العدد 1695 /24-12-2025

أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة نداء استغاثة استثنائياً من مجمّع الشفاء الطبي المدمّر بمدينة غزة شمالي القطاع، تنديداً بالانهيار غير المسبوق في أرصدة الدواء والمستلزمات الطبية، إذ بلغ ذلك مستويات كارثية تهدّد حياة عشرات آلاف الفلسطينيين، وسط إصرار الاحتلال الإسرائيلي على حصاره المشدّد حتى بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

في هذا الإطار، أُطلقت صفّارات الإنذار في إشارة رمزية إلى "حالة الخطر الشديد" في الأقسام الحيوية كافة، وقد دوّى الصوت في ساحات المستشفى ليحاكي حالة الفزع التي يعيشها المرضى والجرحى وذووهم مع فقدان أبسط مقوّمات العلاج. وعُلّقت لافتات على مركبات الإسعاف في مجمّع الشفاء الطبي، حيث أُطلق نداء الاستغاثة اليوم، تضمّنت تحذيرات من قبيل "منع الدواء قتل غير مباشر"، و"العجز الدوائي وصل إلى مستويات كارثية"، و"مرضى غزة محاصرون بلا علاج"، و"العمليات المُجَدْوَلة مهدّدة بالتوقّف"، و"كلّ تأخير هو قرار إعدام"، و"أوقفوا العقاب الجماعي بحقّ المرضى".

يُذكر أنّها ليست المرّة الأولى التي تُطلق فيها صفّارات مركبات الإسعاف في قطاع غزة لتوجيه نداء استغاثة بسبب التدهور في الأوضاع الإنسانية، بما ذلك الوضع الصحي وغير ذلك. وقد تكرّرت مثل هذه التحركات، حتى خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي استمرّت أكثر من عامَين منذ السابع من أكتوبر 2023.

وتسبّب النقص الحاد المسجَّل في أبرز مستشفيات مدينة غزة والقطاع ككلّ في تضرّر أقسام عدّة، الأمر الذي أدّى إلى توقّف شبه كامل للخدمات في قسم جراحة العظام، وإلى تقليص حاد في جلسات غسل الكلى، في حين نفدت أدوية السرطان وأمراض الدم، وخلت غرف العمليات من أدوية التخدير وقسم العناية المركزية من أنابيب أجهزة التنفّس الاصطناعي.

وفي مؤتمر صحافي عُقد في إطار فعالية اليوم، تحدّث مدير دائرة الصيدلة لدى وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة علاء حلس عن التدهور الخطر في الأدوية والمواد الخاصة بالمختبرات، مؤكّداً أنّ المنظومة الصحية في القطاع تشهد حالة من الاستنزاف الخطر وغير المسبوق بعد أكثر من عامَين من الحرب، وكذلك من الحصار المطبق الذي تسبّب في انخفاض أرصدة الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد المخبرية، بالإضافة إلى انخفاض القدرة على تقديم الخدمات التشخيصية كما العلاجية.

 

وبيّن حلس أنّ نسبة العجز في قائمة الأدوية الأساسية بلغت 52%، فيما بلغت النسبة 71% في قائمة المستلزمات الطبية، و73% في قائمة مواد الفحوص المخبرية الأساسية، و59% في قائمة مستلزمات الفحوص المخبرية عموماً. وأشار إلى أنّ العجز الدوائي الأبرز يُسجَّل في المحاليل الوريدية المنقذة للحياة، وكذلك في أدوية التخدير والمضادات الحيوية الوريدية والمسكّنات.

أضاف مدير دائرة الصيدلة لدى وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أنّ نسبة العجز في خدمات الطوارئ والعمليات والعناية المركّزة بلغت 38%، الأمر الذي يؤدّي إلى حرمان نحو 200 ألف مريض من خدمات الطوارئ و10 آلاف مريض من خدمات العمليات، و700 مريض من خدمات العناية المركّزة. أمّا نسبة العجز في قائمة الخدمات الخاصة بالأورام، فبلغت 70%، الأمر الذي من شأنه أن يحرم ألف مريض من تلقّيها، وبالتالي قد يؤدّي عدم استكمال البروتوكولات العلاجية إلى وفاة عدد من المرضى.

وتابع المتحدث نفسه أنّ 99% من العمليات الخاصة بالعظام متوقّفة، وفقاً لما جاء في البيان الذي تلاه اليوم. وأكمل أنّ نسبة العجز في قائمة خدمات الرعاية الأولية بلغت 62%، الأمر الذي قد يؤدّي إلى حرمان ما يزيد عن 288 ألف مريض منها. أمّا نسبة العجز في قائمة الخدمات الخاصة بالأم والطفل فبلغت 49%، وهو ما يؤدّي إلى حرمان 11 ألفاً و580 أمّاً وطفلاً من تلقّيها.

في السياق نفسه، بلغت نسبة العجز في خدمات الصحة النفسية 20%، الأمر الذي يحرم 14 ألفاً و379 مريضاً منها، بحسب حلس. وفي ما يتعلّق بنسبة العجز في أدوية العمليات التخصصية لمرضى العيون ومستلزماتها، فقد بلغت 91%، مع العلم أنّ خدمات القسطرة القلبية وعمليات القلب المفتوح توقّفت بالكامل. وشدّد على أنّ وزارة الصحة توجّه نداءها العاجل إلى كلّ الجهات المعنية لتؤدّي دورها الكامل في ظلّ المعطيات الخطرة المتزامنة مع استمرار تقليص عدد الشحنات الطبية الداخلة إلى قطاع غزة إلى ما دون 30% من الاحتياجات الشهرية، ومع عدم تلبية الأصناف الواردة الاحتياجات الفعلية لجهة النوع والكمية. وحذّر من أن أيّ تأخير أو مماطلة في تعزيز قوائم الدواء والمواد الخاصة بالمختبرات يضع مجمل الخدمات الصحية في مواقع متقدّمة تقرّب المرضى والمنظومة الصحية أكثر من الانهيار التام وشلل مجمل ما تبقّى من مستويات الرعاية الطبية.

وطالب مدير دائرة الصيدلة لدى وزارة الصحة في قطاع غزة، خلال تلاوة البيان، بالتدخّل العاجل لضمان وصول الإمدادات الطبية ومقوّمات تقديم الرعاية والضغط للسماح بإدخال الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الخاصة بالمختبرات بطريقة منتظمة إلى المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، بهدف إنقاذ حياة مئات من المرضى المحرومين من التشخيص والعلاج، وكذلك من السفر لاستكمال علاجهم خارج القطاع.