العدد 1608 /3-4-2024
عبد الله الشايجي
صعّد نتنياهو الأسبوع
الماضي بخطوات غير محسوبة العواقب، تؤكد تخبطه وتهوره للبقاء في السلطة على حساب
حتى مصالح كيانه المحتل. ليؤخر مستقبله المحتوم، حتى لا يشهد محاكمته على الجرائم
الجنائية قبل طوفان الأقصى بالفشل الأمني والعسكري والاستخباري، ولاحقا سوء إدارة
الحرب وارتكاب جرائم حرب وحرب إبادة وحرب ضد الإنسانية على سكان غزة، الملاحقين
والنازحين والنازفين والمحاصرين والجائعين، وينتهي سياسيا.
برغم تحذير الأمم
المتحدة والمنظمات الدولية ووكالة الأونروا التي شيطنها نتنياهو ـ من خطر المجاعة_
بحصار إسرائيل الظالم ومنع دخول المساعدات، ومهادنة إدارة بايدن والدول الفاعلة
بدل الضغط لإجبار إسرائيل على رفع الحصار وإدخال المساعدات الضرورية لإنقاذ
المدنيين المحاصرين، يستمر نتنياهو بعناده!
وبرغم خضوعه الأسبوع
الماضي لعملية جراحية ـ نفذ عمليتين خطيرتين بتداعيات خطيرة ليس على حرب الإبادة
على غزة-، ولكن تهددان بتوسيع نطاق الحرب وتمددها لحرب إقليمية.
الأولى: بسبب تهور
نتنياهو وتصعيده ضد إيران، يترقب كيان الاحتلال ومعه الولايات المتحدة والمنطقة ما
تسربه الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية عن رد إيراني عسكري انتقامي واسع،
ومتعدد الجبهات بالمسيرات والصواريخ البالستية يشنه الحرس الثوري الإيراني ـ بعد
تهديدات المرشد الأعلى بخطبه وبتغريدة له بالعبرية «سنجعل الصهاينة يندمون على
جريمة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ومثيلاتها، بحول من الله وقوة»!
وتهديدات الرئيس الإيراني وقيادات الحرس الثوري! ردا على اعتداء قصف القنصلية
الإيرانية في قلب العاصمة دمشق المكتظ بالسكان، ومقتل قيادات في الحرس الثوري أدت
إلى مقتل الجنرال محمد رضا زاهدي ونائبه و14 آخرين، بينهم 5 مستشارين عسكريين في
الحرس الثوري، وكان زاهدي أرفع قيادي تغتاله إسرائيل في الحرس الثوري، منذ اغتيال
ترامب قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي العراقي في مطار
بغداد في كانون الثاني/يناير 2020، في اعتداء سافر على سيادة سوريا وإيران بصواريخ
مقاتلات F-35 الأكثر
تطورا على مبنى القنصلية الإيران، متجاوزة الخطوط الحمراء وتحويل حرب الظل
وبالوكالة مع إيران إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران على أرض عربية، ما يدفع
المنطقة نحو المجهول حيث يحبس الجميع أنفاسه بانتظار تنفيذ إيران تهديد قياداتها
العليا بالرد الانتقامي على العدوان الإسرائيلي المباشر.
صعّد نتنياهو الأسبوع
الماضي بخطوات غير محسوبة العواقب، تؤكد تخبطه وتهوره للبقاء في السلطة على حساب
حتى مصالح كيانه المحتل.
