العدد 1650 /5-2-2025
حسان القطب




لاكثر من نصف قرن، من حكم عائلة الاسد للدولة والشعب السوري، بدت سوريا على انها عبء على الشعب العربي والاسلامي، وكان دور النظام ان يكون خنجراً مسموماً في ظهر الامة، من معارك ايلول عام 1970 في الاردن، الى التدخل في الشأن اللبناني وتأجيج الحرب الاهلية في لبنان بين المسلمين والمسيحيين تحت عنوان فلسطين، والخلاف بين اللبنانيين على اهمية واحقية احتضان الشعب الفلسطيني ونصرته ام تجاهله وعدم الوقوف الى جانبه.. وساهم نظام الاسد في حرب المخيمات ضد الشعب الفلسطيني في لبنان والتي قادها نبيه بري خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، وزادت هذه الحرب من عمق الانقسام اللبناني الطائفي والمذهبي، ثم حاول النظام السوري، التلاعب بموازين القوى والتوازنات بين المكونات اللبنانية، فأبعد المسلمين عن الواجهة  السياسية، ورسم التفاهم الثلاثي، الذي رعاه في دمشق عام 1986، نبيه بري ووليد جنبلاط، وايلي حبيقة.. متجاهلاً حضور ودور واهمية المكون المسلم والاسلامي في لبنان.. وفشلت المحاولة نتيجة انقلاب سمير جعجع على ايلي حبيقة والاطاحة به من قيادة القوات اللبنانية، وبالتالي دفن الاتفاق الى غير رجعة..

ووقف نظام الاسد، الى جانب ايران في حرب الخليج الاولى بين العراق وايران، واطاح بالشعارات العروبية والعربية..(امة عربية واحدة).. وجعل من سوريا قاعدة خلفية، لايران في المنطقة، لتطويق العراق، والتدخل في لبنان، والتلاعب بالقضية والشأن الفلسطيني.. ولم يفتح الاسد الاب والابن، اية ثغرة في جبهة الجولان المحتل لتطوير اي عمل مسلح لتحرير الجولان المحتل من قبل اسرائيل منذ العام 1967..، واستثمر هذا النظام ايضا في الازمة الكردية في تركيا بفتح معسكرات تدريب وتسليح في البقاع اللبناني، لاثارة الصراعات في تركيا، والملف الكردي لا زال مفتوحا حتى الان في تركيا كما في سوريا.. بالرغم من ان الاسد الاب كما الابن لم يحترما المكون الكردي بحرمانه من الجنسية السورية، ومن تبوأ المواقع السياسية والادارية وحتى العسكرية في سوريا..

ثم توج الاسد الابن هذا الدور بانتاج المخدرات على انواعها والسماح بتهريبها الى الدول العربية لافساد شبابها ومجتمعاتها وكذلك المجتمع السوري، وسمح لايران بالتلاعب بالديموغرافيا السورية، وزرع افكار مضللة وضلالية في البيئة السورية، بهدف تغيير ثقافة المجتمع لغوياً وثقافياً ودينياً بالتعاون مع روسيا التي استخدمت كل مل تملك من سلاح لضرب الشعب السوري وتدمير مدنه وقراه وتهجير الشعب السوري، وجعله نازحاً في الداخل ولاجئاً في الخارج.. ويكفي ان ابتلعت شواطيء البحر المتوسط الآلاف من ابناء الشعب السوري، الذين كانوا يحاولون الهجرة واللجوء الى اي بلد.. مهما كان اسمه او شكله..

اليوم بعد انتصار الثورة السورية والشعب السوري، بدأ المشهد يتغير بشكلٍ مميز، ويمكن وصفه بالتالي:

-          استراتيجياً انتهى البعد الاستراتيجي لمشروع التوسع الايراني في المنطقة على حساب شعوبها ومصالحه واستقرارها.

-          وقف التلاعب بالاختلافات الدينية والمذهبية بين المكونات السورية

-          التطلع الى بناء دولة المواطنة التي تضم وتحترم الجميع دون استثناء

-          وقف التجنيد الاجباري الذي كان يستخدمه النظام السابق لمحاربة الشعب السوري بابنائه..

-          التوقف عن لعب دور اقليمي مسيء لسوريا ولاستقرار دول المنطقة

-          فتح علاقات مميزة ومتوازنة ووازنة مع الدول العربية وتركيا

-          العودة الى الحضن العربي والاسلامي الذي حاول النظام السابق وحلفاؤه ابعاده عنه

-          التطلع الى تأمين الاستقرار السياسي والامني على كامل الاراضي السورية

-          بناء علاقات حسن جوار مع الدول الشقيقة وخاصة لبنان والاردن والشعب الفلسطيني

-          فتح ملف الاتفاقات المعقودة مع روسيا خلال عهد النظام البائد

-          اعتقال ومحاكمة مجرمي العهد البائد على ما ارتكبوه من جرائم

-          مطالبة روسيا بتعويضات و الانخراط في ملف اعادة اعمار سوريا بعد ان ساهمت في تدميرها..

-          ابعاد ايران عن الساحة السورية والغاء امتيازاتها على الاراضي السورية

-          العودة العربي والاسلامية الى سوريا بوتيرة سريعة ومدروسة

-          الاهتمام العربي والدولي باحتضان الشعب السوري وادارته الجديدة والمساهمة في اعادة الاعمار والبناء..

الخلاصة..

الدور السوري الجديد في الداخل السوري يؤشر الى ان علاقة الادارة الجديدة في سوريا مع الشعب السوري تقوم على احترام المعتقدات والهوية الانسانية تحت سقف المواطنة واحترام الحقوق االانسانية والالتزام بالقانون الذي يحمي مصالح جميع المواطنين..ولكن يجب الانتباه الى ان ايران لا زالت تحاول التدخل وتصريحات الحرس الثوري واتباعه في لبنان من اعلاميين وسياسيين يروجون لاحتمال اندلاع صراعت او بث اخبار كاذبة كما اعتادوا طوال سنوات بل قرون من الزمن...