العدد 1636 /30-10-2024
قالت ثلاثة مصادر
عراقية في بغداد، أحدها مسؤول بوزارة الدفاع، لـ"العربي الجديد"، إن
إسرائيل مارست خلال الأسابيع الماضية ضغوطاً وتدخلات واسعة في دول آسيوية
وأوروبية، لعرقلة إتمام صفقات وعقود أسلحة للعراق شملت منظومات صواريخ أرض- جو
ومنظومات استشعار مبكر ومعدات عسكرية مختلفة، كان أبرزها مع الجانب الفرنسي. وكانت
وزارة الدفاع العراقية قد قدّمت في يوليو/تموز الماضي توصية جديدة للحكومة بشأن
تطوير قدرات العراق في الرصد والتصدي، مع ارتفاع مؤشرات دخول البلاد ضمن خريطة
العدوان الإسرائيلي المتواصل في المنطقة. جاء ذلك خصوصاً بعد تبني فصائل مسلحة في
العراق استهداف مواقع للاحتلال في أم الرشراش (إيلات) فضلاً عن ضرب مواقع وقواعد
أميركية في سورية والعراق، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من جنود الاحتلال، كان آخرها
مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي، إذ قتل جنديان إسرائيليان وأصيب أكثر من 20 آخرين
بانفجار طائرة مسيّرة استهدفت قاعدة عسكرية شمالي الجولان السوري المحتل.
العراق في دائرة
التصعيد
بعد أسابيع قليلة من
اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، كشفت وثيقة
صادرة عن رئاسة أركان الجيش العراقي عن توجيهات عاجلة لوحدات وتشكيلات القوات
العراقية المشتركة، طالبتها بالتهيؤ بسبب "الأحداث الإقليمية". واشتملت
الوثيقة على "تهيئة المقرات البديلة وتفعيلها وتأمين الاتصالات، وتأمين
مستودعات مخازن العتاد والأسلحة، والتجهيزات". كما تضمنت "قيام قيادتي
القوة الجوية وطيران الجيش بنشر الطائرات بجميع أنواعها إلى القواعد الجوية وتأمين
الحماية اللازمة لها، بما لا يتعارض مع الواجبات التي تكلف بها مستقبلاً".
وخلال العام الحالي رصد العراق في موازنته المالية أكثر من 2.4 مليار دولار قيمة
أسلحة للعراق ومنظومات دفاع جوي، وافق عليها البرلمان ضمن موازنة العراق
الاتحادية، فيما منح وزارة الدفاع صلاحية التعاقد مع الدول لشراء أسلحة للعراق
وفقاً لمعايير التنافس مع ترسانة الأسلحة الموجودة بالمنطقة. غير أنه لغاية الآن
ورغم تبقي شهرين على نهاية العام 2024، بقي العراق دون تحقيق أي صفقات مهمة في
قطاع الدفاع والتسليح الجوي بهذا الإطار، رغم الاستعجال الواضح لدى المؤسسة
العسكرية العراقية للحصول على منظومات الدفاع الجوي على وجه التحديد.
وفي ديسمبر/كانون
الأول الماضي، بدأ العراق مفاوضات رسمية مع الجانب الفرنسي للحصول على منظومات
متطورة للدفاع الجوي والرادار. وتم عقد ثلاثة اجتماعات بين المسؤولين من البلدين،
لكن من دون نتائج، رغم تعهدات سابقة قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس
الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالمساعدة في تطوير قدرات العراق الذي لجأ إلى
فرنسا بسبب العقوبات الأميركية على روسيا والصين. عضو تحالف "الإطار
التنسيقي" الحاكم في العراق، والنائب في البرلمان، معين الكاظمي، قال
لـ"العربي الجديد"، إن "الكيان الصهيوني مارس عمليات ضغط خلال
الأشهر الماضية، لمنع امتلاك العراق منظومة الدفاع الجوي المتطورة، ونعتبر أن الولايات
المتحدة شريكة له في هذا السياق". وأضاف أن هناك "محاولة لجعل الأجواء
العراقية مفتوحة للعدوان، لكن الحكومة العراقية تتقدم في هذا الملف، والمرحلة
المقبلة قد تشهد وصول ما اتفق عليه العراق مع شركات تسليح دولية، خصوصاً من كوريا
الجنوبية".
أسلحة للعراق من كوريا
الجنوبية
كشفت قيادة الجيش
العراقي، في سبتمبر/أيلول الماضي، تفاصيل صفقة لشراء منظومة دفاع جوي من كوريا
الجنوبية. وقال قائد الدفاع الجوي العراقي مهند غالب الأسدي، في ذلك الوقت، إن
منظومة صواريخ أرض-جو متوسطة المدى نوع "أم-سام"
(M-SAM) المتعاقد عليها أخيراً هي منظومة متقدمة
جداً، مشيراً إلى أن العراق توصل إلى "اتفاق بناء مع شركة إيلاجي الكورية
وحكومة جمهورية كوريا الجنوبية لشراء عدد منها، لحماية الأجواء العراقية".
وأضاف الأسدي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) حينها، أنه "من
المقرر وصول هذه البطاريات إلى العراق تباعاً على مدى السنوات المقبلة".
وأشار الأسدي إلى أن أول بطارية صواريخ ستصل العام المقبل ليبدأ تدريب الكوادر
العراقية القتالية والفنية من مهندسين وفنيين عليها، في الشهر الرابع أو السادس من
السنة المقبلة بكوريا الجنوبية. وأوضح أن "الكادر المتخصص بتلك البطاريات
سيكون عراقياً، أي أن استعمال التعبئة والاستخدام التعبوي للبطاريات والكادر
الهندسي هو فني عراقي، وستستمر فترة تدريبهم 4-8 أشهر حسب كل اختصاص". وأكد
أن "هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها إلى العراق منظومة بطاريات جاهزة
لتدخل مسرح العمليات وتدافع عن العراق وأجوائه".
وبشأن توريد أسلحة
للعراق أوضح نائب عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن
"الدول الرئيسة المستهدفة بشراء منظومات الدفاع الجوي، وهي فرنسا وإيطاليا
وألمانيا، وصلت المساعي معها إلى طريق مسدود رغم وجود تفاهمات منذ العام الماضي
حول التعاون في مجال التسليح". وأضاف أن "كوريا الجنوبية ستزود العراق
بمنظومات دفاع جوي، لكنها ورغم استعجال العراق، لن تسلمه الجزء الأول من الصفقة
إلا في العام المقبل، وهي منظومات غير متطورة مقارنة بالموجودة في دول المنطقة".
من جهته اتهم عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، وعد القدو، الولايات المتحدة
الأميركية "بمنع استيراد بعض الصواريخ المضادة للطائرات، وهو ما يشكل عائقاً
كبيراً أمام العراق"، مضيفاً وفق تصريح أوردته صحيفة العالم الجديد العراقية،
الخميس الماضي، أن "المعوّق الأول هو الولايات المتحدة الأميركية" في
ملف تسليح العراق.