التهور الثاني: تمثل
باستهداف قوات الاحتلال موكب جمعية المطبخ المركز العالمي الخيرية التطوعية وتوزيع
وجبات الطعام على أهالي غزة من المساعدات التي تصل إلى غزة عن طريق البحر في شمال
القطاع، حيث قصفت المسيرات المسلحة ـ ثلاث عربات «جيب» للجمعية، برغم علم القيادة
العسكرية بمهمة الجمعية توزيع وجبات الطعام، وتسببت بمقتل 7 من عمال الإغاثة
المتطوعين وأمنيين يرافقونهم من جنسيات أجنبية، بينهم ثلاثة مواطنين بريطانيين ـ
وأمريكي ـ وكندي وأسترالية وبولندي وفلسطيني. وذلك أحدث ردة فعل وحالة غضب من
حلفاء إسرائيل ومطالبات بالتحقيق ودفع تعويضات وعقاب المتسببين، واتصال مسؤولين
بنتنياهو وتوبيخه من الرئيس بايدن، ولأول مرة تلويح بريطانيا بوقف التسويف وقتل
الأبرياء، وإلا ستغير الولايات المتحدة موقفها من إسرائيل، ولوح بوقف شحنات السلاح.
فيما هددت بريطانيا
بإعلان إسرائيل تخرق القانون الدولي الإنساني! خاصة بعد تحذير ثلاثة قضاة في
المحكمة العليا البريطانية سابقين بينهم رئيستها السابقة الليدي هايل، ومعهم أكثر
من 600 قاض ومحام وأكاديمي بارزين متقاعدين، نقلوا تحذيرا إلى رئيس الوزراء
البريطاني سوناك أن بريطانيا تنتهك القانون الدولي بمواصلة تسليح إسرائيل، ويجب
وقف الحرب على غزة فورا! وإلا تعدّ بريطانيا متواطئة مع إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.
التهور الثالث: حالة
الصدمة بعد اكتشاف 300 جثة بعضها متحلل ودمار هائل متعمد وممنهج، بعد أسبوعين من
احتلال وتنكيل جيش الاحتلال لمجمع الشفاء الطبي كبرى المستشفيات في قطاع غزة، ما
يكشف حجم الخرق الصارخ للقانون الدولي، الذي لا يزال البعض يشكك بأن إسرائيل
ترتكبه يشكل متعمد وبلا رادع بسبب الغطاء الذي توفره الدول الفاعلة، وعلى رأسها
الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب!
التهور الرابع: إعلان
نتنياهو أن قناة الجزيرة، التي تنشر مقاطع فيديو لعمليات المقاومة، قناة إرهابية،
والمصادقة على قانون في الكنسيت الإسرائيلي بوقف عمل قناة الجزيرة في إسرائيل،
وتفاخر نتنياهو أن «قناة الجزيرة الإرهابية لن تبث بعد اليوم، وحان الوقت لطرد بوق
حماس». ما يجعل سلوك إسرائيل شبيها بسلوك الدول القمعية الديكتاتورية، ترفض الرأي
الآخر! وهو شعار قناة «الجزيرة» التي تعمل بمهنية.
والأخطر أن سلوك إسرائيل
العدواني بات يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، وحتى مصالح أمريكا في المنطقة.
واحتواء توسيع رقعة الحرب التي سعت إدارة بايدن لمنعها منذ بداية حرب الإبادة بفتح
جبهات لبنان وسوريا والعراق واليمن، وصولا لإيران وأذرعها في تلك الدول، وخاصة بعد
شن جماعة الحوثيين هجمات على السفن وناقلات النفط وصلت إلى إيلات، وشن المقاومة
الإسلامية في العراق 160 هجوما على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا والأردن،
أودت بحياة 3 جنود أمريكيين بمسيرة انتحارية. ردت الولايات المتحدة بقصف 85 موقعا
عسكريا بضربات انتقامية، واغتيال قيادي من كتائب حزب الله في بغداد، ليتم التوصل
بعد ذلك لاتفاق مع إيران لوقف هجمات كتائب حزب الله ضد القوات الأمريكية في
المنطقة. ولم تقع هجمات ضد القوات الأمريكية منذ اتفاق وقف الهجمات.
نتيجة لتهور وغطرسة
نتنياهو -العقبة أمام وقف الحرب، وأسوأ رئيس وزراء بتاريخ الاحتلال-، جعل إسرائيل
تواجه العالم وحيدة، خاصة بعد الغضب والانتقادات والاصطفاف الغربي، وتبني مجلس
حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.