العدد 1650 /5-2-2025
وسام حجار
في لقاء إلكتروني نظمه الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين تحت عنوان
"طوفان الوعي ودور الأمة المنشود"، والذي شهد مشاركة أكثر من ألف شخصية
من قيادات وأبناء العمل الوطني والإسلامي المناصرين للقضية الفلسطينية من مختلف
أنحاء العالم، تحدث الأستاذ خالد مشعل، أحد أبرز قيادات حركة حماس، عن رؤية
استراتيجية شاملة لما بعد العدوان الأخير على غزة. قدّم مشعل خلال كلمته عشر نقاط
تمثل خارطة طريق واضحة المعالم للعمل الجاد والمستدام لنصرة غزة والقضية الفلسطينية.
هذه النقاط لم تقتصر على إعادة الإعمار فقط، بل امتدت لتشمل حماية المقدسات، تعزيز
الموقف الدولي، ومواجهة المخططات الصهيونية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وفيما يلي نلقي الضوء على هذه النقاط بشيء من التفصيل.
1.
واجب الإغاثة والإيواء العاجل
بدأ مشعل حديثه بالإشارة إلى أهمية تقديم
الإغاثة الفورية للعائلات الغزية التي فقدت منازلها وممتلكاتها نتيجة القصف الوحشي
الذي تعرضت له القطاع. أكد أن هذا الواجب ليس مجرد عمل إنساني، بل هو التزام ديني
وأخلاقي يفرضه الإسلام على كل قادر. آلاف العائلات أصبحت بلا مأوى وبلا موارد
أساسية، مما يستدعي تحركاً عاجلاً من الحكومات العربية والإسلامية، وكذلك المنظمات
الإنسانية الدولية، لتوفير الدعم السريع وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.
2. سهم العائلة الغزية (5000 دولار لكل عائلة)
اقترح
مشعل آلية عملية لدعم العائلات المتضررة، حيث دعا إلى تخصيص "سهم" قدره
5000 دولار لكل عائلة غزية. هذه الفكرة ليست مجرد فكرة اقتصادية، بل تعكس حساً
عميقاً بالمسؤولية الاجتماعية والتضامن مع الشعب الفلسطيني. المبلغ المقترح يمكن
أن يكون نقطة انطلاق لإعادة الحياة إلى طبيعتها، سواء من خلال توفير الاحتياجات
الأساسية أو المساهمة في جهود إعادة الإعمار. لتحقيق هذا الهدف، دعا مشعل إلى
تفعيل حملات التبرعات على المستوى العربي والإسلامي.
3.
الإعمار وإعادة البناء
شدد
مشعل على أن الإعمار ليس مجرد مشروع هندسي، بل هو قضية سياسية واستراتيجية. أكد
على ضرورة الشروع فوراً في إعادة بناء ما دمره العدوان، مع ضمان عدم السماح
للاحتلال الإسرائيلي بالتحكم في هذه العملية. إعادة الإعمار يجب أن تكون مقاومة
بحد ذاتها، بحيث يتم تنفيذها بأيدي فلسطينية وبتمويل عربي وإسلامي مستقل. لتحقيق
ذلك، دعا إلى التنسيق بين الدول الداعمة والمؤسسات المحلية لضمان التنفيذ السريع
والشفاف.
4.
حماية الأقصى والقدس والضفة الغربية المحتلة
لم
يقتصر حديث مشعل على غزة فقط، بل أشار إلى أهمية حماية المسجد الأقصى والقدس
والضفة الغربية من التوسع الاستيطاني والمخططات التهويدية. الأقصى هو قضية مركزية
للأمة الإسلامية، ويجب أن يكون محور اهتمام كل المسلمين. لذلك، دعا إلى تصعيد
الجهود الشعبية والرسمية لدعم صمود الفلسطينيين في هذه المناطق، ومواجهة أي
محاولات لتهجيرهم أو تغيير هويتهم.
5.
