس مجرد
تبادل خطوات محدودة كما في الاتفاقات السابقة. كما يتضمن الاتفاق المرتقب إطلاق
سراح دفعة محدودة من الأسرى من الطرفين، ضمن ترتيبات جزئية تسبق الاتفاق الشامل.
وتعهد
ترامب، وفق المصدر الحمساوي، التزام واشنطن بدفع مسار التهدئة إلى الأمام، مع
تأكيدات متكررة على ضرورة إنهاء الحرب في أقرب وقت، في خطوة تُعد أول تدخل مباشر
له منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وفي
السياق، قال السفير الدكتور محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في
تصريحات ، إن المسار الذي ستتبعه واشنطن بعد هذه الزيارة سيحمل دلالات كبيرة، فإما
أن تسلك طريق التهدئة والتسوية السياسية بالاستماع إلى الرؤية العربية والدفع نحو
مسار تفاوضي ينهي الحرب في غزة وإما أن تواصل الانحياز غير المشروط للموقف
الإسرائيلي، وهو ما قد يقود إلى مزيد من العنف والاضطراب، ويضر بالمصالح الأميركية
والإقليمية معاً.