العدد 1652 /19-2-2025

تتعاظم أزمة الكهرباء رغم وقف إطلاق النار في قطاع غزة منذ نحو شهر، حيث لا يزال المواطن الفلسطيني يعاني من ضعف حاد في الخدمات، ومنها انقطاع تام للتيار الكهربائي وقلة البدائل الخاصة بتوفير الطاقة البديلة، ما يفاقم من تحديات الحياة اليومية للمواطنين المرهقين من حرب إبادة استمرت نحو 15 شهراً.

ولم تكن أزمة الكهرباء وليدة العدوان الإسرائيلي، بل سبقته بسنوات من الحصار والصراعات، تضررت إثرها شبكات توزيع الكهرباء ومحطة التوليد الوحيدة كثيراً، لتصل إلى الفلسطينيين ساعات محددة خلال اليوم، لكنهم اليوم بلا أي ساعة كهرباء واحدة.

ومع انطلاق شرارة الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قُطعَت كل خطوط الكهرباء الإسرائيلية، ودُمِّرَت البنية التحتية الكهربائية ليغرق القطاع من حينها في ظلام دامس، وسط انعدام حتى الحلول المؤقتة والبديلة.

ويعود تعقيد الأزمة المعيشية إلى إغلاق الاحتلال المعابر كافة، ومنع دخول الوقود والمولدات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والأسلاك وألواح الليدات (إضاءة صغيرة تستخدم بكثرة في غزة)، بهدف منع إيجاد البدائل الآنية، التي اختفت من الأسواق، فيما تُباع الكميات الشحيحة والمحدودة بأسعار فلكية، تصل إلى أكثر من عشرة أضعاف ثمنها.

دمار واسع لشبكات الكهرباء

وفقاً لشركة توزيع الكهرباء في غزة (شبه حكومية)، فإن الخسائر الأولية في المناطق التي تمكنت الطواقم من الوصول إليها بلغت 450 مليون دولار، في ظل دمار تجاوزت نسبته 80%.

وفي وقت سابق، قال مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء في غزة محمد ثابت لـ"العربي الجديد" إنّ 90% من مخازن شركة توزيع الكهرباء دُمِّرَت بشكل كامل وجزئي على امتداد فترات الحرب، بالإضافة إلى تدمير 70% من مباني الشركة ومرافقها كلياً وجزئياً خلال فترة الحرب الإسرائيلية على القطاع.

ولم تشهد أزمة الكهرباء أو الطاقة البديلة أي حلحلة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يتطلب إصلاح البنية التحتية والأعمدة والمحولات والمولدات موارد فنية ومادية كبيرة، ما يجعل استعادة الخدمة بشكل كامل أمراً بعيد المنال على المدى القريب، خصوصاً في ظل تعنت الاحتلال في إدخال الموارد الخاصة بتخفيف حدة الأزمة.

وتصل تكلفة المعدات نادرة الوجود إلى أثمان باهظة نتيجة للتضخم وندرة الموارد، ما يحول دون تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة، سواء على مستوى الأسر أو نقاط الشحن الصغيرة، الأمر الذي بات يخلق إشكالية كبيرة في شحن الهواتف والبطاريات الخاصة بالإنارة، كذلك يؤثر عدم القدرة على تشغيل مولدات الطاقة في رفع المياه، ما يزيد من عمق الأزمة.

عودة إلى استخدام الشمع

يوضح الفلسطيني عماد لولو أنه بات يشعر بإرهاق شديد جراء البحث المتواصل عن نقاط لشحن هاتفه وبطارية الإضاءة، جراء الانقطاع التام في الكهرباء والعطل الذي أصاب المولد الكهربائي الصغير الذي يمتلكه بفعل الاستخدام المتواصل.

ويشير إلى أن كل تلك الأسباب تسببت في عدم قدرته على الشحن في محيط سكنه، والاضطرار إلى البحث طويلا عن مكان للشحن، ويقول: "تتفاقم حدة الأزمة مع غياب الشمس، حيث تتوقف النقاط قليلة العدد عن العمل".

وتبين أبو ناجي أن انقطاع الكهرباء وانعدام البدائل أو غلاء أسعارها بشكل غير مسبوق نتيجة قلة العرض وكثرة الطلب بات يزيد من معاناتها اليومية، "هذا الأمر يزيد من ظلمة ووحشة ليالينا، ويشعرنا بالبرد الحقيقي، ويزيد من تعقيد حياتنا اليومية".

سوق سوداء للبدائل في غزة

ويلفت إلى الكميات الشحيحة المتوفرة في السوق السوداء بأسعار خرافية، تخطى فيها سعر اللوح الشمسي المتوسط حاجز الألف دولار، كذلك تضاعفت أسعار البطاريات والأسلاك ومختلف اللوازم المتعلقة بالطاقة البديلة، وهو أمر فاق قدرة المواطنين في ظل قدراتهم الاقتصادية المحدودة.

ويبين السوسي أن العقبة الأساسية أمام إنعاش الطاقة البديلة الكفيلة بالتخفيف من أزمة الكهرباء تتعلق بدخول المعدات والأدوات اللازمة بأسعار معقولة، حيث يزيد ارتفاع الأسعار وعدم توافر البدائل من تعقيد الأزمة.