العدد 1651 /12-2-2025
حسان قطب
اندحار نظام الاسد وديكتاتور سوريا بشار الاسد،
وفراره الى روسيا، ادخل سوريا والمنطقة في مرحلة جديدة، حيث عادت الحيوية الى دمشق
عاصمة الامويين والسوريين، وتقاطرت الوفود الاقليمية والدولية، اما للاستطلاع والتحقق
من طبيعة النظام الجديد في سوريا، وإما لتقديم المساعدة وفتح صفحة جديدة من
العلاقات تقوم على حماية المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات الثنائية، وتطوير
التعاون المشترك، وتبادل الخبرات وتثبيت الاستقرار، ووقف التدخلات الخارجية في
شؤون الدول المجاورة واحترام سيادة كل دولة من دول الجوار.. وفوق كل هذا ضبط
الحدود ووقف تهريب المخدرات..ومنع صناعة المخدرات التي ارسى صناعتها نظام الاسد
وحلفائه الاقليميين..
المرحلة السابقة التي طبعت نظام الاسد الاب وصولا
الى الابن، هو لعب دور اقليمي يستند الى التلاعب بالامن الاقليمي وزعزعة الاستقرار
اقليمياً وخاصةً دول الجوار، من خلال دعم الميليشيات وتمويل المجموعات المسلحة
التي ترعاها ايران ويحميها نظام الاسد..وابتزاز شعوب المنطقة برفع راية تحالف
الاقليات واثارة الفتن والقلائل، والحرب الاهلية اللبنانية كانت المثال الابرز،
وكذلك الحرب على منظمة التحرير الفلسطينية وشق صفوفها، وابتداع المجموعات
التصحيحية والطلائع وغيرها من المسميات..
انطلاق الثورة السورية عام 2011، كان مؤشراً على
ارتفاع منسوب غضب الشعب السوري، وفقدانه للصبر على تحمل جرائم ونزوات هذا النظام،
واصراره على تحويل سوريا الى ساحة تصفية حساب وتهديد امن الجوار، من لبنان الى
الاردن ودول الخليج العربي التي كانت بيت القصيد ضمن مشروع ايران لزعزعة الاستقرار
في العالم العربي والاسلامي..
قلق ايران من نهضة الشعب السوري واقتلاع نظام
الاسد من سوريا وضرب مشروعها التوسعي في العالم العربي، دفعها للتدخل مباشرة ومن
خلال اداوتها التنفيذية في دول المنطقة والى تجييش المشاعر الدينية المذهبية،
واعتبار ان معركة سوريا هي معركة بين الحق والباطل كما قال مرشد ايران
(الخامنئي).. واستنبطت لذلك مفردات التكفيريين والمتشددين والمتطرفين وغيرها..
للتعمية على والتضليل.. فشلت ايران في احتواء ثورة الشعب السوري فكان لا بد من
الاسيتعانة بمن يشاركها العداء والمصالح والطموحات، فكان التدخل الروسي الى جانب
ايران ومنظومتها بعد ان اقنع الرئيس الايراني روحاني الرئيس الروسي بوتين بالتدخل
الى جانب ايران لمساعدة الاسد ومنع سقوطه، وهذا بحسب ما نشرته مجلة «آكاهي نو»،
المحسوبة على التيار الإصلاحي.. والرواية تتجاهل دور قاسم سليماني في اقناع الرئيس
الروسي بحسب رواية سابقة ذكرها الامين العام الراحل لحزب الله حسن نصرالله..
التدخل الايراني – الروسي، في سوريا لم يحفظ نظام
الاسد، بل زاد من منسوب العداء لدى الشعب العربي والاسلامي، لايران وروسيا، نتيجة
الممارسات المفجعة والقتل العشوائي والتدمير المنهجي والتهجير القسري للشعب السوري
من بلداته وقراه ومدنه بهدف فرض التغيير الديموغرافي وتثبيت هيمنة روسيا وايران
على سوريا والاستيلاء على ثرواتها، وبالتالي العبث بالاستقرار بدول المنطقة بحكم
موقع سوريا من قلب العالم العربي.. روسيا اقامت قاعدتين عسكريتين في سوريا.. قاعدة
جوية في حميميم، وقاعدة بحرية في طرطوس، وايران انشأت اكثر من 82 فصيلا مسلحا
تابعا لها الى جانب ميليشيات الحقد التي استقدمتها من مختلف دول العالم.. لقمع
الشعب السوري..وكلفة التدخل الايراني في سوريا كانت باهظة جداً.. (في شهرأب /اغسطس من عام 2023.. كشفت وثيقة
حكومية مصنفة "سرية" صادرة عن الرئاسة الإيرانية أن طهران أنفقت 50
مليار دولار على الحرب في سوريا، وتعتبرها "ديونا" تريد استعادتها على
شكل استثمارات ونقل للفوسفات والنفط والموارد الأخرى من سوريا إلى
إيران..)...والبعض يعتبر ان هذا الرقم غير دقيق بل ان كلفة التدخل تجاوزت 100
مليار دولار.. والاهم هو خسارة المشروع التوسعي وانكشاف المشروع الديني لايران..