الوقوف ضد مخطط التهجير
تحدث
مشعل عن خطورة مخططات التهجير التي دعا إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي
تستهدف نقل الفلسطينيين إلى دول مثل مصر والأردن. التهجير ليس مجرد سياسة
استيطانية، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تفريغ الأرض من أصحابها
الشرعيين. لذلك، دعا إلى تعزيز الروابط الوطنية والدينية التي تربط الفلسطينيين
بأرضهم، وتكثيف الجهود القانونية والشعبية لمنع تنفيذ هذه المخططات شاكراً لكل من
الأردن ومصر رفضهما هذا المخطط التهجيري الخطير.
6.
مواجهة التطبيع والاختراق الصهيونيوصف مشعل التطبيع بأنه خيانة للقضية الفلسطينية،
ودعا إلى مواجهته بكل الوسائل المتاحة. التطبيع لا يخدم إلا الاحتلال، ويضعف
الموقف العربي والإسلامي. لذلك، أكد على أهمية توعية الشعوب بمخاطر التطبيع، وكشف
الوجه الحقيقي لهذا المشروع المشبوه. كما دعا إلى تعزيز الروابط بين الشعوب العربية
والإسلامية لخلق جبهة شعبية قوية ضد الاختراق الصهيوني.
7.
الملاحقة الدولية القانونية للكيان الصهيوني نظاماً وأفراداً
أكد
مشعل على أهمية استخدام القانون الدولي كأداة لمعاقبة الاحتلال الإسرائيلي على
جرائمه المستمرة. نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) الذي يمارسه الاحتلال يستحق
الملاحقة القضائية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. وأشار إلى دعوى جنوب
أفريقيا ضد الاحتلال كنموذج يمكن البناء عليه، داعياً إلى تشكيل فرق قانونية
متخصصة تعمل على تقديم ملفات قوية إلى المحاكم الدولية، بما يساهم في تجريم
الاحتلال وعزله دولياً.
8.
تحقيق المزيد من التعاطف والتأييد الدولي للقضية الفلسطينية
دعا
مشعل إلى توسيع دائرة التعاطف والتأييد الدولي مع القضية الفلسطينية. هذا يتطلب
حملات إعلامية ودبلوماسية فعالة تسلط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وتفضح
جرائم الاحتلال. كما أكد على أهمية تعزيز العلاقات مع الدول الصديقة التي تدعم
الحقوق الفلسطينية، والاستفادة من هذه العلاقات لتعزيز الموقف الفلسطيني على
الساحة الدولية.
9.
وضع برامج عملية تفصيلية لأخذ المواقع في معركة التحرير
أشار
مشعل إلى ضرورة وضع برامج عملية تفصيلية تهدف إلى تحقيق التحرير الكامل للأراضي
الفلسطينية. هذه البرامج يجب أن تشمل جميع المجالات، من التعليم والتدريب إلى
التخطيط الاقتصادي والاجتماعي. الهدف النهائي هو بناء قاعدة شعبية قوية قادرة على
تحمل المسؤولية في معركة التحرير وتحقيق ما تقدم من النقاط الثمانية السالفة الذكر
، وعاى الامة جمعاء أن تقف صفا واحدا في دعم أهلنا في غزة.
10.
تشكيل وتحريك وفود العلماء والقادة والزعماء السياسيين
أخيراً،
دعا مشعل إلى تشكيل وفود تضم العلماء والقادة والزعماء السياسيين لتحركات عالمية،
بهدف دعم صمود الشعب الفلسطيني ونقل رسالته إلى العالم. هذه الوفود يمكن أن تلعب
دوراً مهماً في تعزيز التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، وتوحيد الجهود لدعم
حقوق الشعب الفلسطيني حول العالم.
خاتمة
النقاط
العشر التي طرحها خالد مشعل تمثل خارطة طريق واضحة المعالم لنصرة غزة والقضية
الفلسطينية. هذه الخطة تتطلب عملاً جماعياً وتنسيقاً شاملاً بين جميع الأطراف
المعنية. القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية الأمة
الإسلامية بأسرها. ومن هنا، يجب أن يكون هناك إجماع عربي وإسلامي على دعم هذه
الخطة وتنفيذها، حتى نتمكن من تحقيق النصر والتحرير بإذن الله.
وسام حجار