العدد 1657 /26-3-2025
شهدت الساعات
الأخيرة ارتفاع مستوى تصعيد إسرائيل في غزة في إطار العملية العسكرية التي أطلقها
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أعقاب تفجر اتفاق وقف إطلاق النار، بذريعة عدم
تعاطي "حماس" مع مقترح المبعوث الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط ستيف
ويتكوف، وهو ما تنفيه الحركة.
ووسع الاحتلال
الإسرائيلي من عدوانه، حيث أطلق عملية برية في مدينة بيت حانون وأطراف مدينة بيت
لاهيا شمالي القطاع، وأخرى مماثلة في حيّ تل السلطان غربي مدينة رفح جنوبي القطاع،
في وقت ينفذ فيه عمليات قصف جوي واسعة النطاق، مستهدفاً كل المناطق، وعمليات
اغتيال أدى أحدثها فجر أمس الأحد إلى استشهاد عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح
البردويل وزوجته.
ووفقاً لإحصائية
وزارة الصحة في غزة، فإنه منذ تصعيد إسرائيل في غزة الثلاثاء الماضي، سقط نحو 673
شهيداً، و1233 جريحاً، فيما ارتفعت الحصيلة الإجمالية منذ السابع من أكتوبر/تشرين
الأول 2023 إلى 50021 شهيداً ونحو 113300 جريح. وتحدثت مصادر محلية لـ"العربي
الجديد" عن الواقع الصعب الذي عايشه المدنيون من مدينة رفح، بعدما أعلن
الاحتلال تنفيذ عملية عسكرية بشكل مباغت ومفاجئ دون أن يسمح للعائلات بالنزوح بشكل
اعتيادي. وبحسب المصادر، فإن الاحتلال وضع نقطة فرز عسكرية يستهدف من خلالها تنفيذ
عمليات اعتقال واسعة، عبر فصل الرجال عن النساء، وسط عمليات تنكيل واسعة في صفوف
الفلسطينيين.
وأشارت المصادر
وشهود عيان إلى أن الاحتلال نفذ عمليات إعدام ميدانية، سواء عبر قواته التي بدأت
تنفيذ العملية البرية أو من خلال الطائرات المسيّرة التي تستهدف أي تحرك على
الأرض، وخصوصاً مستخدمي السيارات، التي منع الاحتلال تحركها في منطقة عملياته
البرية، فيما لا تتوافر حتى اللحظة أي إحصائيات لعدد الشهداء الذين سقطوا بفعل
العملية العسكرية في رفح، التي حولت المدينة الحدودية مع مصر إلى منطقة عسكرية
مغلقة.
وحذرت المديرية
العامة للدفاع المدني بقطاع غزة، في بيان، من خطر محدق يهدد أرواح ما يزيد على 50
ألف مواطن في منطقة البركسات غربي محافظة رفح، بعد محاصرتهم من قبل قوات الاحتلال
الإسرائيلي. وربط بعض الفلسطينيين العمليات العسكرية الإسرائيلية الجديدة، التي
يقال إنها للضغط التفاوضي، بمخططات التهجير، ولا سيما بعد إعلان وزير الأمن
يسرائيل كاتس تفعيل دائرة الهجرة التي تستهدف تهجير الفلسطينيين الراغبين في
الانتقال من القطاع نحو الخارج، في سياق رغبة اليمين الديني القومي وأعضاء
الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكان
غزة "طوعياً" بعد فشل التهجير الاجباري بالقوة النارية والتصعيد.
أهداف تصعيد إسرائيل في غزة
وقال الكاتب
والمحلل السياسي إياد القرا، إن كل ما يحدث هو في سياق محاولة إسرائيل في الإطار
العام تطبيق سياسة التهجير والقتل في قطاع غزة، فيما تستخدم هذه السياسة ضمن سياق
تفاوضي. وأوضح القرا، لـ"العربي الجديد"، أن سياسة القتل والتهجير
تستخدم كأداة ضغط في عملية التفاوض حتى يحصل نتنياهو على ما يريده من إنجازات ضمن
الصفقة دون دفع الثمن، سواء بالذهاب إلى المرحلة الثانية، أو استكمال باقي الصفقة.
وتابع أن ما يجري يقرأ في سياق الضغط على المقاومة، حيث إن أسلوب التدرج في عملية
الضغط نابع من اعتقاد إسرائيلي أنه كلما زاد الضغط أكثر، فإنه سيجبر حركة حماس على
التعاطي مع طرح ويتكوف الذي هو بالأساس طرح إسرائيلي.
ويأتي تصعيد
إسرائيل في غزة في إطار خطة التهجير التي تتبناها حكومة نتنياهو، لكن الرفض
الفلسطيني والموقف العربي وعدم وجود دول تتعاطى مع هذه المقترحات، يصعب حتى الآن
تنفيذها، وفق الفرا الذي لفت إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن جزءاً مما يقوم به
نتنياهو متعلق بالحالة الداخلية، والخلافات داخل الاحتلال، وبالتالي هي تتفهم ما
يقوم به، ولو على حساب الدم الفلسطيني أو التدمير، إلا أنها لن تتعاطى مع عودة
الحرب بالوتيرة السابقة نفسها لاعتبارات مصلحية بعيدة كل البعد عن الشعب الفلسطيني.
ثلاثة أهداف
إلى ذلك، رأى
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، حسام الدجني، أن تصعيد إسرائيل في
غزة استجابة لثلاثة أهداف: الأول تمرير قانون الموازنة عبر رشوة سياسية قدمها
نتنياهو إلى إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. والثاني مزيد من القتل والانتقام
للتمهيد لمشروع التهجير. أما الثالث، فهو الضغط على المفاوضات لإبقائها ضمن سياق
المرحلة الأولى.
وقال الدجني،
لـ"العربي الجديد"، إن نتنياهو يريد لاتفاق وقف إطلاق النار أن يراوح في
المسار نفسه للمرحلة الأولى دون الذهاب بعيداً نحو وقف إطلاق نار شامل أو تحقيق
الانسحاب الكامل من قطاع غزة. وأعرب عن اعتقاده أن تعاطي الفلسطينيين مع مسار
العملية العسكرية الإسرائيلية يتطلب وحدة موقف، ومزيداً من العمل الدبلوماسي
والإعلامي لتحريك العالم ضد المخططات الإسرائيلية ومزيد من الثبات والصمود،
والتمسك باتفاق وقف إطلاق النار، الذي اكتسب شرعية دولية بعد قرار مجلس الأمن
بخصوصه.