ومع ذلك سقط نظام الاسد ونجحت ثورة الشعب السوري
في تغيير الواقع المشؤوم، وتحررت سوريا وشعبها.. وبدات روسيا وايران في مراجعة
حصاد ما تم زرعه، من ارهاب وقتل وتدمير وعداء وتلاعب بالديموغرافيا السورية.. حيث
وفي رده على بوتين كما ذكرت المجلة الايرانية..قال روحاني: «سوريا دولة متعددة
الطوائف، والانقسام الرئيس فيها بين العلويين والسنة... حزب (البعث السوري) يتمتع
بطابع علماني، ولا يكترث كثيراً بالحريات الاجتماعية». وختم بالقول: «في هذه
الظروف، الأسد هو الوحيد القادر على الحفاظ على وحدة سوريا، ولا يوجد بديل له»...
روسيا اخذت زمام المبادرة وبدات بفتح قنوات تواصل
مع الادارة السورية، وزيارة نائب وزير الخارجية الروسية، (بوغدانوف).. الى دمشق
كانت مثمرة بحسب التقييم الروسي للزيارة، ووعدت روسيا بفتح صفحة جديدة من العلاقات
والمساعدة في اعادة الاعمار ومساعدة الشعب السوري على استعادة استقراره، وفتحت باب
التفاوض على مستقبل القواعد الروسية في سورية..
مشكلة ايران، ان مشروعها الديني استدعى منها
استخدام مفردات دينية ومصطلحات تكفيرية، واتهامات تقود الى القطيعة الكاملة، لذلك
يرى المراقبون ان هناك عوائق بالغة في ترميم العلاقة بين سوريا وايران.. ومع ذلك
فإن ايران المربكة تحاول ان تفتح ثغرة في جدار العلاقة مع القيادة السورية فتم
تكليف لجنة من الاعلاميين والدبلوماسيين السابقين ومن بينهم من هو لبناني، للتواصل
مع بعض القوى الاسلامية التي تربطها علاقة مع الادارة السورية حتى ان الرئيس
ميقاتي عندما زار سوريا والتقى الرئيس السوري احمد الشرع طرح عليه القبول بالتواصل
مع حزب الله وايران فكان الجواب بالرفض..
مشكلة ايران وحزب الله، انهم يستجدون وساطة واتصال
وتواصل وفي نفس الوقت فإن وسائل اعلامهم تعلن الحرب الاعلامية وشبه عسكرية على
الحدود الشمالية الشرقية، مع سوريا تحت مسمى العشائر، واثارة النعرات الطائفية ..
لتجييش البيئة الحاضنة لحزب الله.. والحرس الثوري الايراني يهدد ويتوعد بالعودة
الى سوريا.. واعادة النظام السابق تحت مسمى محور المقاومة.. والجهات التركية
الرسمية حذرت الرئيس السوري احمد الشرع من الذهاب الى العراق لحضور القمة المفترضة
خوفا من محاولة اغتيالة نتيجة مؤامرة يديرها الحرس الثوري الايراني..
ايران ومحورها المربك، يعاني من انفصام في التعامل
مع الشأن السوري.. وعليه ان يحدد ما الذي يريده.. المزيد من الشعارات المعادية او
التواصل الى تفاهم وفتح صفحة جديدة على قاعدة الاعتذار ودفع التعويضات لضحايا
العدوان الايراني الذي امتد لاكثر من عقدٍ من الزمن.. وهذا ما فعلته روسيا عندما
اعلنت عن استعدادها للمساهمة في اعادة اعمار ما دمرته آلتها العسكرية..
حسان القطب